التدبر

٣١ ( الْغَابِرِينَ} وصفت أنها من الغابرين ،والغابر يحتمل معنيين: 1-الذهاب، فهي ذاهبة مع أهل العذاب فيما ينالهم . 2-البقاء ،فهي باقية مع أهل العذاب، ولن تذهب مع لوطٍ وأهله ، وهذا الوصف من بدائع القرآن .(في المطبوع18/ 11148) الوقفة كاملة
٣٢ (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّـهَ) أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتقوى، له معنيان: 1- أي استمر على تقواك لله ، كقوله تعالى ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا} ﴿١٣٦﴾ سورة النساء. 2- تقوى النبي صلى الله عليه وسلم تختلف عن تقوى غيره، فالمقصد من الأمر له أن استمر في مقامات الإحسان التي أنت فيها .(في المطبوع19/ 11888) الوقفة كاملة
٣٣ (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ) تحتمل معنيين: 1-أي لقرابتي فيكم فلا تؤذوني . 2- أو لا تؤذوا قرابتي .(في المطبوع 22/13763-13764) الوقفة كاملة
٣٤ لها معنيان 1-ملأه ماءً 2- ملأه ناراً (في المطبوع 23/14630) الوقفة كاملة
٣٥ {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ} ﴿١٥﴾ يحتمل معنيين: 1-هم الملائكة ، فهم سفرة بين الله وبين خلقه يبلغون هذا القرآن. 2-هم أهل القرآن وتجويده، وضبطه وقرآءته ، وقواعده وكل ما يتعلق بالقرآن في تبليغه للناس . الوقفة كاملة
٣٦ رسالة للسعى إذا لاح لك باب خير ورزق فاقصده ولا تحقره عن صغر فىعينيك فإن من ورائه الخير والرزق الأكبر ذهب موسى صلى الله عليه وسلم يقتبس النار فكلمه العزيز الجبار! (فلما آتاها نودى ياموسى إنى انا ربك) الوقفة كاملة
٣٧ في المعاملات (واغضض من صوتك) إن كنت مأمورا بغض الصوت كى لا تؤذى سمع من تكلمه , فكيف بالكلام نفسه؟ أولى من غض الصوت نطقك بالكلمة الطيبة الوقفة كاملة
٣٨ كل عمل صالح ..كلمه طيبة ..إحسان وخدمة تقدمها لأخوانك المسلمين ..أثر من وقف أو بئر تحفرها أو أرض توقفها لأيتام أو مال تنفقه لاتبتغي به غير وجه الله ثق .. {إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} الوقفة كاملة
٣٩ "كأن لم تغن بالأمس" بعدما كانت فيها الحياة، وكان فيها صولات وجولات، فتفكّر؛فإنك المعنيّ بالخطاب.. "كذلك نفصّل الآيات لقوم يتفكرون" الوقفة كاملة
٤٠ في الغالب: المرأة تتأثر بالصورة والشكل{فلما رأينه} الرجل يعجب بالمنطق والكلام{فلما كلمه} الوقفة كاملة

التساؤلات

٣١ س/ ما المراد في قوله تعالى (فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ)؟ ج/ لأهل العلم تفسير وبيان لدلالة الوجه في الآية، ملخصه ما يلي: ـ الإيمان بأن لله وجها يليق بجلاله، ليس كوجه المخلوق. ـ يجب ألا نضل عند تفسير الآيات وتأويلها، ويجب أن نتَّبع قول السلف الصالح بذلك. - قال ابن عثيمين رحمه الله في تفسيرها: الأصل في ما جاء من كلمة الوجه في الأدلة مضافاً إلى الله، أنه يراد به وجه الله الذي هو صفته،(يريدون وجهه) الأنعام، وغيرها من الآيات. اية: (فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ) البقرة، من المفسرين من قال: إن الوجه بمعنى الجهة لقوله: (ولكل وجهة هو موليها). (فثم وجه الله) من المفسرين من قال: إن الوجه بمعنى الجهة لقوله تعالى: (ولكل وجهة هو موليها) البقرة، لأنه في حال السفر، إذا صلى الإنسان النافلة فإنه يصلي حيث كان وجهه. والصحيح أن المراد بالوجه هنا: وجه الله الحقيقي إلى أي جهة تتجهون فثم وجه الله سبحانه لأن الله محيط بكل شيء، ولأنه ثبت عن النبي عليه السلام أن المصلي إذا قام يصلي فإن الله قبل وجهه، فإذا صلى في مكان لا يدري أين القبلة واجتهد وتحرى وصارت القبلة في الواقع خلفه، فالله يكون قبل وجهه. وهذا معنى صحيح موافق لظاهر الآية والمعنى الأول لا يخالفه في الواقع، وحينئذ يكون المعنيان لا يتنافيان. واعلم أن هذا الوجه العظيم الموصوف بالجلال والإكرام، وجه لا يمكن الإحاطة به وصفاً، ولا يمكن الإحاطة به تصوراً، بل كل شيء تُقَدره فإن الله تعالى فوق ذلك وأعظم، (ولا يحيطون به علماً). الوقفة كاملة
٣٢ س/ الآية ﴿وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ﴾، هل هي موجهه للكفار فقط ؟ أم أن الكفر هنا المقصود به هو كفر النعمة وليس كفر الإشراك ؟ ج/ اختلف المفسرون في المعني بهذه الآية فاستظهر أبو حيان أن المراد بالإنسان جنس الكافر، وقيل: هو معين كعتبة بن ربيعة، فغالب كلامهم أنها في الكافر، لكن لا يمنع أن يكون لكل إنسان منها نصيب بحسب حاله. والله أعلم. الوقفة كاملة
٣٣ س/ في سورة الفلق: ١- هل الغاسق في اللغة يأتي بمعنى البارد كما ذكره الزجاج ومنه (إلا حميما وغساقا) أي حارا وباردا؟ ٢- إذا كان الغاسق البارد فما المراد بالغاسق إذا وقب وهل للوقب معنى آخر؟ ج/ أجمع المفسرون على أن الغاسق هو الليل، والغساق هو صديد أهل النار -أجارنا الله وإياكم- وبهذين المعنيين يتسق المعنى، ويحصل مقصود الآي، وللفائدة سلمكم الله: ليس كل ما صح لغة يصح تفسيراً؛ فالتفسير أخص، وله ضوابط تخصص المعنى اللغوي، ولذا أُنكِر على بعض اللغويين شذوذهم في تفسير بعض الآي. الوقفة كاملة
٣٤ س/ هل معنى (نَفَشَتْ) المذكورة في سورة الأنبياء أي أفسدت، وهل لها معني اخر؟ ج/ النفش: الانتشار، وتفسيرها بالفساد من باب التفسير بالمآل .. بمعنى أنها انتشرت فسببت الفساد. الوقفة كاملة
