وقفات "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" سورة الحديد آية:٢٥




(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ❨٢٥❩)
التدبر
انشغال العالِم بإصلاح الدين وسكوته عن إصلاح الدنيا يرسخ علمانية تفصل الدين عن الدنيا والله أمر بإصلاح الأمرين (وأنزلنا معهم الكتاب والميزان) عبد العزب ــــ ˮعبدالعزيز الطريفي“ ☍...
﴿وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد﴾ أنزل الله الحديد مع الحديث لأنه يعلم أن من عباده من يرتدع بالأقوى ولاينتفع بالتقوى ــــ ˮمحمد الفراج“ ☍...
العدل، إقامته من أعظم مقاصد إنزال الكُتب وإرسال الرسل "لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط"
‏الآمرون بالعدل من الناس منزلتهم عظيمة والقسط مقصد الرسالات والكتب “لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط” ــــ ˮ“ ☍...
قوام الدين ( قرآن ) يهدي ( وسيف ) ينصر " وأنزلنا معهم ( الكتاب ) والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا ( الحديد ) فيه بأس شديد ومنافع " ــــ ˮابو حمزة الكناني“ ☍...
﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ﴾ ..البأس الشديد في الحديد وليس في الخطب والأشعار. ــــ ˮ#عبدالله بلقاسم“ ☍...
فيه إشارة لأولي الألباب إلى الوسائل التي تتيح الغلبة والقوة، وإشارة أخرى إلى أن الحق لا ينتصر بالحماس الجاهل، فمن فقد عدالة المبدأ وخبرة القدير المدرب، فلا يلومن إلا نفسه! ــــ ˮأبو حامد الغزالى“ ☍...
(وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع) لن ينفع الأمة بعد رعاية الله لها إلا يدها التي تعرف كيف تستخدم الحديد في حماية العقيدة ونصرة المستضعفين. ــــ ˮابو حمزة الكناني“ ☍...
دروس ليدبروا آياته – سورة الحديد آية 25 ــــ ˮناصر العمر“ ☍...
لا يكتمل عدل الإنسان مع الخالق إلا إذا عدل مع المخلوق ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) . ــــ ˮعبدالعزيز الطريفي“ ☍...
لا تكتمل رسالة العالم حتى يُصلح الدنيا بالميزان ، كما يُصلح الدين بالكتاب ( وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ) . ــــ ˮعبدالعزيز الطريفي“ ☍...
" إن الله قوي عزيز " سبحانه ينصر من نصره من غير احتياج منه إلى الناس. ــــ ˮمجالس التدبر“ ☍...
{وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ }
اتباع هدى الأنبياء فيه صلاح الدين والدنيا. ــــ ˮمجالس التدبر“ ☍...
لا حق بغير قوة ؛ فمن رام نشر الهدي وإقامة العدل وجب عليه امتلاك القوة التي تمكنه من بلوغ هدفه وتحقيق طموحه . ــــ ˮمصحف تدبر المفصل“ ☍...
الحق والعلم دون قوة ضعفٌ وعجزٌ وصغار، والبأس والقوة دون شريعة بينة وميزان عادل فساد وخراب ودمار. ــــ ˮمصحف تدبر المفصل“ ☍...
لا تكتمل رسالة العالم حتي يصلح الدنيا بالعدل والميزان , كما يصلح الدين بالكتاب والفرقان . ــــ ˮمصحف تدبر المفصل“ ☍...
سعادة الناس وطمأنينتهم لا تقوم إلا بصلاح دينهم ودنياهم معا , دون إهمال جانب علي حساب آخر . ــــ ˮمصحف تدبر المفصل“ ☍...
وسورة الحديد ذكر فيها الميزان مرة واحدة (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) ــــ ˮمجالس التدبر“ ☍...
نتعلم منها أن نزن كل أعمالنا في الدنيا ولا نبخس حقوق الناس لا ماديا ولا معنويا حتى نكون ممن ترجح موازينهم بالحسنات يوم القيامة فيكونوا من الفائزين الناجين. ــــ ˮمجالس التدبر“ ☍...
﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ﴾:
العدل من أهم مقاصد الشريعة. ــــ ˮعبدالله الغفيلي“ ☍...
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ❨٢٥❩)
تذكر واعتبار
الإعجاز فى كلمة و انزلنا الحديد الشيخ زغلول النجار ــــ ˮزغلول النجار“ ☍...
برنامج فسيروا
سورة الحديد
أية 25 ــــ ˮفهد الكندري“ ☍...
هل التاريخ يصنعه القادة أم الشعوب؟ ــــ ˮصالح آل الشيخ“ ☍...
تدبر سورة الحديد د. أحمد عبدالمنعم ــــ ˮبدون مصدر“ ☍...
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ❨٢٥❩)
احكام وآداب
تفسير سورة الحديد من الآية 25 إلى الآية 27 من موقع الدرر السنية في موسوعته التفسيرية الرائعة التي تحتوي على : - غريب الكلمات - المعنى الإجمالي - تفسير الآيات - الفوائد التربوية - الفوائد العلمية واللطائف - بلاغة الآيات. ــــ ˮ11 تفسير موقع الدرر السنية“ ☍...
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ❨٢٥❩)
الدعاء والمناجاة
ادعُ الله أن ينصر هذا الدين, ﴿ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِٱلْغَيْبِ ۚ ﴾ ــــ ˮالقرآن تدبر وعمل“ ☍...
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ❨٢٥❩)
إقترحات أعمال بالآيات
عدد ثلاثة من مظاهر قوة الله تبارك وتعالى فيما تراه وتشاهده من حولك, ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ ﴾ ــــ ˮالقرآن تدبر وعمل“ ☍...
- تبرع لعمل خيري لنصرة هذا الدين, ﴿ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِٱلْغَيْبِ ۚ ﴾ ــــ ˮالقرآن تدبر وعمل“ ☍...
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ❨٢٥❩)
التساؤلات
س/ (وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب)
كيف ينصر المسلم ربه ورسله فى حال الغيب؟ قد يكون واضحا معنى نصره في الشهادة، لكن كيف يكون فى الغيب؟

ج/ المقصود من ينصره بإخلاص قلبه وصدق غيبه. ــــ ˮخالد رمضان“ ☍...
س/ قال تعالى: ﴿وَمَن يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً...﴾ ما معنى (مراغما كثيرا)، و كيف تعرب كلمة (رسله) في الآية (٢٥) من سورة الحديد: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾؟

ج/ مراغما كثيرا: أي: سعة المكان ورفاهية العيش، ورسله: معطوف منصوب على الهاء المفعول به في ينصره. ــــ ˮمحسن المطيرى“ ☍...
س/ يقول الله عز وجل في الآية الكريمة من سورة الزمر: (وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) فهل كلمة "أنزل" تعني أنّ الأنعام جاءت من خارج الكرة الأرضية على غرار الآية التي جاءت في الحديد: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد)؟

