| ١٠١ |
*فى الآية الأولى من سورة التغابن هى الوحيدة من آيات التسبيح فى بدايات السور التى لم تختم ب(العزيز الحكيم) فما دلالة ذلك؟
كل السور التي تبدأ بالتسبيح يكون فيها العزيز الحكيم هذان الإسمان الكريمان أو شبيهان بهما إما في الآية أو في السورة، كل سورة تبدأ بالتسبيح إما يقول العزيز الحكيم أو نحو هذا أو السورة لا تخلو من هذين الإسمين العزيز الحكيم إلا آية واحدة في سورة التغابن ختمت بقوله تعالى (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) التغابن) وختم السورة بقوله (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) التغابن)، لماذا؟
التسبيح هو التنزيه عن كل نقص والتقص يظهر عادة إذا كان شخص ليس عنده مسؤولية لا يظهر عليه نقص لكن إذا كان حاكماً أو عزيزاً أو حاكماً يظهر عليه نقص إذا كان عزيزاً وانتهت عزته إلى الحكم فالعزة تسبق الحكم أو الحكمة فإذن ربنا سبحانه وتعالى في هذين الأمرين الذين يظهر فيهما العيب على الآخرين هو ينزه عن كل نقص في عزته وحكمه وحكمته ولذلك كل السور التي تبدأ بالتسبيح الآية نفسها يقول (العزيز الحكيم) أو ما في هذا المعنى وهو آية واحدة (له الملك) وهذه عزة ومنتهى العزة أن يكون له الملك إذن له الملك في معنى من المعاني هو العزيز الحكيم له الملك (وله الحمد) من الحكمة فإذن تصبح بمعنى العزيز الحكيم وقد أنهى السورة بقوله تعالى (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) التغابن).
*(سبّح لله) بصيغة الماضي وفي بعض السور (يسبح) بصيغة المضارع فهل هذا مقصود بذاته؟(د.فاضل السامرائى)
نلاحظ أنه كل سورة تبدأ بـ (سبّح) بالفعل الماصي لا بد أن يجري فيها ذكر للقتال في كل القرآن أي سورة تبدأ بـ (سبّح) فيها ذكر للقتال والمبدوءة بـ (يسبح) ليس فيها ذكر للقتال أبداً. سورة الصف (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4)) كل التي تبدأ بـ (سبّح) لا بد أن يجري فيها ذكر القتال. هذه الآية في سورة الحديد (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)) ليس هنالك سورة في القرآن تبدأ بـ (سبح) إلا ويجري فيها ذكر للقتال وليس هنالك سورة في القرآن تبدأ بـ (يسبح) إلا لم يذكر فيها القتال. هذا توجيه للناس في الحاضر والمستقبل أن يتركوا القتال، أن لا يقاتلوا، الذي جرى جرى في تاريخ البشرية والله تعالى حكيم فعل ما فعل ودعا الناس يفعلون ما يشاؤون، هو التوجيه للخلق، للعقلاء، للناس، للمسلمين أنه في الحال والاستقبال عليهم أن يتركوا القتال ويعيشوا حياتهم، ينصرفوا إلى التعاون وما هو أنفع وما هو أجدى وما هو خير. هو توجيه لما يقول (يسبح) المضارع يدل على الحال والاستقبال لم يذكر القتال وكأنما هو توجيه - والله أعلم - للخلق في حاضرهم ومستقبلهم أن يتركوا القتال، أن لا يتقاتلوا فيما بينهم، أن يتفاهموا، أن يتحاوروا، أن يتحادثوا، أن تكون صدورهم رحبة، هذا أنفع لهم من القتال، الماضي ماضي ذهب لكن (يسبح) كأنه توجيه لعباده. الرابط بين القتال والتسبيح: التنزيه عما لا يليق والقتال لا يليق كما قالت الملائكة (قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30) البقرة).
* ما دلالة ما دلالة تكرار (ما) في قوله تعالى (يسَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ (1)) في سورة التغابن؟(د.فاضل السامرائى)
توجد ظاهرة في آيات التسبيح في القرآن كله. إذا كرّر (ما) فالكلام بعدها يكون على أهل الأرض. وإذا لم يكرر (ما) فالكلام ليس على أهل الآرض وإنما على شيء آخر.