٣٥ س/ ما هو القول الراجح في معنى ﴿الْخُنَّسِ﴾؟ ج/ فيها قولان للسلف أنها النجوم وهو قول الجمهور وأنها الظباء أو بقر الوحش، وأشار ابن جرير إلى أن الآية تحتمل المعنيين. الوقفة كاملة
٣٦ س/ قوله تعالى: ﴿خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾ هل يوجد أعمدة لا نراها أم خلقت من غير أعمدة؟ ج/ الآية تحتمل المعنيين والأليق بإثبات القدرة عدم وجود أعمدة والأليق بلفظ الآية وجود عمد لا ترى. والله أعلم. الوقفة كاملة
٣٧ س/ ما معني كفل في القرآن؟ ج/ الكِفْل: الحظ والنصيب، ﴿لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا﴾ أي: نصيب. الوقفة كاملة
٣٨ س/ ما الفرق بين الخوف والخشية ؟؛ ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ ، ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ﴾؟ ج/ معنياهما متقاربان، والفرق الدقيق بينهما يحتاج تأمل طويل لمواضع ورودها في القرآن ولغة العرب، وبعضهم ذكر أن الخشية تكون لعظمة الشيء الذي تخشاه وعلمك بذلك، ولذلك عبر بالخشية من العلماء لله، والخوف دون ذلك. والله أعلم. الوقفة كاملة
٣٩ س/ قال تعالى: ﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُم بِمُعْجِزِينَ﴾ لماذا كرر الله سيصيبهم سيئات ما كسبوا ومن هم المعنيين؟ ج/ هم الكفار السابقون، وسيئات ما عملوا هو كفرهم بالله، وكذلك كفار قريش سيصيبهم عاقبة كفرهم فهو خطاب للنبي وتسلية له من تكذيب قومه وشركهم. الوقفة كاملة
٤٠ س/ لفظ (جَعَلَ) هل لاستعماله في القرآن دلالة؟ ﴿جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾ ، (ويجعل)؟ ج/ جاء فعل (جَعَلَ) في القرآن الكريم على معنيين؛ الأول: صيّر وهو الذي ينصب مفعولين مثل قوله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾، الثاني: جَعَلَ بمعنى خَلَق وهو الذي ينصب مفعولاً واحداً كالآية التي ذكرتم وقوله تعالى: ﴿الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا﴾. الوقفة كاملة

أسرار بلاغية

٣١ * البصر يأتي في اللغة بمعنيين إما البصر من ناحية الرؤية وهي الحاسة التي ينظر بها الباصرة، ضد الأعمى (وَإِذْ زَاغَتْ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ) ويأتي للإبصار بالقلب ربنا يسميه بصيرة لمن كان قلبه بصيراً عنده معرفة في قلبه (بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) البصيرة في القلب والبصر للرؤية وليست العين وهذا الفرق بين النظر والبصر. الخبير يعني محيط ببواطن الأمور وظواهرها، إذن خبير العلم ببواطن الأمور خبير بصير يعني عليم ببواطن الأمور وظواهرها ولعلمه ببواطن الأمور فمن باب أولى أنه عليم بظواهرها الوقفة كاملة
٣٢ آية (٣) : (وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) * (اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ) (ثم) ليست دائماً للتراخي ولكن للبعد بين المنزليتن قد يكون ما بعد (ثم) أعلى ما قبلها، هو بعد معنوي وليس بعد زمني. * (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) الفعل يؤتي فاعله الله سبحانه وتعالى، و(كُلَّ) مفعول به من البشر و(فَضْلَهُ) فيها احتمالين احتمال يعود الضمير على صاحب الفضل الذي يفعل الخير يؤتيه ربنا لا يبخس منه شيئاً يؤتيه حقه بل ويزيد عليه، واحتمال أن يعود الضميرعلى الله إن الله يؤتي صاحب الفضل فضل الله، والآية تحتمل لأن فيها أمرين والمعنيان صحيحان ومرادان. * قال هنا (وَإِن تَوَلَّوْاْ) وأحياناً يقول (وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ (١٦) الفتح) : هذا الحذف في اللغة جائز للتخفيف، أصل الفعل تتولوا مثل تنابزوا وتتنابزوا، تفرقوا وتتفرقوا، وفي التعبير القرآني تتولوا في الموقف الأشد وتولوا في الموقف الأخف: - هنا قال (وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) قال أعذبكم، المخوف ليس بالضرورة أن يقع، قد يُدرأ. بينما في الآية الأخرى (وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) هذا قطع. أيّ الموقفين أشد؟ الآية الثانية. - هنا قال (عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) ما قال عذاباً كبيراً وإنما قال عذاب يوم كبير، وصف اليوم بالكبر وليس العذاب، بينما في الفتح قال (يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا) وصف العذاب، أيُّ الأشد؟ عذاباً أليماً. الوقفة كاملة
٣٣ آية (٥) : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) * (مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ) فيها احتمالان أن تكون (ما) مصدرية يعني إسرارهم وإعلانهم، وتحتمل أن تكون إسماً موصولاً يعني الذي يسرونه والذي يعلنونه، والآية تحتمل المعنيين بحذف العائد (الذي) فهو يعلم الإسرار والإعلان ويعلم الذي يسرونه ويعلنونه هذا يسمى توسع في المعنى، والمقصود كل شيء يعلم إسرارهم وإعلانهم مداره وكيفيته. الوقفة كاملة