ج/ اختلف المفسرون في معنى إنزال الأنعام المذكور في الآية الكريمة على أقوال:
فذهب كثير منهم إلى أن المعنى : خلق، وهو المشهور.
وذهب آخرون إلى أن المعنى: قضى وقَدَّر
فالإنزال عبارة عن نزول أمره وقضائه
وجمع السعدي رحمه الله بين هذين القولين:
" أي: خلقها بقدَرٍ نازل منه ، رحمة بكم ".
وقيل:إن الإخبار عن الأنعام بالإنزال لأنها لا تعيش إلا بالنبات، الذي يخرج بالمطر المنزل من السماء.
وقيل:الإنزال على ظاهره؛وذلك لا يعني أن الأنعام منزلة من السماء، والله لم يذكر أنها منزلة من السماء؛وإنما معنى إنزالها أنها نزلت من أصلاب آبائها إلى بطون أمهاتها ثم نزلت من بطون أمهاتها. ــــ ˮعبد الله العواجي“ ☍...
س/ ما وجه المقارنة بين إنزال وحي السماء وبين إنزال الحديد، في آية (٢٥) في سورة الحديد؟

ج/ (الإنزال) في آية الحديد ذكر المفسرون على أنه بمعنى الخلق، والإيجاد، والتقدير والتسخير؛ لأنه لما كانت أوامر الله تعالى وأحكامه تلقى من السماء إلى الأرض، جعل الكل (نزولاً) منها، والله أعلم. ــــ ˮيحيى الزهراني“ ☍...
س/ ما تفسير قوله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾؟

ج/ امتن الله على عباده بخلق الحديد وذكر من فوائده أنه تُصنع منه الأسلحة للجهاد بها في سبيل الله وكذلك فيه منافع كثيرة للناس لكون كثير من الصناعات تعتمد عليه. ــــ ˮضيف الله الشمراني“ ☍...
س/ ما تفسير قوله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾؟

ج/ جمهور المفسرين على أن المراد بـ (الإنزال) فيها بمعنى الخلق والإيجاد، وفي تفسير (الجلالين): أي: أنشأناه، وخلقناه. ويحمله بعض المعاصرين على ظاهره: أنه أنزل إلى الأرض من السماء إنزالًا حقيقيا ويؤيدون ذلك بالأبحاث المعاصرة. ولا تعارض. ــــ ˮعبد الله العواجي“ ☍...
س/ ما المقصود بعلم الله في هذه الآية: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ﴾ - هو يعلم سبحانه كل شيء هذا لا شك فيه - لكن ما المقصود منها؟

ج/ يعلم الشيء كائنا بعد وجوده مع علمه السابق به قبل وجوده، أي: علما يترتب عليه الثواب والعقاب؛ فلا ينافي أنه كان عالما به قبل ذلك. وفائدة الاختبار: ظهور الأمر للناس. ــــ ˮعبد الله العواجي“ ☍...
س/ لماذا ذكر في قوله تعالى: ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ..﴾ وأنزلنا للحديد؛ رغم عدم نزوله من السماء بل يستخرج من الأرض؟

ج/ قال أبو حيان: عبر تعالى عن إيجاده بالإنزال كما قال: (وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج) لأن الأوامر وجميع القضايا والأحكام لما كانت تلقي من السماء جعل الكل نزولا منها، وأراد بالحديد جنسه من المعادن قاله الجمهور. فالمراد (وأنزلنا الحديد) وجعلنا الحديد. كما قال ابن كثير. ــــ ˮمنيرة الدوسري“ ☍...
س/ هل يصح تفسير: (الْمِيزَانَ) في سورة الحديد بالسنة والمنهاج وهل ورد ذلك عن السلف إذ هي ميزان صحة فهم الكتاب وصحة العمل به، وقد قال ابن عيينة: رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الأعظم عليه توزن الأعمال، وللمناسبة مع ما ذكر في آخر السورة من ابتداع الرهبانية؟

ج/ لم يرد ذلك عن السلف نصاً حسب اطلاعي، وإنما ورد أن الميزان هو العدل أو الميزان الذي يوزن به، ولكنه من فهم المتأخرين قياساً على وظيفة الميزان الحسي في إقامة القسط. ــــ ˮعبدالرحمن بن معاضة الشهري“ ☍...
س/ قال جلَّ وعلا: ﴿وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ﴾ هل ‏أنزل الحديد من السَّماء إلي الأرض أم الله علم أهل الأرض كيفية صنع الحديد؟

ج/ إنزال الحديد فيه قولان:
١- أنه نزل مع آدم؛ قاله ابن عباس.
٢- أنه بمعنى الخلق والإيجاد كقوله: (وأنزل لكم من الأنعام)؛ وهذا ما رجحه ابن تيمية. ــــ ˮأحمد المالكي“ ☍...
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ❨٢٥❩)
تفسير و تدارس
تفسير ابن عثيمين سورة " الحديد"
تفسير آية (25) ــــ ˮمحمد بن صالح ابن عثيمين“ ☍...
دروس في الحرم المكي
تدارس في الحرم المكي عن أية رقم 25 ــــ ˮمحمد بن صالح ابن عثيمين“ ☍...
تفسير سورة الحديد دورة الاترجة
آية 25
من:00:20:04 إلى:00:26:10 ــــ ˮمحمد بن عبدالعزيز الخضيري“ ☍...
إشراقات قرآنية
سورة الحديد الآية (25)
من:00:00:28 إلى:00:10:22 ــــ ˮسلمان العودة“ ☍...
المجالس في تفسير المفصل
اية 25 - سورة الحديد
من:00:24:00 إلى:00:36:24 ــــ ˮصالح الفوزان“ ☍...
تفسير محمد العثيمين سورة الحديد
آيه 25 ــــ ˮمحمد بن صالح ابن عثيمين“ ☍...
التعليق علي تفسير ابن كثير
تفسير سوره الحديد الآية
25

من:1:14 إلى:38:09 ــــ ˮعبدالرحمن العجلان“ ☍...
التعليق على تفسير الطبرى سورة الحديد
اية 25
من:06:42:47 إلى:07:14:09 ــــ ˮمساعد بن سليمان الطيار“ ☍...
أيسر التفاسير
سورة الحديد آية 25
من:01:11:40 إلى:01:19:16 ــــ ˮأبو بكر الجزائري“ ☍...
شرح كتاب المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير
سورة الحديد آية 25
من:02:03:48 إلى:02:10:30 ــــ ˮخالد السبت“ ☍...
التعليق على تفسير الطبري الدكتور مساعد الطيار
سورة الحديد
آية 25

من:33:20 إلى:58:35 ــــ ˮمساعد بن سليمان الطيار“ ☍...
دروس تفسير القرآن الكريم
سورة الحديد
أية 25