في سورة الحشر قال تعالى (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) بتكرار (ما) وجاء بعدها الكلام عن أهل الأرض. وكذلك في سورة الصفّ وفي سورة الجمعة وفي سورة التغابن (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2)).
بينما في آية أخرى في سورة الحديد ليس الكلام بعدها عن أهل الأرض وإنما هو عن الله تعالى. وكذلك في سورة النور(41) و(42).
هذه قاعدة عامة في القرآن والتعبير القرآني مقصود قصداً فنياً. وهذا في مقام التسبيح ولم أتحقق من هذه القاعدة في غير مقام.
*لماذا قدم السموات على الأرض؟(د.فاضل السامرائى)
أولاً من الذين كان يسبح سابقاً أهل السماء أو أهل الأرض؟ أهل السماء لأن أهل الأرض لم يكونوا موجودين أصلاً، قبل أن خلق آدم فبدأ بمن هو أسبق تسبيحاً، بمن هو أدوم تسبيحاً (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20) الأنبياء) (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38) فصلت) فبدأ بأهل السماء لأنهم أسبق في التسبيح قبل خلق آدم ولأنهم أدوم تسبيحاً، أدوم في هذه العبادة.
* في الجمعة (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)) عندما يبدأ بـ سبح دائماً تنتهي بقوله العزيز الحكيم، ولما يأتي بصيغة الفعل المضارع (يسبح لله) تغيرت فصارت (الملك القدوس) في سورة الجمعة وفي التغابن (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)) تغيرت نهاية الاية ، ما الفرق ؟(د.فاضل السامرائى)
ربنا يقول في آيات عدة في سور (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) التسبيح هو التنزيه، هل المستضعف هو الذي يحتاج إلى التنزيه أو العزيز؟، الحكيم من الحُكم هو الذي يحتاج إلى التنزيه والحكيم من الحكمة أم الخالي من الحكمة والحكم؟ إذن التسبيح أولى بالعزيز وبالحكيم بمعنييها الحكمة والحكم.
في الجمعة (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)) ما هو القدوس؟ القدوس هو البالغ في التنزيه، في النزاهة وهو الكامل في صفاته كلها، هذا القدوس، البالغ في النزاهة. هذا المبالغة مع الكمال في الصفات الأخرى. المَلِك يحتاج إلى التنزيه أكثر، كلما علت منزلته يحتاج إلى تنزيه، العزيز ليس بالضرورة أن يكون ملكاً. ليس كل عزيز ملك، إذن الملك هو أعلى الأعزة وهو حتى يكون في تمام الثناء يحتاج أن يكون في أعلى التنزيه. لما ذكر الملِك ذكر القدوس.
لما لم يذكر الملك لا يذكر القدوس ، في التغابن قال (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)) له الملك يعني ملِك وعزيز له الملك.
* المُلك يقتضي أن يكون مالكاً أو ملكاً؟
ملِك. المِلك بكسر الميم للتملك، المِلك للمالك والمُلك للحاكم (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ (51) الزخرف) هو ليس مالكاً لها وإنما ملِك
الآية (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)) قال بعدها (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2)) الذي فعل هذا على شيء قدير أم لا؟ قال (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) التغابن) أليس هذا ملكاً؟ إذن هو ملِك. (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) يناسب له الحمد. (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) يناسب له الحمد. إذن الخالِق والحق وله الحمد وهو على كل شيء قدير، خلقه إذن هو على كل شيء قدير ، قدرة ومُلك وحمد وما إلى ذلك. بعدها (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4)) الذي له المُلك ألا ينبغي أن يعلم ما في ملكه؟ إذن (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، لما هو خلقهما وهم ملكهما ينبغي أن يعلم ما فيهما, لأنه ذكر أنه خلقهما إذن ينبغي أن يعلم ما فيهما. ذكر أنه هو الذي خلقنا (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2)) إذن ينبغي أن يعرف ما نُسِرّ وما نُعلِن هذه كلها ينبغي أن يسبحه ما في السموات وما في الأرض، متناسبة مع تمام السورة.