٣٤ آية (١٣) : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) * مناسبة هذه الاية لما قبلها : هو عندما قال أنهم يقولون (لوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ أَوْ جَاء مَعَهُ مَلَكٌ) لماذا يقولون هذا غير لأنهم يعتقدون أنه ليس من عند الله وأنه مفترى؟ معناه أنهم يظنون أنه كاذب مفتري فيأتي إلى أصل القضية أنت تقول مفتريات إذن هاته! * الفرق البياني بين قوله تعالى (مِّن مِّثْلِهِ) فى سورة البقرة و(مِثْلِهِ) فى سورة هود؟ أولًا: إذا افترضنا أن لهذا الشيء أمثالاً فيقول: ائتني بشيء (مِّن مِّثْلِهِ)، أما عندما نقول : ائتني بشيء (مثله) فهذا لا يفترض وجود أمثال لكنه محتمل أن يكون له مثيل فإن كان موجودًا ائتني به وإن لم يكن موجوداً فافعل مثله. ثانيًا: قال تعالى في سورة البقرة (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ) وهي بلا شك أعم مما جاء في سورة هود (افْتَرَاهُ) لأن مظنة الإفتراء أحد أمور الريب. ثالثًا: المفسرون وضعوا احتمالين لقوله تعالى (مِّن مِّثْلِهِ) أي من مثل القرآن أومن مثل هذا الرسول الأمي الذي ينطق بالحكمة أي فاتوا بسورة من القرآن من مثل رجل أمي كالرسول صلى الله عليه وسلم، وعليه فإن (مِّن مِّثْلِهِ) أعمّ لأنه تحتمل المعنيين أم (مِثْلِهِ) فهي لا تحتمل إلا معنى واحداً وهو مثل القرآن ولا تحتمل المعنى الثاني. رابعًا: أنه حذف مفعولي الفعلين المتعديين في قوله (فَإِن لَمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا) والحذف قد يعني الإطلاق عموماً في اللغة. * هل يمكن أن نضيف كلمة مفتراة في سورة البقرة فيقول مثلاً فاتوا بسورة من مثله مفتراة كما قال (مفتريات) في هود؟ هذا التعبير لا يصح من عدة جهات: أولًا: هم لم يقولوا افتراه كما قالوا في سورة هود. ثانيًا: وهو المهم أنه لا يُحسن أن يأتي بعد (مِّن مِّثْلِهِ) بكلمة مفتراة لأنه عندما قال من مثله افترض وجود مثيل له فإذن هو ليس مفترى ولا يكون مفترى إذا كان له مثيل إذن تنتفي صفة الافتراء مع افتراض وجود مثل له. ثالثًا: لا يصح أن يقول في سورة هود أن يأتي بـ (فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ) لأن استخدام (مِّن مِّثْلِهِ) تفترض أن له مثل إذن هو ليس بمفترى ولا يصح بعد قوله تعالى (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ) أن يقول (فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ) لنفس السبب الذي ذكرناه سابقاً. إذن لا يمكن استبدال إحداهما بالأخرى. رابعًا: قال تعالى في آية سورة البقرة (وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) ولم يقل ادعوا من استطعتم كما قال في هود (وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) لأنه في آية سورة البقرة عندما قال (مِّن مِّثْلِهِ) افترض أن له مثل إذن هناك من استطاع أن يأتي بهذا المثل وليس المهم أن تأتي بمستطيع لكن المهم أن تأتي بما جاء به فلماذا تدعو المستطيع إلا ليأتي بالنصّ؟ فقال (وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ) ليشهدوا إن كان هذا القول مثل هذا القول فالموقف إذن يحتاج إلى شاهد محكّم ليشهد بما جاءوا به وليحكم بين القولين. أما في آية سورة هود فالآية تقتضي أن يقول (وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ) ليفتري مثله، هم قالوا افتراه فيقول تعالى ادعوا من يستطيع أن يفتري مثله كما يقولون، إذن في سورة البقرة أعمّ وأوسع لأنه تعالى طلب أمرين: دعوة الشهداء ودعوة المستطيع ضمناً أما في آية سورة هود فالدعوة للمستطيع فقط. ومما سبق نلاحظ أن الآية في سورة البقرة بُنيت على العموم أصلاً (لا ريب، من مثله، الحذف قد يكون للعموم، ادعوا شهداءكم). ثم إنه بعد هذه الآية في سورة البقرة هدّد تعالى بقوله (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (٢٤)) والذي لا يؤمن قامت عليه الحجة ولم يستعمل عقله فيكون بمنزلة الحجارة. * حدد في آية سورة هود السور بعشر سور لأن هذا من طبيعة التدرج في التحدي يبدأ بالكل ثم بالأقل فالأقل. الوقفة كاملة
٣٥ آية (٣٠) : (وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ) * ذكر نوح أمرين يمنعان من طرد من آمن معه: - (إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ (٢٩)) هو أعلم بحالهم. - ثم قال لا أستطيع ذلك ليس الأمر إلي إن فعلت ذلك سيعاقبني (مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ) من يمنعني منه؟ * (مَن يَنصُرُنِي) استفهام أي لا يوجد أحد ينصرني، يجب أن يكون هناك ذات قوية أعلى منه ولا يوجد. * (يَنصُرُنِي مِنَ) هي في الأصل نصره على (وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) لما يقول نصره منه أي نجّاه منه، ليس بالمعنى الحرفي فالنصر ليس هو النجاة لكن هذا باب التضمين ليشمل معنيين؛ النصر والنجاة، هنا من ينصرني من الله؟ من ينجيني منه؟ يعني من يمنعني هل هنالك ذات تنصره؟ * قال (إِن طَرَدتُّهُمْ) بصيغة الماضي ولم يقل إن أطردهم: إذا جاء الفعل الماضي بعد أداة الشرط فالغالب أن القرآن يستعمله لما يراد به مرة واحدة يستعمله القرآن (إِن طَرَدتُّهُمْ)، وإن جاء مضارعاً فمظنة التكرار أكثر من مرة، (وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا) لأن هذا قتل خطأ، بينما (وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا) هذا مظنة التكرار، إن أطردهم معناها يتكرر لكنه إن طردهم ستأتيه العقوبة ولن ينجيه أحد من الله حتى يكرر فعله. * (أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ) لم يقل تتذكرون: إسأل أي واحد من ينصرني من الله؟ لا أحد، إذن لا تحتاج إلى طول تفكير الأمر واضح، تتذكرون قد تحتاج إلى طول، (أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ) هو كأنما يذكرهم بأمر غائب عنهم. الوقفة كاملة