من:00:24:12 إلى:01:01:39 ــــ ˮصالح آل الشيخ“ ☍...
تفسير النابلسي
[الحديد آية:٢٥] ــــ ˮمحمد راتب النابلسى“ ☍...
التعليق علي تفسير القرطبي
سورة الحديد اية 25
من:33:15 إلى:51:40 ــــ ˮعبدالله محمد الأمين الشنقيطي“ ☍...
التعليق علي تفسير القرطبي
سورة الحديد اية 25
من:6:14 إلى:19:28 ــــ ˮعبدالله محمد الأمين الشنقيطي“ ☍...
خواطر الشيخ الشعراوي سورة الحديد
آية 25 الجزء الأول
من:19:35 إلى:36:00 ــــ ˮمحمد متولي الشعراوي“ ☍...
خواطر الشيخ الشعراوي سورة الحديد
آية 25 الجزء الثاني
من:0:19 إلى:13:49 ــــ ˮمحمد متولي الشعراوي“ ☍...
التعليق على تفسير القرطبي
سورة الحديد ، آية 25
من:00:30:57 إلى:00:46:51 ــــ ˮعبدالكريم الخضير“ ☍...
التعليق على تفسير القرطبي
سورة الحديد ، آية 25
من:00:30:57 إلى:00:46:51 ــــ ˮعبدالكريم الخضير“ ☍...
المختصر في التفسير سورة الحديد
آية ٢٥
من:00:20:06 إلى:00:21:17 ــــ ˮ#المختصر في التفسير“ ☍...
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ❨٢٥❩)
أسرار بلاغية
قوله {لقد أرسلنا رسلنا بالبينات} ابتداء الكلام {ولقد أرسلنا نوحا} عطف عليه ــــ ˮكتاب : أسرار التكرار للكرماني“ ☍...
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25))
*نظرة عامة على الآية :
قال سبحانه وتعالى في سورة الحديد (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25)) ربنا سبحانه وتعالى ذكر أنه أرسل الرسل بما ذكر: البينات والكتاب والميزان وذكر الغرض (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) ثم ذكر إنزال الحديد وذكر أن فيه بأساً شديداً (وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) ثم ذكر العِلّة (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) ثم بيّن أنه سبحانه ليس محتاجاً للنصر (إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) ولكن هذا ما يتعلق به الجزاء وليس لنصرة الله لأنه هو القوي العزيز. ليس المقصود نصرة الله لأنه هو القوي العزيز لأن الله تعالى ليس محتاجاً لذلك وإنما هو نصر لدعوته وإقامة شرعه. هذا العمل يتعلق به الجزاء للشخص في قائمة حسناته.
* ما دلالة تقديم البينات على الكتاب والكتاب على الميزان؟ هل له غرض بياني معين؟
البينات هي المعجزات الظاهرة التي أوتيها الرسل والدلائل والحجج التي تدل على النبوّة مثل عصا موسى وناقة صالح وإبراء عيسى للأكمه والأبرص هذه هي البينات وهي جمع بينة. وذكر معها الكتاب والميزان فقدم البينة على الكتاب لأنها سبيل للإيمان به والتصديق، البينة أي المعجزة هي السبيل للإيمان وإلا كل واحد يدّعي أنه عنده كتاب أو جاءه كتاب، إذن ينبغي أن تكون هناك بينة تصدق هذا المرسَل وتصدق ما جاء منه من كتاب. إذن البينة تسبق الكتاب. والكتاب أسبق من الميزان لأن الكتاب فيه الميزان لأن الميزان هو كل ما يتميز به الحق من الباطل والعدل من الظلم وكل ما يتعلق بأمور الشرع هذه تكون في الكتاب. الكتاب يتضمن الميزان لأن فيه كل ما يتعلق بالحقوق والميزان للحقوق. والميزان هو الآلة المعروفة. الكتاب والميزان هو كل ما يتميز به الحق من الباطل والعدل من الظلم من أمور يذكرها في حياة الناس، وحياة الناس ليست فقط ما يتعلق بهذه الآلة وإنما هنالك حقوق وواجبات ومعاملات وحقوق وعقائد وكله يندرج تحت الميزان لأنك تقول كلامك حق أو باطل، احتجاجك حق أو باطل هذا ميزان، وهذه موضوعة في الكتاب إذن الكتاب يتضمن الميزان إذن هو أسبق من الميزان لأن الميزان هو في الكتاب. إذن الترتيب البينات لأنها تدل على صحة الكتاب وتثبته والحجج التي تقوم على صحته، الكتاب، الميزان.
معنى القسط هو العدل والحِصّة والنصيب ايضاً "أخذ كل منهم قسطه" حتى البيع بالتقسيط. إذن القسط له دلالتان هنا العدل والحصة والنصيب. الفعل الثلاثي قَسَط بمعنى جار وظلم (وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) الجن) أقسط الهمزة تسمى همزة السلب يعني رفع الظلم والجور سلبه رفعه وأزاله أي عدل مثل جار أي ظلم وأجار أزال الجور ومنعه، صرخ وأصرخ أي أزال صراخه، عجم الكتاب وأعجمه أي أزال عجمته.
* لماذا قال (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) ولم يقل بالعدل؟
القسط يكون أولاً في الوزن وغيره وله معنيان العدل والحِصّة والنصيب ولذلك كلمة القسط تستعمل في القرآن في الوزن وفي غيره (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ (42) المائدة) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ (135) النساء) لكن هنا استعمال القسط أنسب في هذا الموضع. أولاً لم يستعمل العدل مع الميزان مطلقاً في القرآن كله لم يستعمل إلا القسط لأن القسط هو الحصة والنصيب والغرض من الميزان أن يأخذ الإنسان نصيبه ولذلك لم ترد في القرآن كلمة العدل مع الوزن (وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ (152) الأنعام) (ونضع الموازين القسط () ) (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) الرحمن) ومن أسماء الميزان القسطاس (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُواْ بِالقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ (35) الإسراء) باعتبار يأخذ حقه. القسط عامة لكن مع الميزان لم تستعمل إلا كلمة القسط لأن من معاني القسط الحصة والنصيب والغرض من الميزان الحصة والنصيب. وللعلم كلمة يقوم لم ترد في القرآن مع العدل (قوامين بالقسط) فقط (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ (25) الحديد) (وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ (127) النساء) (شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ (18) آل عمران ) (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ (135) النساء) (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9) الرحمن) (وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ (85) هود). إذن هنالك أمران: الأول أنه ذكر الوزن ولم يستعمل القرآن مع الوزن إلا القسط وقال ليقوم ولم يستعمل مع يقوم في الوزن وغير الوزن إلا القسط. إذن هناك أمران اقتضيا ذكر القسط دون العدل. يقوم أي ينهض به (وَالَّذِينَ هُم بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (33) المعارج) القيام بالعمل (وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) الحج) ينهض بالأمر يقوم به. لم يستعمل القيام مع العدل وإنما استعمله مع القسط وليقوم لم يستعمل القيام مع العدل وإنما استعمله مع القسط.
*في قوله تعالى (وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) ما هو ارتباط الآية بما قبلها؟
وأنزلنا معهم الكتاب بأس شديد إشارة إلى أن الحق بحاجة إلى قوة لتحميه (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) قيام الناس بالقسط إنما يكون بالبأس والقوة والناس لا ترعوي إلا بالقوة. لذلك قال فيه بأس شديد ولم يقل قوة لأنه أحياناً يقتضي الحرب لإقامة القسط. إذا لم يكن قوة تحمي العدل تضيع الحقوق، وإذا تُرك الناس هكذا دون قوة تحمي الحقوق تكثر المظالم. إذن إنزال الحديد إشارة إلى أن تلك المصالح تحتاج إلى قوة لتنفيذها لذا جاءت بعدها (فيه بأس شديد). (بأس) بمعنى حرب أو الشدة في الحرب والبأس العذاب (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ (5) الإسراء) (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ (33) النمل) (وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18) الأحزاب) إذا اقتضى الأمر الحرب لإقامته لأن الحق لا يقوم من نفسه إذا لم تكن هنالك قوة تحميه وتحفظه لا يمكن أن يقوم وتضيع الحقوق وإذا اقتضى الأمر حتى لو أُعلن الحرب على الظالم أو على الظلم ومن يتعدى الحدود نعلن الحرب (وأنزلنا الحديد) حتى تحمي حقوق الله.
ماذا أفاد وصف البأس بالشديد؟ البأس درجات كما أن الحرب درجات والردع درجات ليست كلها على درجة واحدة. فيه بأس شديد أحياناً يحتاج إلى شدة البأس. لم يقل قوة شديدة لأن القوة عامة في الحرب وغير الحرب، قال تعالى (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً (54) الروم) ليس لها علاقة بالردع (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ (12) مريم) أحياناً ليس لها علاقة بالردع وإنما عامة. (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ (60) الأنفال) هذه إعداد القوة للبأس. إذن القوة عامة والبأس خاص (قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ (33) النمل) وهم مع ذلك أشداء في الحرب لأنه قد يملك الإنسان قوة لكن ليس لديه بأس، يملك أدوات الحرب لكنه ليس ذا بأس. نرى جنوداً عندهم قوة لكنهم ليسوا أشداء في الحرب. فإذن القوة عامة (ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً) ليست مخصصة بحالة صراع.
*ما دلالة كلمة أنزلنا مع الحديد؟
(وأنزلنا الحديد) كلمة أنزلنا هذه ما معناها؟ القدامى والمحدثون يقول القدامى أن الحديد أنزله الله تعالى من السماء ولم ينشأ في الأرض، أنزله ربنا وهذا ما يكيل إليه المحدثون أن الحديد أُنزل وقالوا كل عمر الأرض لا يكون حديداً وبحثوا فيها بحوثاً كثيرة والمحدثون يميلون أن المقصود بأنزلنا الإنزال أن الحديد منزل إلى الأرض ولم يتكون في الأرض واكتُشف بعد أن أنزله ربنا. وقسم يقول أنزلنا بمعنى خلقنا (وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ (6) الزمر) أيضاً القدامى اختلفوا فيها هل تكونت الحياة في الأرض أو ربنا كوّنها عنده ثم أنزلنا. المحدثون أكثرهم يميلون إلى الإنزال ويعتبرون هذه الآية من الاعجاز العلمي. أنزل قالوا أنها موجودة بمعنى خلق وقد يكون هذا وهذا وقد يكون أنزله ثم اكتشفه الناس. والأظهر أن الإنزال يكون من عند الله سبحانه وتعالى والله أعلم.
(لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ) ما معنى بالغيب؟ يقولون هي للدلالة على إخلاصهم ونصرتهم لله فهم ينصرونه سواء علِم بهم الناس أم لم يعلم بهم الناس. هم فعلوا ذلك وإن لم يطّلع عليهم أحد، غائبين عن عيون الناس. وقسم يقولون ينصرونه ولا يبصرونه، ينصرون الله وهم مؤمنون به. أنت تعبد ربك ولا تبصره هذا هو الغيب. الغيب إما غيب عن الناس أخفياء يفعلون ذلك أخفياء وليس بالضرورة أن يطّلع عليهم أحد وبالغيب أي يعبد ربه بالغيب مؤمناً به كما يؤمن بالآخرة بالغيب فهو ينصره بالغيب أي مؤمن به ولم يره. والآية تحتمل المعنيين إحداهما دليل إخلاص والإيمان بالغيب من شدة الإخلاص.
*ما دلالة (ليعلم) مع أن الله تعالى هو العليم الخبير؟
لا شك هو ربنا عالم بالشيء قبل وقوعه وهو الذي كتب كل شيء لكنه هو يقصد العلم الذي يتعلق به الجزاء. ربنا يجازي الشخص على عمله لا على علمه فقط، يعلم ويعمل ويجازيه. هذا العلم الذي يتعلق به الجزاء وهو في القرآن كثير (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ (25) الحديد) ربنا يعلم لكن يريد من ينصره ورسله في واقع الحياة، لمقصود علمه بعد عمل المرء. (إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ (143) البقرة) هو يعلم قبل ذلك لكن علم يتعلق به الجزاء، تطبيق على ما في علم الله (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ (31) محمد) .