الوقفة كاملة
|
| ١٠٢ |
آية124-126
د.أحمد الكبيسى :
فى آل عمران تقول الآية (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ ﴿124﴾ آل عمران) آية أخرى (بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴿125﴾ آل عمران) وفي آية الأنفال (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴿9﴾ الأنفال) إذاً هي نفس القضية ملائكة نازلين من السماء مرة منزلين مرة مسومين مرة مردفين هذا أولاً في هذه الآيتين أشياء كثيرة. الخلاف الثاني هي نفس الموضوع مرة يقول (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴿126﴾ آل عمران) في آية الأنفال لم يقل (لكم) (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿10﴾ الأنفال) ليش مرة بشرى لكم ومرة بشرى مطلقة؟ هذا خلاف ثاني، ثالثاً مرة قال (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) في الأنفال وفي آل عمران قال (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) ما في عبث ليش قال به قلوبكم ومرة قال قلوبكم به؟ هذا رسم للمعنى الهائل أخيراً مرة قال (إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) في آل عمران وفي الأنفال قال (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) معنى آخر تماماً. نبدأ بها واحدة واحدة لنعرف كيف أن القرآن الكريم ليس فيه عبث تقديم تأخير ماضي مضارع اسم فاعل زائد حرف نقص حرف تزيل كلمة من مكان وتتركها في مكان آخر فيها رسم آخر معنى آخر وعلى أصحاب الذوق اللغوي بهذا الكلام المعجز أن يستنبطوا منه هذه الصور العظيمة المعجزة وهي جزء من كلٍ لا حصر له ولن تنتهي عجائبه إلى يوم القيامة. إلى أن تقوم الساعة هناك من سوف يفتح الله عليه بمقاييس عصره وعلوم عصره وحاجات عصره أن يكتشف في هذا الكتاب العزيز باباً من أبوب الإعجاز لم يخطر على بال الذين سبقوا.
نبدأ واحدة واحدة طبعاً الملائكة الذين نزلوا في بدر تعرفونهم أول مرة لما أنزلهم الله تعالى وحاربوا مع المسلمين أنزلهم فهم منزَلين. لما قال مسومين هل تعرفون بأن الملائكة السماء الذين اشتركوا في بدر لهم علامات تعرفهم جميع الملائكة بأنها هؤلاء هم الملائكة البدريون كالبدريين من البشر أنتم تعرفون أن الذين اشتركوا في بدر رب العالمين كرمهم تكريماً (اعملوا ما شئتم لقد غفرت لكم) وكل التاريخ تاريخ الصحابة فلان ابن فلان وهو من البدريين تاج وسام مسومين كما أن الذين قاتلوا في بدر وسِموا بأنهم بدريون فإن الملائكة الذين اشتركوا في بدرٍ أيضاً يسمون في السماء الملائكة البدريون ومعروفون عند كل الملائكة بوسام أو لون أو إشارة أن هذا من الخمسة آلاف ملك الذي نزل يقاتلون مع المسلمين في بدر الكبرى التي غيرت تاريخ العالم كله. كان ممكن في تلك المعركة الكبرى التي غيرت تاريخ العالم كله كان ممكن في تلك المعركة أن ينتهي الإسلام لو انتصر المشركون وهم كثرة كاثرة والمسلمون قلة (إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ ﴿26﴾ الأنفال) نزل ملائكة. لاحظ حينئذٍ إذاً كلمة منزَلين لما أنزلوا فهم لم ينزلوا من أنفسهم الله أنزلهم قال أنزلوا فقد جاءوا مأمورين ويقودهم جبريل، هذا أمر. الأمر الآخر كونهم مسومين بهم علامات عنده علامة يعرف بها أنه هذا بدري، ثالثاً مردفين طبعاً الألفين الآخرين هؤلاء رديف فأنت عندما تقاتل تقاتل بالجيش الأصلي بالجيش الرئيسي لما المعركة تشتد تبعث مدد يعني ألف ألفين هذا يسمونه رديف الرديف الذي يأتي بعدك لكي يساعدك. الله يتكلم في آية الأنفال لما قال مردفين لأنه بعثهم بعد ما اشتدت المعركة تحتاج إلى مدد بعث الله مدداً آخر فرب العالمين بالأنفال يتكلم على ألف من الملائكة هؤلاء الذين آتوا في الآخر جاءوا رديف أي جاءوا مدداً هكذا هو الفرق بين منزلين ومسومين ومردفين الخ.