٣٦ آية (٣٥) : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ) * منطوق الآية يصلح لكل رسول، كل رسول كذبه قومه ورموه بالافتراء وقالوا يفتري على الله، والرد يصلح لكل من قال ذلك، عموم لأصحاب الرسالات، لو قيل لسيدنا محمد فسيكون هذا الرد عليه، قسم ذهب إلى أن هذا في سياق قصة سيدنا نوح رموه بالافتراء فقال هذا الأمر وقسم قال هذا كلام قريش لسيدنا محمد جملة معترضة بين القصة، أثناء القصة التفت للمسألة قال (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ) وفي آخر القصة ذكر (تِلْكَ مِنْ أَنبَاء الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَا أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـذَا) وفي أثناء القصة إلتفت لهم. * (فَعَلَيَّ إِجْرَامِي) الذي افترى على الله الكذب مجرم فعليه إثم ذلك الافتراء. * (وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ) : - قسم قال أنا إن افتريته عليّ إثم ذلك وأنتم عليكم ما ترتكبون من الآثام والإجرام، كل واحد يتحمل نتيجة عمله. - قسم ذكر أنا بريء مما تنسبون إليّ مما تدّعون ومما تجرمون في حقي من الافتراء، الآية تحتمل معنيين. * (وَأَنَاْ بَرِيءٌ مِّمَّا تُجْرَمُونَ) لم يقل من إجرامكم كما قال (إِجْرَامِي) : هم رموه بأمر واحد وهو الافتراء على الله، هذا إجرام فقال (إِجْرَامِي)، لكنهم هم مليئون بالإجرام مستمرون في الكفر والتكذيب وما إلى ذلك فقال (مِّمَّا تُجْرَمُونَ)، ولو قال أنا بريء من إجرامكم يعني أمر واحد. * الفرق بين الآيتين (٣٥) هود و(قُل لَّا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥) سبأ) : آية سبأ في سياق الدعوة والتبليغ والمحاجّة وهذا من باب الإنصاف في الكلام حتى يستميلهم يقول نحن لا نُسأل عما أجرمنا إذا كنا مجرمين كما لا تُسألون أنتم عن إجرامنا إذا كنا كذلك، لا يريد أن يثيرهم بل أراد أن يستميل قلوبهم فقال (عَمَّا تَعْمَلُونَ) هذا يسموه من باب الإنصاف في الدعوة وإذا قال تجرمون معناه أغلق باب التبليغ، وقال قبلها (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ (٢٢)) (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (٢٤)) (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (٢٦)) . آية هود هذه في قصة سيدنا نوح عليه السلام (قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرَامِي) لأن الذي يفتري على الله تعالى مجرم وإن افتريته فأنا مجرم، وإذا أنتم نسبتم الإفتراء إليّ أني أفتري على الله وأنا لست كذلك فأنتم مجرمون بحقي (مِّمَّا تُجْرَمُونَ)، كما أن هنا مفاصلة (وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ) هنا غلق باب الدعوة والتبليغ. الوقفة كاملة
٣٧ آية (٣٩) : (فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ) * (مَنْ) تحتمل أن تكون إسماً موصولاً بمعنى (الذي يأتيه) وتحتمل أن تكون إسم استفهام بمعنى من الذي يأتيه؟، ولو أراد أن يعيّنه بمعنى واحد لعينه، لكن هكذا جعلها تحتمل المعنيين الاستفهامية والموصولة لتحتمل أكثر من دلالة. * (يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ) (وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ) اختلف الفعل لاختلاف الدلالة فالعذاب الآن عذاب الدنيا وعذاب الآخرة: - مع عذاب الدنيا الغرق وما إلى ذلك قال (يَأْتِيهِ) والإتيان لايستلزم الثبات قد يأتي ويذهب، وقال (يُخْزِيهِ) أي يفضحه ويذله. - مع عذاب الآخرة قال (وَيَحِلُّ) الحلول هوالوجوب والثبات والدوام لأن هذا العذاب يجب ولا يذهب، ولو قال (يأتي) يمكن أن يذهب وقال (مُّقِيمٌ) ثابت في الآخرة لا يتحول عنهم. فكما كانوا يسترذلون المؤمنين ويهزأون منهم في الدنيا فجاء بعذاب يخزيهم جزاء أفعالهم، ثم يحل عليهم حلولاً ثابتاً دائماً مقيماً وهو عذاب الآخرة. الوقفة كاملة
٣٨ آية (٥٣) : (قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) * هم ذكروا مجموعة من الأشياء هل لترتيبها غرض بياني معين؟ هم تدرجوا مسألة مسألة أولاً قالوا أنت ما جئت بحجة واضحة تقتعنا فيها تثبت بأنك نبي مرسل ، لم ينفوا صدقه هم ما قالوا أنه كاذب لكن لم يستطع أن يقيم حجة على ما يريد، لكن لو جاء بحجة لصدقوا، ثم ذهبوا أبعد من ذلك (وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ) لا تقول أنت قولاً ونحن نترك آلهتنا. هذا أمر آخر هم هكذا عام أنت قلت قولاً هل نتبعك؟! وأنت لم تأتي ببينة؟! ثم ذهبوا أبعد من ذلك (وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) أصلاً لن نتبعك، لا نصدقك أصلاً، ليس هذا فقط ثم ذهبوا ابعد من ذلك (إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ) أي أصابك الجنون كأنما لما قال لهم (أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) أرادوا أن يثبتوا أنه هو غير عاقل وليس نحن،هم الآن يصفونه بالجنون. * هذه الآية كل جزئياتها مؤكدة، كل تعبير مؤكد: - (مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ) لم يقولوا لم تأتي، فرق بين جاء وأتى، - نفى بـ(ما) ولم ينفي بـ(لم) لأن (ما) تقع جواباً للقسم وهي آكد، - قال (وَمَا نَحْنُ) أولاً هذه الجملة اسمية ليست فعلية لم يقل لسنا تاركين (لسنا) وهي أدوم. - جاء بالباء في خبرها (بِتَارِكِي) هذه الباء زائدة للتوكيد. - قال (بِتَارِكِي آلِهَتِنَا) بالإضافة لم يقل (بتاركين آلهتنا) لأنها بالمستقبل أما (تاركي آلهتنا) فهي عامة الآن وفي المستقبل. - (عَن قَوْلِكَ) فيها معنيان: احتمال (بِتَارِكِي آلِهَتِنَا) صادرين عن قولك، نصدر عن قولك، والآخر تعليل لأن (عن) تفيد التعليل أيضاً، يعني بسبب قولك. لا نصدر عن قولك ولا نترك بسبب قولك. - إلى أن قال (وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) أولاً جملة اسمية ما قال (لسنا مؤمنين لك) . - جاء بالباء زائدة (بِمُؤْمِنِينَ) . - وقدّم الجار والمجرور (وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) نخصّك بعدم الإيمان تحديدًا للتخصيص والحصر. الوقفة كاملة