* ختمت الآية بقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) وفي سورة الحج (إن الله لقوي عزيز) ما اللمسة البيانية بين الآيتين؟
ذكرنا أنه ختم قوي عزيز ليبين أنه غير محتاج لمن ينصره وربنا قوي عزيز لكن حتى يتعلق به الجزاء. الذي يحدد هو السياق لو نظرنا في سياق آية الحج قال (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)) هذه الآية في سياق الإذن للمؤمنين بالجهاد (وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) ثم وعدهم بالنصر المؤكد (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) اللام لام القسم والنون للتوكيد قسم وتوكيد فصار مؤكداً. هنا من الذي ينصر؟ الله سبحانه وتعالى. في الحديد قال (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) هناك المؤمن هو الذي ينصر الله ووفي الحج الله تعالى هو الذي ينصر المستضعفين. إذن آية الحديد فيمن ينصر الله (وليعلم الله) هنا ربنا هو الذي ينصر (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ) من الأقوى الناصر أو الذي يُنصر؟ الناصر أقوى. إذن آية الحج قطعاً تحتاج لتوكيد ولا يمكن أن يكونا سواء في واحدة ذكر من ينصر الله والثانية ذكر أن الله تعالى هو الذي ينصر الناصر هو أقوى ولهذا قال (إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) لا يمكن أن يكونا سواء وهذا ميزان في التعبير. ــــ ˮموقع إسلاميات“ ☍...
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)

