عرض وقفة تذكر واعتبار

  • وقفات سورة عبس

    وقفات السورة: ٨٢٥ وقفات اسم السورة: ٣٤ وقفات الآيات: ٧٩١
تدبر سورة عبس فعرفَ الطريقَ وخطِّ المنهج! (طارق) شابٌ أمريكي من أصلٍ أفريقي، هداه الله إلى الإسلام فصار داعية إلى الدين الحنيف، وكنت قد سمعت من الأستاذ الدكتور جعفر شيخ إدريس ( العالم السوداني الشهير) أن طارقًا يُسلِمُ على يديه أكثر من ثلاثمائة شخص أسبوعيًا! وقد شاء الله أن ألقى طارقًا هذا في موسم حج عام 1421 هـ، إذ قدر الله تعالى أن يكون طارق أحد ضيوف الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود لأداء مناسك الحج، وكنت مشرفًا على أولئك الضيوف الأمريكيين في ذاك العام، وصحبنا في الحج الدكتور جعفر شيخ إدريس لإلقاء دروسٍ ومحاضراتٍ عليهم باللغة الإنجليزية.وكانت مفاجأة للدكتور جعفر ولي؛ أن كان طارق مع الضيوف ، فلما رآه الشيخ قال لي: هذا هو الداعية الذي حدثتك عنه، فأرجو أن تسمع منه مشافهة حتى يكون سندك في الرواية متصلا ،،، ففرحت بهذا فرحًا عظيمًا، واقترحت على طارق أن يشرح لنا ولكل زملائه الضيوف منهجه في الدعوة، وكان ذلك مساء الثامن من شهر ذي الحجة عام 1421 ه، فقال:حينما أسلمت شعرت بعظمة هذا الدين القويم، وأثره على نفوس أهله، وخالطني حزن شديد على حرمان الأمريكيين من هذا النعيم المقيم، فقررت أن أبذل قصارى جهدي لأنقل لهم بعض أنوار الإسلام لعلي بهذا أنقلهم من الظلمات إلى النور، ولكنني أدركت أني فرد، فماذا يجدي جهد فردي أمام طوفان الظلام؟ لكنني لما قرأت سورة عبس، بهرني قول الله تعالى:{عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَن جَاءهُ الأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى (4) أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى (5) فَأَنتَ لَهُ تَصَدَّى (6) وَمَا عَلَيْكَ أَلاَّ يَزَّكَّى (7) وَأَمَّا مَن جَاءكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَى (9) فَأَنتَ عَنْهُ تَلَهَّى (10) كَلاَّ إِنَّهَا تَذْكِرَة } ، فقلت في نفسي: الناس صنفان: * صنف مستغنٍ عن الدين، فلا تنفعه الذكرى، ولن يزَّكى. * وصنف مقبل يريد أن يَزَّكَّى، وهذا – بلا شك - تنفع الذكرى. وهذا الصنف المقبل – الذي يريد أن يَزَّكَّى – أعدادهم كبيرة جدًا، والجهد اللازم لتبليغهم رسالة الإسلام فوق طاقتي الشخصية، بل فوق طاقات دعاة المسلمين جميعًا، بل لكثرتهم لو اشتغل كل المسلمين فرادى وجماعات في إبلاغهم بالحق لكان ذلك فوق قدرتهم.فقررت في نفسي أن لا أبذل طاقتي الدعوية إلا مع الذين يرغبون في معرفة الإسلام، فصرت إذا قابلت أحدًا حييته وصافحته وسألته –وعيناي تتفرسان في وجه لسِبرِ أثرِ سؤالي عليه – قائلا: هل ترغب في معرفة شيء عن الإسلام؟ فإن قال: (لا) فلت في نفسي: هذا ممن استغنى ، ولا يريد أن يزَّكَّي، فيا طارق لا تُضِعجهدك معه، وابحث عن غيره. وإذا قال: نعم أريد أن أعرف؛ وقفت معه أُحدثُهُ عن أسس الدين الحنيف، وعيناي ما زالتا تتفرسان في وجهه لِسَبرِ أثر كلامي عليه، فإن رأيته غير منسجم مع كلامي سألته:هل تريد أن أزيدك معلومات؟ فإن أبدى تململا أو عدم ارتياح، أو رغبة في الانصراف، وَدَّعتُهُ راجيًا منه أن يبحث عن الحقيقة أكثر فأكثر، ثم افترقنا. وإذا كان جوابه إيجابًا؛ عرضتُ عليه أن نجلسَ إما في حديقةٍ أو مقهىً أو مطعم؛ فأزيده تفصيلاً، ثم أعطيه عنوان المركز الإسلامي، وأطلب منه أن نلتقي مساءً هناك، وأكثرهم يأتي على حسب الموعد ويُسلم. قلتُ: ولما استوثقتُ منه عن عدد الذين يسلمون على يده؛ أكد أنهم فعلا يزيدون على الثلاثمائة أسبوعيًا، وأكًد أن ذلك بفضل الله وبفضل كلام الله الكريم في سورة عبس!.