٣٩ آية (٥٤) : (إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) * فيها مؤكدات أيضًا: - أولاً أسلوب قصر (إن نقول إلا) ما قال: نقول اعتراك بعض آلهتنا بسوء، نحن لا نقول غير هذا قصرًا ما نقول شيئاً آخر. - ثم النفي بـ(إن) (إِن نَّقُولُ) و(إن) آكد من (ما) كلها مؤكدات لأن أصبح الموقف موقف حرب فتحتاج كل التوكيدات من دون أيّ تنازل هذا موقفنا ثابت مؤكد ليس عندنا غيره. * (مِّمَّا تُشْرِكُونَ) ولم يقل مما تشركون به: (ما) تحتمل أن تكون مصدرية يعني من بريء شرككم بالله عمومًا باي صورة بأي مفهوم، والمعنى الثاني اسم موصول يعني من الذي تشركون به وهو الآلهة، جمع الاثنين الأصنام والشرك نفسه وهذا توسع في المعنى لأنه أراد المعنيين فجمعهما، ولذلك لو قال (به) يأتي بالعائد فسيكون اسمًا موصولًا قطعًا ويتجه المعنى للأصنام فقط. الوقفة كاملة
٤٠ آية (٦١) : (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) * قصة سيدنا صالح عليه السلام وردت في الأعراف وهود والحجر والشعراء والنمل وفصلت والذاريات والقمر والفجر والشمس، ليست مكررة في كل موضع يذكر جانب لم يذكر في المواضع الأخرى: في الأعراف - دعا قومه إلى توحيد الله وعبادته (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ (٧٣)) هذا أول ما نزل وهذا ما ورد على لسان أكثر الأنبياء. - ثم ذكر لهم آية تدل على صدقه وأنه رسول، جاءهم ببينة وهي الناقة، هود لم يذكر له معجزات، صالح ذكر معجزة لأنهم هم طلبوا كما سنرى، سماها (هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ) . - ثم ذكرهم بنعم الله عليهم قال (وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا (٧٤)) هذا لم يذكر في موضع آخر، في باقي السور يذكر جانبًا واحدًا من النعم، في الحجر والشعراء ذكر أنهم ينحتون من الجبال بيوتًا، أما هنا ذكر أمرين (تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا) . - كان الجدال بين الملأ الذين استكبروا وبين المستضعفين، النقاش ليس مع الرسول، لم يواجهوا صالح وإنما الجدال بينهم (قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ ..) - هم تحدوا صالحًا (فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧)) . - قال الرجفة (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٧٨)) . في هود - دعاهم إلى عبادة الله وتوحيده وكذلك ما فعله نوح وهود وشعيب. - الجدال بين صالح وقومه يذكّرهم أنه أنشأهم من الأرض وجعلهم عمّارًا (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا (٦١)) فأجابوه (قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢)) شاكّين به. - ثم ذكر الآية الدالة على صدقه الناقة وحذّرهم من أن يمسوها بسوء فعقروها. - أخذتهم الصيحة ولم يسمها الرجفة كما في الأعراف. في الحجر - هي المرة الوحيدة التي ذكر عنهم أنهم أصحاب الحجر يعني محل سكناهم. - لم يذكر أنه دعاهم إلى عبادة الله وتصديق نبوته وأنه جاءهم بالآية الدالة على صدقه كما في الموضعين السابقين وإنما ذكر تكذيبهم المرسلين وأنهم أعرضوا عن الآيات إذن هي مرحلة بعد التبليغ، استكمال لما ورد من قبل، هناك الدعوة وهنا الموقف. - هنا لم يذكر اسم نبي ولم يذكر اسم القوم ثمود وإنما قال (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠)) لم يذكر من المقصود، من المرسلين؟ صالح أو غير صالح؟ من هو النبي المعني؟ فقط كذبوا المرسلين. - هنا لم يذكر الآيات، وإنما قال (وَآَتَيْنَاهُمْ آَيَاتِنَا) ما هي الآيات؟ لماذا آيات؟ لم يذكر، لم يقل آية بالإفراد فالناقة آية واحدة لكن فيها آيات كونها خرجت من صخرة هذه آية، وكونها تسقى القبيلة كلها باللبن هذه آية أيضاً وأيضاً تشرب الماء كله في يوم، وطبعاً هذا هو الموطن الوحيد الذي ذُكِرت فيه الآيات مجموعة، في غيره يذكر آية، يذكر ناقة. - ثم أخذتهم الصيحة هذا هو ما ورد فيها ، إذن هذه مرحلة تختلف عما ورد في الأعراف وهود. في الشعراء - ورد فيها ما قال عموم الرسل لأقوامهم (أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ) لكن لم يذكروا طاعة الله والعبادة وإنما تقوى الله وطاعة رسوله، هذا لم يُذكَر فيما مرّ من السور، هذه مرحلة أخرى تأتي بعد الدعوة إلى عبادة الله وتوحيده. - ذكر لهم من النِعم ما لم يذكره في المواضع الأخرى (أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَاهُنَا آَمِنِينَ (١٤٦)) ذكر الأمن (فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٤٧) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (١٤٨) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (١٤٩)) رفاهية