(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ)
البينات هي المعجزات الظاهرة والدلائل والحجج التي تدل على النبوة (1) وذلك كعصا موسى وإبراء عيسى للأكمه والأبرص وإحياء الموتى ونحو ذلك من الآيات البينات التي تدل على صحة النبوة وصدق المرسلين.
وَ(الْمِيزَانَ) هو كل ما يتميز به الحق من الباطل والعدل من الظلم والزائد من الناقص، ومنه الآلة المعروفة بين الناس.
جاء في (تفسير الرازي): (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ) ... أنها هي المعجزات الظاهرة والدلائل القاهرة... والميزان هو الذي يتميز به العدل عن الظلم والزائد عن الناقص (2). وجاء في (تفسير ابن كثير): (الْمِيزَانَ) وهو العدل... [وقيل] وهو الحق الذي تشهد به العقول الصحيحة المستقيمة المخالفة للآراء السقيمة (3).
وجاء في (روح المعاني): (بِالْبَيِّنَاتِ) أي بالحجج والمعجزات...و(الْمِيزَانَ) الآلة المعروفة بين الناس .. وإنزاله إنزال أسبابه (4).
وجاء في (التحرير والتنوير): الميزان مستعار للعدل بين الناس في إعطاء حقوقهم لأن مما يقتضيه الميزان وجود طرفين يراد معرفة تكافئهما... وهذا الميزان تبينه كتب الرسل فذكره بخصوصه للاهتمام بأمره لأنه وسيلة انتظام أمور البشر(5).
وقدم البينات على الكتاب لأنها هي التي تشهد بصحته وتدعو إلى قبوله والإيمان به والأخذ بتعاليمه.
وقدم الكتاب على الميزان لأن فيه بيان الأحكام المقتضية للعدل والإنصاف على العموم ومنها إقامة الوزن بالقسط. ويشمل أحكام المعاملات وغيرها كالعقائد وبيان ما يصلح حياة الإنسان في الدنيا والآخرة فهو أهم وأثره أعم وأشمل.
(لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ)
علة لإنزال الميزان كما يصح أن يكون علة لما تقدم من إنزال الكتاب والميزان وهو ما يترجح في ظني فإن القسط يكون في الوزن وغيره من الأحكام قال تعالى (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَىٰ بِالْقِسْطِ ۚ) - النساء (۱۲۷) وقال (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ۚ) ۔ المائدة (42) وقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ ) - المائدة (8) وهذا في غير الوزن.
جاء في (البحر المحيط): (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ) الظاهر أنه علة لإنزال الميزان فقط ويجوز أن يكون علة لإنزال الكتاب والميزان معاً لأن القسط هو العدل في جميع الأشياء من سائر التكاليف فإنه لا جور في شيء منها ولذلك جاء (أشهد الله أنه لا إله إلا هو وأولو العلم قائماً بالقسط)(6).
وقال (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ) ولم يقل (ليقوم الناس بالعدل) مع أن من معاني القسط العدل ذلك أن استعمال (القسط) أنسب ههنا من (العدل) فإن (القسط) يأتي لمعنى الحصة والنصيب، يقال: أخذ كل واحد من الشركاء قسطه أي حصته. وكل مقدار فهو قسط في الماء وغيره. والقسط بالكسر العدل. والإقساط العدل في القسمة والحكم(7).
والعدل بما قام في النفوس أنه مستقيم ... والعدل المرضى قوله وحكمه ... [عن سعيد بن المسيب: إن العدل على أربعة أنحاء: العدل في الحكم قال الله تعالى (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ ۚ) والعدل في القول قال الله تعالى (وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا) ، والعدل الفدية ... والعدل في الإشراك(8).
وفي الآية استعمال (القسط) أنسب وذلك لذكر الميزان، فإن الغرض من الوزن أن يأخذ الشخص حصته ونصيبه وهو من معاني القسط. ولذا لم يرد في القرآن الكريم مع الوزن إلا لفظ (القسط) ولم يستعمل معه العدل. قال تعالى (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ ) - الأنعام (152) وقال (وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ ۖ ) - هود (85) وقال (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) - الأنبياء (47). وقال (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ) - الرحمن (۹).
ومن أسماء الميزان (القسطاس) قال تعالى (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ) - الإسراء (35) وقال (وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ) - الشعراء (۱۸۲).
هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى أنه ذكر الفعل (يقوم) فقال (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ) وقد ورد فعل القيام في القرآن مع لفظ (القسط) ولم يرد مع (العدل) قال تعالى: (وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَىٰ بِالْقِسْطِ ۚ) - النساء (۱۲۷) وقال (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ۚ) - آل عمران (۱۸) وقال (كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ) - النساء (۱۳۰) وقال: (وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ) - الرحمن (۹) فناسب ذكر القسط من أكثر من جهة.
(وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ)
ورود هذا التعبير بعد قوله (وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ) إشارة إلى أن الحق به حاجة إلى القوة لتحميه وتحفظه وأن الميزان وقيام الناس بالقسط إنما يكون بالبأس الشديد والقوة. قال عثمان رضي الله عنه: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن). جاء في (روح المعاني): (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) قال الحسن أي خلقناه ... (فِيهِ بَأْسٌ) ... وهذا إشارة إلى احتياج الكتاب والميزان إلى القائم بالسيف ليحصل القيام بالقسط فإن الظلم من شيم النفوس(9).
وقال (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ ) ولم يقل فيه قوة وذلك للدلالة على الردع بالقوة وبالحرب إذا اقتضى الأمر ذلك أن معنى البأساء الحرب والمشقة والضرب. و(البأس) معناه الشدة في الحرب. والبأس العذاب(10)..
قال تعالى (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ) - الإسراء (5) أي أشداء في الحرب. وقال (قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ۖ) - الفتح (۱۷).
وقال: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ ۚ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ ۖ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ) - النساء (84). وقال (وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ) - البقرة (۱۷۷) أي حين القتال. وقال (قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ۖ وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا) - الأحزاب (18) أي الحرب. وقال (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ ۗ) - الأنعام (65). فأنت ترى أن البأس إنما يكون في الحرب أو نحوها.
أما القوة فهي عامة في الحرب وغيرها. قال تعالى (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ) - الروم (54). وقال (يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ) - مريم (۱۲) وفي قصة سليمان قالوا نَحْنُ (أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ) - النمل (33). أي أن معهم القوة وهم مع ذلك أشداء في الحرب. لأن الإنسان قد يملك القوة ولكن ليس ذا بأس في الحرب والقتال كمن يملك سيفاً ورمحاً وليست عنده الشجاعة والثبات في الحرب.
فقوله (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) بعد قوله (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ) للدلالة على أن الحق إنما يحمي بالقوة. جاء في (تفسير الرازي): والحاصل أن الكتاب إشارة إلى القوة النظرية. والميزان إلى القوة العملية. والحديد إلى دفع ما لا ينبغي. ولما كان أشرف الأقسام رعاية المصالح الروحانية ثم رعاية المصالح الجسمانية ثم الزجر عما لا ينبغي روعي هذا الترتيب في هذه الآية.
وثانيها: المعاملة إما مع الخالق وطريقها الكتاب. أو مع الخلق وهم إما الأحباب والمعاملة معهم بالسوية وهي بالميزان. أو مع الأعداء والمعاملة بالسيف والحديد.
وثالثها: الأقوام ثلاثة:
إما السابقون وهم يعاملون الخلق بمقتضى الكتاب فينصفون ولا ينتصفون.
ويحترزون عن مواقع الشبهات.
وإما مقتصدون وهم الذين ينصفون وينتصفون فلابد لهم من الميزان. واما ظالمون وهم الذين ينتصفون ولا ينصفون ولابد لهم من الحديد والزجر...
وسابعها: الكتاب إشارة إلى ما ذكر الله في كتابه من الأحكام المقتضية للعدل والإنصاف. والميزان إشارة إلى حمل الناس على تلك الأحكام المبنية على العدل والإنصاف وهو شأن الملوك. والحديد إشارة إلى أنهم لو تمردوا لوجب أن يحملوا عليهما بالسيف(11).
وذكروا في إنزال الحديد قولين: الأول: إنزاله من السماء. والقول الآخر: أن معنى الإنزال هو الإنشاء والتهيئة والخلق كقوله تعالى (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ ۚ) - الزمر (6)(12).
ويذهب المحدثون إلى القول الأول فهم يقولون: إن الحديد إنما أنزل من السماء ولا مانع من أن يكون القولان صحيحين فالله خلقه وأنزله. والله أعلم.
(وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) في مصالحهم ومعايشهم وصنائعهم(13). ونكر المنافع للإطلاق.
وذكر أن المنافع للناس ولم يذكر أن إنزال الحديد للناس فهو لم يقل (وأنزلنا الحديد للناس فيه بأس شديد ومنافع لهم) لأن المعني سيكون أنه أنزل الحديد للناس ليقتتلوا وليذيق بعضهم بأس بعض. وليس هذا هو المقصود. فذكر أن المنافع للناس دون البأس الشديد وإنما البأس الشديد ليقوم الناس بالقسط ولنصرة الحق والعدل وإشاعته.
(وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ)
هذا تعليل لكل ما تقدم من إنزال الكتب والميزان وإنزال الحديد ليعلم الذين ينصرونه في كل ذلك من دعوة إلى الله وتبيين لأحكامه وطاعة له وجهاد في سبيله فإن ذلك كله نصر لله ورسله.
وقوله (بِالْغَيْبِ) للدلالة على إخلاصهم في نصرتهم لله ورسله فهم ينصرونه سواء علم بهم عباد الله وأبصروهم أم لم يعلم بهم أحد غير خالقهم فهم ينصرونه على كل حال. جاء في (البحر المحيط): (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ) علة لإنزال الكتاب والميزان والحديد. (من ينصره ورسله) بالحجج والبراهين المنتزعة من الكتاب المنزل، وبإقامة العدل وبما يعمل من آلة الحرب للجهاد في سبيل الله(14).
وجاء في (الكشاف): (وليعلم الله من ينصره ورسله) باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح في مجاهدة أعداء الدين (بِالْغَيْبِ) غائباً عنهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ينصرونه ولا يبصرونه(15).
(إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)
ختم الآية بقوله (إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) ليبين أنه غير محتاج إلى من ينصره فإن الله قوي عزيز ولكن ليتعلق بذلك الجزاء في الآخرة.
وقد تقول: لقد قال ههنا (إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) فأكد قوته وعزته بإن. وقال في مكان آخر (إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) - الحج (40) فأكدهما بإن واللام فما الفرق؟
فنقول: إن كل تعبير مناسب للسياق الذي ورد فيه وإليك إيضاح ذلك:
قال تعالى في سورة الحج: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) - الحج (39-40).
فأنت ترى أن الكلام هو في سياق الإذن للمؤمنين بالجهاد وقتال الأعداء بعدما أخرجوا من ديارهم وقوتلوا ظلماً. وقد ذكر أن الله قادر على نصرهم وقد وعدهم بالنصر فقال مؤكداً ذاك (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ) . ولا شك أن النصر محتاج إلى قوة فأكد قوته وعزته بـ (إن) واللام، وقد ناسب تأكيد النصر تأكيد القوة.
وليس السياق كذلك في الحديد. قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ)
فأنت ترى أنها ليست في سياق الجهاد والقتال ولا في سباق نصر الله للمؤمنين. بل في سياق نصر المؤمنين لدعوة (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ) فالأولى في نصره هو لجنوده المستضعفين فأكد قوته. والثانية في نصر المؤمنين لدعوته؛ فزاد في المقام الذي يقتضي زيادة التأكيد(16).