المسألة الثانية بآل عمران انظر إلى النص الدقيق لما الله قال سيبعث معكم خمسة آلاف (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ) يا أهل بدر. في الأنفال نفس الموضوع قال (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى) ما في لكم ليس هذا عبثاً لم ينتبه أحد أنا أقرأ التفاسير لم ينتبه أحد في حين أنت إذا أخذت قاعدة أنه لا يوجد في القرآن حشو ولا كلمة ولا حرف ولا كسرة ولا ضمة أنت ابحث لماذا هذه ميت-بتسكين الياء- وليش هذه ميت-بكسر الياء-؟ لماذا هذه يخرج وليش هذه مخرج؟ وهكذا لماذا هذه (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴿32﴾ القصص) ولماذا هذه (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴿12﴾ النمل)؟ نفس الشيء تقول لا هذه صورة ثانية نفس الشيء لماذا في آية يا أهل بدر (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ) هذا في آل عمران قصة بدر كاملة لما تكلم رب العالمين عنها وفي الأنفال (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) إلى أن قال (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى) وكيف تعرف أنت الفرق؟ اقرأ الآية شوف ظروفها ونسقها تسلسلها كيف جاءت قبلها الأحداث تصل بسهولة مع توفيق الله عز وجل إلى اكتشاف هذا الذوق الحسي الإعجازي اللغوي العالي. هناك رب العالمين يتكلم أن محمد صلى الله عليه وسلم يكلمهم محمد يقول لجماعته لما خافوا وكذا طبعاً كانوا خائفين وهذا من حقهم ثلاثمائة واحد يعني ناس راحوا حتى يعترضون قافلة أبو سفيان فيها كم بعير وكم حصان وأخذوا أموالنا هؤلاء جماعة أبو سفيان أخذوا أموال المسلمين في مكة قالوا خذوا هذه مكانها غنيمة شوية حنطة شوية شعير شوية سمن لا يوجد شيء فراحوا يأتون بها فلما ذهبوا ليأتون بها وإذا كل أمم الشرك أمامهم كل مكة جاءتهم فقالوا ماذا نفعل الآن؟ حتى قال صلى الله عليه وسلم نرجع؟ حتى النبي قال ما رأيكم؟ ماذا تقولون نرجع إلى مكة ولا نقاتل؟ فكلهم موجودون فلما الله أخبره هذا الذي سوف يحصل (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ ﴿124﴾ بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴿125﴾ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ ﴿126﴾ آل عمران) فقط أنتم يا أهل بدر. بهذا العسر بهذا الخوف وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ويظنون بالله الظنون الخ قال لا أنا سأنزل عليكم ملائكة هذا خاص بكم يا أهل بدر لن يتكرر مع غيركم إلا أنتم فقط في هذه الصورة وهذه الحالة وهذه العلنية علناً فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يكلمهم. إذاً هذه البشارة الأولى التي في آل عمران آية 126 الكلام خاص لأهل بدر فقط لظروفهم الخاصة. الآية الثانية رب العالمين تكلم من ناحية ثانية تكلم عنهم ليس لكونهم قلة لا، تكلم عنهم في الظاهر أن هؤلاء أهل بدر جلسوا يستغيثون استغاثة يعني أحسن استغاثة بالله فرب العالمين تكلم عن موقفه مع كل من يستغيث به فآية الأنفال ليست خطاباً لأهل بدر خطاب لكن لكل من يقع في مصيبة في ضنك في شدة في كرب إذا أحسن الاستغاثة. لو تقرأون التاريخ الإنساني كله من آدم إلى يومنا هذا قصص رواها التاريخ عجائب، واحد في بحر وكان سيغرق فاستغاث استغاثة يا الله وإذا هذا المركب يوصله بأمان إلى البر، كان مرة أحد الناس ذاهب إلى خراسان من العراق وبالطريق جاءه قطاع طرق كالعادة وأخذوا بضاعته ولكنهم كانوا