العيش والزروع والثمار والماء - ثم قالوا له (قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣)) أي سُحِرت كثيرًا. - ثم ذكر لهم أن الناقة لها يوم تشرب فيه ولهم يوم (قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (١٥٥)) هذا لم يُذكر فيما مضى. - أول موضع يُذكر فيه الماء وقبلها كان الأكل (فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ (٧٣) الأعراف)، هنا ذكر الشُرب وذكره فيما بعد في سورة القمر والشمس ولم يذكر الأكل. الخط التعبيري في القرآن أنه يقدّم الأكل على الشرب سواء في الدنيا أو الآخرة. - ثم حذّرهم أن يمسّوا الناقة بسوء (وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥٦)) . - ثم قال (فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ (١٥٧)) لم يذكر نوع العقوبة (فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ)، لا صيحة ولا رجفة ولا صاعقة ولا غير ذلك. - نلاحظ أنه أول موضع ذكر فيه الشُرب والموضع الوحيد الذي أضاف فيه العذاب إلى اليوم (عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ) والموطن الوحيد الذي طلبوا فيه الآية. إذن في سورة الشعراء ذكر أموراً ما ذكرها في بقية السور. في النمل - ذكر أنه أرسل إلى ثمود صالحًا أمرهم بعبادة الله فإذا هم فريقان يختصمان (فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (٤٥)) من هذان الفريقان؟ ما شأنهما؟ ما قال. - ما ذكر أنهم طلبوا آية. - ذكر تواطؤ تسعة من الرهط على قتله وقتل أهله (وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (٤٨) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ) هذا لم يرد من قبل في القرآن الكريم، ثم هذا أنسب موطن للاختصام، اختصموا، نتيجة الاختصام أنهم تعاهدوا على قتله. - ثم ذكر عاقبة هؤلاء أنه دمرهم وقومهم أجمعين. كيف دمّرهم؟ ما العقوبة؟ لم يذكر. في فصلت - القصة موجزة ذكر أنه هداهم فاستحبوا العمى على الهدى (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى (١٧)) إلامَ دعاهم؟ - ثم ذكر أن الصاعقة أخذتهم وهذه أول مرة يذكر فيها الصاعقة (فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٧) وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (١٨)) . في الذاريات - قيل لهم (وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣)) من القائل؟ ما ذكر. - ذكر أنهم عتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة (فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنظُرُونَ (٤٤) فَمَا اسْتَطَاعُوا مِن قِيَامٍ وَمَا كَانُوا مُنتَصِرِينَ (٤٥)) هناك صاعقة العذاب الهون، هنا قال فقط (الصَّاعِقَةُ). في القمر - قال (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣)) وهذا افتتاح جميع القصص التي جاءت في السورة. - (فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٢٤)) يعني واحد من عندنا، (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا) واحد من بيننا. - ثم ذكر ملمحًا آخر قالوا عن نبيهم الذي لم يذكر اسمه أيضاً من هو؟ قالوا (بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥)) . - وتوعّدهم (سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦)) . - ثم ذكر أنه أرسل الناقة فتنة لهم ولم يقل آية (إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧)) فتنة، اختبار. - ثم ذكر أن الماء قسمة بينهم (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ (٢٨)) . - ثم قال (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (٢٩)) هذه أول مرة يقولها. - ثم ذكر أنه أرسل عليهم صيحة واحدة فكانوا كالهشيم الذي يتبقى من صنع الحظيرة التي توضع فيها الدواب (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١)). في الفجر - ما ذكر إلا أنه قال (وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (٩)) فقط، قطعوا الصخر بالواد، أول مرة يذكر قطع الصخر بالواد، أين هو الواد ما ذكر؟ - ما ذكر عقوبة ولكن ذكر مجموعة، لم يخصّهم (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ (٨) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (٩) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (١٠) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (١٣)) كلهم صبّ عليهم سوط عذاب. في الشمس - ذكر أن ثمود كذّبت بسبب طغيانها (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (١١)) . - ثم قال أشقى القوم انبعث (إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا) . - وحذّرهم الرسول (فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (١٣)) . - ثم قال (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا (١٤)) مختصر مفيد. - ثم ذكر العذاب ما ذكر لا صاعقة ولا شي وإنما قال (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا (١٤)) أطبق عليهم الهلاك وانتهوا. أين التكرار؟! دعوة صالح قومه إلى عبادة الله وتوحيده: في الأعراف أول ما بدأ الدعوة إلى عبادة الله وتوحيده والبيّنة الحجّة وذكّرهم بالنعم التي أنعم عليهم. في هود ما اكتفى بهذا وإنما طلب بعد التذكير بنعمة الله (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا (٦١)) ذكر أمراً آخر (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ). هذا الشيء لم يُذكر من قبل، إذن هذه مرحلة لاحقة بعد التبليغ الأول. في الحجر ذكر تكليفهم لم يذكر مواجهة وإنما إخبار عن هؤلاء القوم فقط. في الشعراء طلب أمراً آخر وهو (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (١٤٤)) تقوى وطاعة الرسول. في النمل قال أنه أرسل صالح إلى ثمود بعبادة الله (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ يَخْتَصِمُونَ (٤٥)) اختصم الفريقان ثم دعاهم إلى الاستغفار وحضّهم على ذلك لعل الله يرحمهم (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦)) هذا أمر آخر في فصّلت لم يذكر دعوة ولا مواجهة بل هو إخبار عن غائب. في الذاريات لم يرد إلا تحذيرهم من عاقبة ما هم فيه (وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣)) . في القمر ذكر تكذيبهم بالنذر لم يذكر دعوة ولا مواجهة. في الفجر قال (وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (٩)). في الشمس ذكر تكذيبهم بسبب طغيانهم ولم يذكر دعوة ولا مواجهة طلب منهم أن يتركوا ناقة الله وسقياها. التذكير بالنِعَم: في الأعراف بعد أن ذكرهم بأنه جعلهم خلفاء من بعد عاد، طبعًا هذا تحذير لهم ذكرهم بنعم الله: بوأهم في الأرض، مكّنهم منها، هيأها لهم، يتخذون من سهولها قصورًا، ينحتون الجبال بيوتًا، ثم طلب منهم أن يذكروا نعم الله الأخرى (فَاذْكُرُواْ آلاء اللّهِ) على العموم، التوسع في النِعَم في الأعراف أكثر (وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا) كأن الجبال كلها وليس كما قال (وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا) في هود قال (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا (٦١)) أنشأهم من الأرض وجعلهم عُمّارًا لها، هذه النعم تختلف عمّا ذكر في الأعراف، توسع في ذكر النعم في الأعراف وأجْمَلَها في هود. في الحجر ذكر أنهم كانوا ينحتون من الجبال بيوتًا آمنين الآن ذكر الأمن للمرة الأولى زيادة على اتّخاذ البيوت، هو قال بؤأ لهم في الأرض هيأ لهم مكانًا، ذكر عمارة الأرض في الأعراف ما لم يتوسع في الحجر لكن زاد الأمن في الحجر. في الشعراء ذكر ملمحاً آخر، ذكر الأمن وذكر الجنات وعيون الماء والزروع والتوسع والفراهة في السكن، هذا لم يذكر فيما سبق ولم يذكر فيما بعد، ولم يذكر نِعَم بعدها سوى في الفجر قال (وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (٩)) ذكر معجزة صالح عليه السلام: في الأعراف سمّاها بيّنة وسمّاها آية (قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً (٧٣)) وطبعاً لم يسمها بيّنة في غير هذا الموضع وطلب منهم أن يتركوها ولا يمسوها بسوء، ولم يذكر أنهم طلبوا منه آية وإنما هو ذكّرهم فيها. في هود سماها آية ولم يذكر أنهم طلبوا منه ذلك قال (وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ (٦٤)) طلب أن تأكل في أرض الله وأن لا يمسوها بسوء. في الحجر قال (وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا (٨١)) ذكر آيات ولم يقل آية، طلبوا ناقة من صخرة معينة، عيّنوا الصخرة وأردوها عُشَراء يعني حامل ووبراء كثيرة الوبر، وأخذ منهم المواثيق. في الشعراء ذكر أنهم طلبوا منه آية (فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٥٤)) وهذا الموطن الوحيد الذي ذكر أنهم طلبوا منه آية، وطلب منهم أن لا يمسوها بسوء (وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (١٥٦)) . في النمل وفصّلت والذاريات لم يذكر آية أو ناقة. في القمر لم يذكر أنها آية ولا أنهم طلبوا آية وإنما ذكر أن إرسال الناقة فتنة لهم كان من باب التوعد لهم (إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧)) . في الفجر ما ذكر شيئًا. في الشمس ذكر أن رسول الله طلب منهم أن يتركوا ناقة الله وسقياها يعني وشُربها ولم يذكر أنها آية ولم يذكر أنهم طلبوا آية. موقف قوم صالح حيال دعوتهم: في الأعراف أشد المواقف المذكورة من الدعوة، دار جدال عنيف بين المستكبرين من قومه والذين استُضعِفوا، لم يدر حوار أو جدال مع صالح إلا أنهم عقروا الناقة وقالوا (وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧٧)) وقالوا (إِنَّا بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ) . في هود الموقف أخفّ مما في الأعراف، الحوار بين صالح وقومه، قالوا قلت هذا القول وهذا ما هو قول عاقل (أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢)) ثم هو جاوبهم بعد أن قالوا هذا (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (٦٣) وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ (٦٤)) ثم عقروها فأمهلهم ثلاثة أيام (وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ قَرِيبٌ (٦٤)) وهنا قالوا (وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢)) هم الآن قالوا في شكّ لكن هناك في الأعراف جزموا. في الحِجر لم يذكر مواجهة بينه وبين قومه إلا أنه قال (وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (٨٠)) لم يذكر مرسلاً بعينه وقال أعرضوا عن الآيات (وَآتَيْنَاهُمْ آيَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ (٨١)) . في الشعراء ذكر حوار بين صالح وقومه، قد عدَّد عليهم النِعَم (قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (١٥٣)) أي من الذين سُحروا وقالوا (مَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (١٥٤)) . في النمل ذكر أنهم تطيروا به (قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (٤٦) قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ (٤٧)) ردّ عليهم قال (قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ) ثم ذكر ما حاكوا له من محاولة لقتله وهذا لا شك كان بعد مدة من التبليغ والأخذ والرد، لا يناسب أن يكون هذا أول الدعوة. في فصلت ما ذكر شيئًا مع صالح وقومه وإنما ذكر عن حالهم (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى (١٧)) . في الذاريات قال (وَفِي ثَمُودَ إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ (٤٣)) وأنهم عتوا عن أمر ربهم (فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ (٤٤)) . في القمر ذكر أن ثمود كذبوا بالنُذر لم يذكر مواجهة بينهم وبين نبيهم وإنما قال بعضهم لبعض (فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (٢٤)) واتّهموه بأنه كذاب أشِر فيما بينهم، هذا الموطن الوحيد الذي ذُكِر أنه نادى صاحبهم تعاطى سيفه وعقر الناقة، (فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ (٢٩)) . في الفجر لم يرد موقفهم من رسولهم. في الشمس كذبوا بطغيانهم وانبعث أشقاها والنبي طلب منهم أن يتركوا ناقة الله فكذبوه فعقروها. أسلوب خاتمة الأمر بين سيدنا صالح وبين قومه: في الأعراف ذكر أنهم اصابتهم الرجفة في الأرض وهي الزلزلة (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٧٨)) . في هود قال أصابتهم الصيحة من السماء مثل الرعد (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٦٧)) . في الشعراء لم يذكر رجفة ولا صيحة قال عذاب (فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ (١٥٨)) . في النمل لم يذكر شيئاً ذكر التدمير العام (فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (٥١)) . في فصلت (فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ (١٧)) هذه مركّبة. في الذاريات الصاعقة من دون إضافة (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ (٤٤)) . في القمر (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً (٣١)) حدّدها. في الفجر جمعهم عدة أقوام فقال عنهم كلهم (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (١٣)) . في الشمس (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا (١٤)) . إذن ذكر الرجفة مرة واحدة في الأعراف، ذكر الصيحة ثلاثة مرات في هود والحجر والقمر، والصاعقة مرتين في فصلت والذاريات. كلها حدثت لكن في كل موطن يذكر واحدة. ذكر أشدهنّ في الأعراف الرجفة، لأنها تباشرهم أجمعين كلهم يشعرون بها، الصاعقة تسقط في مكان دون مكان، الرجفة كلهم يشعرون بها في وقت واحد. ذكر في الأعراف أشدّها، لأنه ذكر استكبارهم وذكر أنهم عقروا الناقة وعتوا عن أمر ربهم وتحدوا نبيهم لما ذكر هذه الصفات جاء بأشدّها قال (فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) الصيحة قد لا يسمعها الأصمّ، وإذا وضع أحدهم سدادة في أذنه قد لا يسمعها، بينما ذكر الصيحة في هود لأن موقفهم أخفّ، ذكرها بحسب ما ذكر في حالهم من السوء، كلها حدثت، في القمر لم يذكر غير العقر ذكر صيحة واحدة. في الحجر ما ذكر غير الإعراض عن الآيات، ذكر كل واحدة بقدر ما ذكر لهم من معاصي. نجاة سيدنا صالح ومن آمن معه: في الأعراف لم يذكر نجاة الذين آمنوا قال (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٧٨)) . في هود ذكر أنه نجّى صالحًا والذين معه (نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ (٦٦)) . في النمل ذكر (وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (٥٣)) ولم يذكر نجاة في غير هذه المواطن. الملاحظ أن صالح لم يذكر أنه دعا بطلب نجاة بينما في قسم من الرسل (رب نجني وأهلي) . * (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا) هذه العبارة معطوفة على ما قبلها على قوله تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (٢٥)) (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا) أي أرسلنا فهي معطوفة فهي مفعول به في التقدير لفعل أرسل (أَخَاهُمْ) . * قدّم الإنشاء على الاستعمار في الأرض (هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا) : استعمركم يعني جعلكم تعمرونها تسكنون فيها فلا شك أن إنشاء الناس أقدم وأسبق من إعمار القبيلة وقبل إعمار الأراضي. * (وَاسْتَعْمَرَكُمْ) الألف والسين والتاء لها عدة معاني منها المبالغة ومنها على طلب العمران أو جعلكم تعمرونها. * (إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ) يعني يسمع استغفاركم لما قال (فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ) فهو قريب يسمع الاستغفار ويسمع الدعاء ويجيبكم على ما تطلبون. إذا لم يُجب فما الفائدة من الاستغفار؟! إذا لم تكن هنالك إجابة فما الفائدة من الدعاء؟ * قدّم (قَرِيبٌ) على (مُّجِيبٌ) لما قال استغفروه، ألا يريد من يسمع هذا الطلب كيف يجيبك إذا لم يسمع؟! لا بد أن يسمع فذكر الأمر المنطقي قريب ثم مجيب. الوقفة كاملة


إظهار النتائج من 31 إلى 40 من إجمالي 429 نتيجة.