**من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الأول من ص 289 إلى ص 296.
(1) أنظر تفسير الرازي 29/241. روح المعاني 27/288.
(2) تفسير الرازي 29/241 – 242.
(3) تفسير ابن كثير 4/372.
(4) روح المعاني 27/288.
(5) التحرير والتنوير 27/416.
(6) البحر المحيط 10/113.
(7) لسان العرب (قسط) – دار صادر – 7/377 – 378.
(8) لسان العرب (عدل) 11/430 – 431.
(9) روح المعاني 27/288 – 289.
(10) أنظر لسان العرب (بأس) 6/20.
(11) تفسير الرازي 29/242.
(12) أنظر تفسير الرازي 29/243، روح المعاني 27/288، الكشاف 4/66.
(13) الكشاف 4/66.
(14) البحر المحيط 10/114.
(15) الكشاف 4/66 – 67. وأنظر تفسير الرازي 29/244.
(16) التعبير القرآني 171 – 172. ــــ ˮفاضل السامرائي“ ☍...
قوله تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالمِيزَانَ) .
المرادُ بالميزان: العدلُ أو العقل، وقيل: هو الميزان المعروف، أنزله جبريل عليه السلام، فدفعه إلى نوح عليه السلام وقال له: مرْ قومكَ يزنوا به. ــــ ˮكتاب فتح الرحمن بكشف ما يلتبس في القرآن“ ☍...
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) }
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ}
البينات: هي المعجزات الظاهرة والدلائل والحجج التي تدل على النبوة (1)، وذلك كعصا موسى وإبراء عيسى للأكمه والأبرص وإحياء الموتى ونحو ذلك من الآيات البينات التي تدل على صحة النبوة وصدق المرسلين.
و(الميزان) هو كل ما يتميز به الحق من الباطل، والعدل من الظلم، والزائد من الناقص. ومنه الآلة المعروفة بين الناس.
جاء في (تفسير الرازي): "{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ} ... إنها هي المعجزات الظاهرة والدلائل القاهرة ... والميزان هو الذي يتميز به العدل عن الظلم والزائد عن الناقص" (2).وجاء في (تفسير ابن كثير): "{وَالْمِيزَانَ} وهو العد ... [وقيل] وهو الحق الذي تشهد به العقول الصحيحة المستقيمة المخالفة للآراء السقيمة" (3).
وجاء في (روح المعاني): "{بِالْبَيِّنَاتِ} أي الحجج والمعجزات ... و{وَالْمِيزَانَ} الآلة المعروفة بين الناس ... وإنزاله إنزال أسبابه" (4).
وجاء في (التحرير والتنوير): "الميزان: مستعار للعدل بين الناس في إعطاء حقوقهم لأن مما يقتضيه الميزان وجود طرفين يراد معرفة تكافئهما ... وهذا الميزان تبينه كتب الرسل، فذكره بخصوصه للاهتمام بأمره لأنه وسيلة انتظام أمور البشر" (5).
وقدم البينات على الكتب لأنها هي التي تشهد بصحته وتدعو إلى قبوله والإيمان به والأخذ بتعاليمه.
وقدم الكتاب على الميزان لأن فيه بيان الأحكام المقتضية للعدل والإنصاف على العموم، ومنها إقامة الوزن بالقسط. ويشمل أحكام المعاملات وغيرها كالعقائد وبيان ما يصلح حياة الإنسان في الدنيا والآخرة فهو أهم وأثره أعم وأشمل.
{لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}
علة لإنزال الميزان، كما يصح أن يكون علة لما تقدم من إنزال الكتاب و الميزان، وهو ما يترجح في ظني، فإن القسط يكون في الوزن وغيره من الأحكان، قال تعالى: {وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ} [النساء: 127]، وقال: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 42]، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} [المائدة: 8] وهذا في غير الوزن.
جاء في (البحر المحيط): "{لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} الظاهر أنه علة لإنزال الميزان فقط، ويجوز أن يكون علة لإنزال الكتاب والميزان معًا؛ لأن القسط هو العدل في جميع الأشياء من سائر التكاليف، فإنه لا جور في شيء منها، ولذلك جاء {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18]" (6).
وقال: {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} ولم يقل: (ليقوم الناس بالعدل) مع أن من معاني القسد العدل، ذلك أن استعمال (القسط) أنسب ههنا من (العدل)، فإن (القسط) يأتي لمعنى "الحصة والنصيب، يقال: أخذ كل واحد من الشركاء قسطه، أي حصته. وكل مقدار فهو قسط في الماء وغيره ... والقسط بالكسر: العدل ... والإقساط: العدل في القسمة والحكم" (7).
والعدل "ما قام في النفوس أنه مستقيم ... والعدل من الناس: المرضي قوله و حكمه ... [عن سعيد بن المسيب] : إن العدل على أربعة أنحاء: العدل في الحكم، قال الله تعالى: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} (8) والعدل في القول، قال الله تعالى: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} والعدل: الفدية... والعدل في الإشراك" (9).
وفي الآية استعمال (القسط) أنسب وذلك لذكر الميزان، فإن الغرض من الوزن أن يأخذ الشخص حصته ونصيبه وهو من معاني القسط، ولذا لم يرد في القرآن الكريم مع الوزن إلا لفظ (القسط) ولم يستعمل معه العدل، قال تعالى: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ} [الأنعام: 152]، وقال: {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ} [هود: 85]، وقال: {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ}، وقال: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: 9].
ومن أسماء الميزان (القسطاس)، وقال تعالى: {وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} [الإسراء: 35]، وقال: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ (181) وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ} [الشعراء: 182].
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى أنه ذكر الفعل (يقوم) فقال: {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ}. وقد ورد فعل القيام في القرآن مع لفظ (القسط) ولم يرد مع (العدل)، قال تعالى: {وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ} [النساء: 127]، وقال: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ} [آل عمران: 18] وقال: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} [النساء: 135]، وقال: {وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ} [الرحمن: 9] فناسب ذكر القسط من أكثر جهة.
{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ}
ورود هذا التعبير بعد قوله: {وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} إشارة إلى أن الحق به حاجة إلى القوة لتحميه وتحفظه، وأن الميزان وقيام الناس بالقسط إنما يكون بالبأس الشديد والقوة، قال عثمان رضي الله عنه: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن).
جاء في (روح المعاني): "{وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} قال الحسن: أي خلقناه ... {فِيهِ بَأْسٌ} ... وهذا إشارة إلى احتياج الكتاب والميزان إلى القائم بالسيف ليحصل القيام بالقسط، فإن الظلم من شيم النفوس" (10).
وقال: {فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} ولم يقل: فيه قوة، وذلك للدلالة على الردع بالقوة وبالحرب إذا اقتضى الأمر، ذلك أن معنى البأساء: الحرق والمشقة والضرب. و(البأس) معناه الشدة في الحرب، والبأس: العذاب (11).
