عرض وقفة تذكر واعتبار

  • ﴿وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ﴿٣٢﴾    [النساء   آية:٣٢]
َوْلُهُ تَعالى: ﴿ولا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكم عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبُوا ولِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمّا اكْتَسَبْنَ واسْألُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ اعْلَمْ أنَّ في النَّظْمِ وجْهَيْنِ: الأوَّلُ: قالَ القَفّالُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: إنَّهُ تَعالى لَمّا نَهاهم في الآيَةِ المُتَقَدِّمَةِ عَنْ أكْلِ الأمْوالِ بِالباطِلِ، وعَنْ قَتْلِ النَّفْسِ، أمَرَهم في هَذِهِ الآيَةِ بِما سَهَّلَ عَلَيْهِمْ تَرْكَ هَذِهِ المَنهِيّاتِ، وهو أنْ يَرْضى كُلُّ أحَدٍ بِما قَسَمَ اللَّهُ لَهُ، فَإنَّهُ إذا لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ وقَعَ في الحَسَدِ، وإذا وقَعَ في الحَسَدِ وقَعَ لا مَحالَةَ في أخْذِ الأمْوالِ بِالباطِلِ وفي قَتْلِ النُّفُوسِ، فَأمّا إذا رَضِيَ بِما قَدَّرَهُ اللَّهُ أمْكَنَهُ الِاحْتِرازُ عَنِ الظُّلْمِ في النُّفُوسِ وفي الأمْوالِ. الوَجْهُ الثّانِي: في كَيْفِيَّةِ النَّظْمِ: هو أنَّ أخْذَ المالِ بِالباطِلِ وقَتْلَ النَّفْسِ مِن أعْمالِ الجَوارِحِ، فَأمَرَ أوَّلًا بِتَرْكِهِما لِيَصِيرَ الظّاهِرُ طاهِرًا عَنِ الأفْعالِ القَبِيحَةِ، وهو الشَّرِيعَةُ. ثُمَّ أمَرَ بَعْدَهُ بِتَرْكِ التَّعَرُّضِ لِنُفُوسِ النّاسِ وأمْوالِهِمْ بِالقَلْبِ عَلى سَبِيلِ الحَسَدِ؛ لِيَصِيرَ الباطِنُ طاهِرًا عَنِ الأخْلاقِ الذَّمِيمَةِ، وذَلِكَ هو الطَّرِيقَةُ.