عرض وقفة تذكر واعتبار

  • ﴿وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴿٧١﴾    [الزمر   آية:٧١]
{ وَسِیقَ ٱلَّذِینَ ٱتَّقَوۡا۟ رَبَّهُمۡ إِلَى ٱلۡجَنَّةِ زُمَرًاۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَاۤءُوهَا وَفُتِحَتۡ أَبۡوَ ٰ⁠بُهَا وَقَالَ لَهُمۡ خَزَنَتُهَا سَلَـٰمٌ عَلَیۡكُمۡ طِبۡتُمۡ فَٱدۡخُلُوهَا خَـٰلِدِینَ (٧٣)} [الزمر ٧٣] الوقفة الأولى : قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وفُتِحَتْ أبْوابُها﴾ فَإنْ قِيلَ: قالَ أهْلَ النّارِ: فُتِحَتْ أبْوابُها، بِغَيْرِ الواوِ، وقالَ هاهُنا بِالواوِ فَما الفَرْقُ؟ قُلْنا: الفَرْقُ أنَّ أبْوابَ جَهَنَّمَ لا تُفْتَحُ إلّا عِنْدَ دُخُولِ أهْلِها فِيها، فَأمّا أبْوابُ الجَنَّةِ فَفَتْحُها يَكُونُ مُتَقَدِّمًا عَلى وُصُولِهِمْ إلَيْها بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: ﴿جَنّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الأبْوابُ﴾ [ص: ٥٠] فَلِذَلِكَ جِيءَ بِالواوِ، كَأنَّهُ قِيلَ: حَتّى إذا جاءُوها وقَدْ فُتِحَتْ أبْوابُها. وقيل : لِأنَّ أبْوابَ السُّجُونِ مُغْلَقَةٌ إلى أنْ يَجِيئَها صاحِبُ الجَرِيمَةِ فَتُفْتَحُ لَهُ، ثُمَّ تُغْلَقُ عَلَيْهِ، فَناسَبَ ذَلِكَ عَدَمَ الواوِ فِي أبواب جهنم، بِخِلافِ أبْوابِ الجنة وهي أبواب السُّرُورِ والفَرَحِ؛ فَإنَّها تُفْتَحُ انْتِظارًا لِمَن يَدْخلُها. الوقفة الثانية : قَوْلُهُ: ﴿وقالَ لَهم خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكم طِبْتُمْ فادْخُلُوها خالِدِينَ﴾ فَبَيَّنَ تَعالى أنَّ خَزَنَةَ الجَنَّةِ يَذْكُرُونَ لِأهْلِ الثَّوابِ هَذِهِ الكَلِماتِ الثَّلاثِ : فأوَّلُها: قَوْلُهم ﴿سَلامٌ عَلَيْكُمْ﴾ وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّهم يُبَشِّرُونَهم بِالسَّلامَةِ مِن كُلِّ الآفاتِ. وثانِيها: قَوْلُهم ﴿طِبْتُمْ﴾ أي: طابت قلوبكم بمعرفة اللّه ومحبته وخشيته، وألسنتكم بذكره، وجوارحكم بطاعته. وثالِثُها: قَوْلُهم ﴿فادْخُلُوها خالِدِينَ﴾ والفاءُ في قَوْلِهِ: ﴿فادْخُلُوها﴾ يَدُلُّ عَلى كَوْنِ ذَلِكَ الدُّخُولُ مُعَلَّلًا بِالطِّيبِ لأنها الدار الطيبة، ولا يليق بها إلا الطيبون.