قال تعالى: {بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ} [الإسراء: 5] أي أشداء في الحرب. وقال: {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح: 16]، وقال: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 84]، وقال: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} [البقرة: 177] أي حين القتال، وقال: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا} [الأحزاب: 18] أي الحرب، وقال: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآَيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ} [الأنعام: 65] فأنت ترى أن البأس إنما يكون في الحرب او نحوها.
أما القوة فهي عامة في الحرب وغيرها، قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً} [الروم: 54]، وقال: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [مريم:12]، وفي قصة سليمان: {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} [النمل: 33] أي معهم القوة، وهم مع ذلك أشداء في الحرب، لأن الإنسان قد يملك القوة ولكن ليس ذا بأس في الحرب والقتال، كمن يملك سيفًا ورمحًا وليست عنده الشجاعة والثبات في الحرب.
فقوله: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} بعد قوله: {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} للدلالة على أن الحق إنما يحمى بالقوة.
جاء في (تفسير الرازي) "والحاصل أن الكتاب إشارة إلى القوة النظرية، والميزان إلى القوة العملية، والحديد إلى دفع ما لا ينبغي، ولما كان أشرف الأقسام رعاية المصالح الروحانية ثم رعاية المصالح الجسمانية ثم الزجر عما لا ينبغي روعي هذا الترتيب في هذه الآية.
وثانيها: المعاملة إما مع الخالق وطريقها الكتاب، أو مع الخلق وهم إما الأحباب والمعاملة معهم بالسوية وهي الميزان، او مع الأعداء والمعاملة معهم بالسيف والحديد.
وثالثها: الأقوام ثلاثة:
أما السابقون، وهم يعاملون الخلق بمقتضى الكتاب فينصفون ولا ينتصفون، ويحترزون عن مواقع الشبهات.
وإما مقتصدون، وهم الذين ينصفون وينتصفون، فلا بد لهم من الميزان، وإما ظالمون، وهم الذين ينتصفون ولا ينصفون، ولا بد لهم من الحديد والزجر ...
وسابعها: الكتاب إشارة إلى ما ذكر الله في كتابه من الأحكام المقتضية للعدل والإنصاف، والميزان إشارة إلى حمل الناس على تلك الأحكان المبينة على العدل والإنصاف، وهو شأن الملوك، والحديد إشارة إلى أنهم لو تمردوا لوجب أن يحملوا عليها بالسيف" (12).وذكروا في إنزال الحديد قولين:
الأول: إنزاله من السماء.
والقول الآخر: أن معنى الإنزال هو الإنشاء والتهيئة والخلق، كقوله تعالى: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: 6] (13).
ويذهب المحدثون إلى القول الأول، فهم يقولون: إن الحديد إنما أنزل من السماء.
ولا مانع من أن يكون القولان صحيحين، فالله خلقه وأنزله، والله أعلم.
{وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ}" في مصالحهم ومعايشهم وصنائعهم" (14). ونكر المنافع للإطلاق. وذكر أن المنافع للناس ولم يذكر أن انزل الحديد للناس، فهو لم يقل: (وأنزلنا الحديد للناس فيه بأس شديد ومنافع لهم) لأن المعنى سيكون أنه أنزل الحديد للناس ليقتتلوا وليذيق بعضهم بأس بعض. وليس هذا هو المقصود، فذكر أن المنافع للناس دون البأس الشديد، وإنما البأس الشديد ليقوم الناس بالقسط ولنصرة الحق والعدل وإشاعته.
{وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ}
هذا تعليل لكل ما تقدم من إنزال الكتب والميزان وإنزال الحديد ليعلم الذين ينصرونه في كل ذلك من دعوة إلى الله وتبيين لأحكامه وطاعة له وجهاد في سبيله، فإن ذلك كله نصر لله ورسوله.
وقوله: {بِالْغَيْبِ} للدلالة على إخلاصهم في نصرتهم لله ورسله، فهم ينصرونه سواء علم بهم عباد الله وأبصروهم أم لم يعلم بهم أحد غير خالقهم، فهم ينصرونه على كل حال.
جاء في (البحر المحيط): "{وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ} علة لإنزال الكتاب والميزان والحديد، {مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ} بالحجج والبراهين المنتزعة من الكتاب المنزل، وبإقامة العدل، وبما من آلة الحرب للجهاد في سبيل الله" (15).
وجاء في (الكشاف): "{وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ} باستعمال السيوف والرماح وسائر السلاح في مجاهدة أعداء الدين (بالغيب) غائبًا عنهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ينصرونه ولا يبصرونه" (16).
{إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}
ختم الآية بقوله: {إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} ليبين أنه غير محتاج إلى من ينصره، فإن الله قوي عزيز ولكن ليتعلق بذلك الجزاء في الآخرة.
وقد تقول: لقد قال هها: {إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} فأكد قوته وعزته بإن، وقال في مكان آخر: {إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج: 40] فأكدهما بإن واللام فما الفرق؟
فنقول: إن كل تعبير مناسب للسياق الذي ورد فيه، وإليك إيضاح ذلك:
"قال تعالى في سورة الحج: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج:39 - 40].
فأنت ترى أن الكلام هو في سياق الإذن للمؤمنين بالجهاد وقتال الأعداء بعدما أخرجوا من ديارهم وقوتلوا ظلمًا، وقد ذكر أن الله قادر على نصرهم وقد وعدهم بالنصر فقال مؤكدًا ذاك: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ} ولا شك أن النصر محتاج إلى قوة فأكد قوته وعزته بإن واللام، وقد ناسب تأكيد النصر تأكيد القوة.
وليس السياق كذلك في الحديد، قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ}
فأنت ترى أنها ليست في سياق الجهاد والقتال ولا في سياق نصر الله للمؤمنين، بل في سياق نصر المؤمنين لدعوة الله {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} فالأولى في نصره هو لجنوده المستضعفين فأكد قوته، والثانية في نصر المؤمنين لدعوته، فزاد في المقام الذي يقتضي زيادة التأكيد" (17).
** من كتاب: على طريق التفسير البياني للدكتور فاضل السامرائي الجزء الأول من ص 407 إلى ص 415.
(1) انظر تفسير الرازي 29/241، روح المعاني 27/188.
(2) تفسير الرازي 29/241 – 242.
(3) تفسير ابن كثير 4/372.
(4) روح المعاني 27/188.
(5) التحرير والتنوير 27/416.
(6) البحر المحيط 10/113.
(7) لسان العرب (قسط) – دار صادر – 7/377 – 378.
(8) كذا في اللسان، والصواب {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ}
(9) لسان العرب (عدل) 11/430 – 431.
(10) روح المعاني 27/188.
(11) انظر لسان العرب (بأس) 6/20.
(12) تفسير الرازي 29/242.
(13) انظر تفسير الرازي 29/243، روح المعاني 27/188، الكشاف 4/66.
(14) الكشاف 4/66.
(15) البحر المحيط 10/114.
(16) الكشاف 4/66 – 67، وانظر تفسير الرازي 29/244.
(17) التعبير القرآني 204. ــــ ˮفاضل السامرائي“ ☍...
﴿لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾
جاءت في الحج مرتين (مؤكدة باللام) في سياق تأكيد نصرة الله لعباده المظلومين، وعظمة قدرة الله تعالى.

﴿قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾
جاءت في الحديد والمجادلة (غير مؤكدة باللام) في سياق إخبار الله تعالى لنصرة من ينصره، وغلبة الله تعالى وغلبة رسله، فجاء الإخبار خاليًا من التوكيد. ــــ ˮمن لطائف القرآن / صالح التركي“ ☍...
(لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ❨٢٥❩)
متشابه
تشابه فى قوله تعالى ( ان الله ) ــــ ˮموقع حصاد“ ☍...
السؤال 10 - ضبط مواضع ( وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ ) ــــ ˮدريد ابراهيم الموصلي“ ☍...
(لقد أرسلنا) بدون الواو
وردت في موضعين. ــــ ˮ“ ☍...
(إن الله لقوي عزيز)
(إن الله قوي عزيز) ــــ ˮ“ ☍...
(لقوي عزيز)
(قوي عزيز) ــــ ˮإبراهيم النفيسة“ ☍...
{الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ "لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ"}
[الحـــــجّ: 40]
{مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ "لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ"}
[الحـــــجّ: 74]
{فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ "الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ"}
[هُـــــــود: 66]
{وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ "قَوِيًّا عَزِيزًا"}
[اﻷحزاب: 25]
{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ "الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ"}
[الشـورى: 19]
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ "قَوِيٌّ عَزِيزٌ"}
[الحــــديد: 25]
{كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ "قَوِيٌّ عَزِيزٌ"}
[المجادلــة: 21]
موضع التشابه : (قويّ) + (عزيز)
الضابط : سبعُ مواضعٍ في القُرآنَ خُتِمت بــ (قويّ) + (عزيز)؛ مع التنبُّه لموضعي الحجّ حيث "قال (لَقَوِيٌّ) مؤكّدًا باللام لأنّ [السُّورة يكثر فيها استعمال التّوكيد] بأساليبه المُختلفة."*
(ربط المتشابهات بمعاني الآيات - د/ دُعاء الزّبيدي)*
* القاعدة : قاعدة الضبط بالحصر.
* القاعدة : قاعدة الضبط بالتأمل.

====القواعد====
* قاعدة الضبط بالحصر ..
المقصود من القاعدة [جمع] الآيات المتشابهة ومعرفة [مواضعها] ..

* قاعدة الضبط بالتأمل للمعنى في الموضع المتشابه ..
وهذه من أمهات القواعد ومهمّات الضوابط، ولذا اعتنى بها السابقون أيّما عناية، وأُلّف فيها كثير من المؤلّفات النافعة، بل هي لُبّ المتشابه، والكثير الحاصل من التشابه إنما جاء [لمعنى عظيم وحكمة بالغة]، قد تخفى على من قرأ القرآن هَذًّا، ويدركها اللبيب الفطن، ولذا من [تدبر] كثيرًا من الآيات المتشابهة وجد أنّ الزيادة والنقصان، والتقديم والتأخير، والإبدال، إلى غير ذلك إنّما هو لمعنى مراد ينبغي الوقوف عنده، والتأمل له .. ــــ ˮ#قناة إتقان المتشابه“ ☍...