مصرين على قتله فقال لهم دعوني أصلي ركعتين فصلى ركعتين وهم كانوا خمسة ويبدو أنه في السجود استغاث بالله استغاثة في غاية الروعة وأثناء سجوده وقد أطال السجود سمع أقدام فرس جامح يغير، طبعاً الفرس إذا جاء من بعيد يركض فالأرض تهتز وهو ساجد شعر بأن الأرض تهتز وفعلاً ما أن سلّم إلا فارس وصل وما أن وصل الفارس حتى قطع رؤوس الأربعة بضربة واحدة قتلهم جميعاً طبعاً هذا الرجل لا يعرف هذا الفارس من هو، فهذا الفارس يحدث هذا الرجل الذي أحسن الاستغاثة قال له يا فلان يا عبد الله والله عندما استغثت بالله تجاوبت أصداء استغاثتك بالسماء فكلنا كنا نتنافس من الذي ينزل لكي يلبي هذه الاستغاثة. وطبعاً كل واحد منكم فليسمعني الآن فليتذكر حياته السابقة هل وقع في يوم من الأيام في شدة عظيمة مرض أو أحد أولاده أو عدو أو غرق أو طائرة تعطلت أو سيارة في صحراء وقع بشدة وجلس بينه وبين نفسه في ساعة من ساعات الصفاء مع الله لا يوجد أحد ودعا الله وبكى واستغاث بالله وكيف جاء الغيث والغوث من حيث لا يشعر هذه الاستغاثة تجاوبت أصداؤها في السماء فبعث الله بها الفرج. رب العالمين يقول صح محمد معكم نعم وقال لكم هذا الكلام نحن بلّغناه هذا لكن في جانب آخر هذا جانب محمد صلى الله عليه وسلم، في جانب آخر وهو أنكم أنتم استغثتم استغاثات كل واحد جالس مع نفسه يا أرحم الراحمين يا مغيث الغائثين يا مجيب يا أرحم الراحمين من القلب والأعماق كل واحد يتذكر مع أهله وهو جاء بدون سلاح أصلاً ما عندهم سلاح كل واحد معه عصى جاؤوا لكي يأسروا قافلة فهم لم يخرجوا لحرب فوجدوا أنفسهم في ورطة كبيرة هذه الاستغاثة جحفلت الملائكة (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴿9﴾ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى ﴿10﴾ الأنفال) لم يقل لكم، هذه عامة. الأولى لكم يا أهل بدر خصيصا ًلن تتكرر فقط لكم أما هذه فهي لكل من يستغيث إلى يوم القيامة فآية الأنفال بشرى لكل من يستغيث بالله عند الشدة ولو تقرأون كتب الفرج بعد الشدة في كتب تاريخية كالأبشيهي وغيره وكثير من الكتب وكتب لإبن القيم وغيره كتب عن الفرج بعد الشدة قصص عجيبة يأتي الفرج من حيث لا يمكن أن تعرف أبداً ولهذا إذا أحسنت الاستغاثة عند الشدة ولهذا الدعاء هذا يا الله (لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم جاءوني على صعيدٍ واحد وسألني كل واحد منكم المسألة كلها فأعطيت كل واحد منكم ما سأل ما نقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص المخيط تغمسه في البحر) ما الذي يخرج من البحر المخيط؟ عليك بالاستغاثة إذا وقعت في شدة يا الله والله العظيم لو أن كل جيوش الأرض معك لا تنقذك كما تنقذك الاستغاثة إذا أحسنتها وتوسلت بعملك مع الله. فهؤلاء الثلاثة الذين انسد عليهم الغار يا ما ناس تاهوا في الصحراء الذي شاهد منكم مسلسل عمر بن عبدالعزيز طبعاً أكثر من مرة يصاب الناس بكرب ويأتيهم مدد واحد إنسان فقط أنجدهم واختفى وهو ملك من الملائكة هذه (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى) ما قال (لكم) هذه عامة. هناك في الأولى العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب هنا عموم السبب وعموم اللفظ ولذلك (لكم) هذه حذفها من سورة الأنفال افهمها أنها لك وليست فقط لأهل بدر أنت تستطيع أن تكون بدرياً إذا أحسنت الاستغاثة إذا وقع بك كرب.
في قوله تعالى (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ ﴿126﴾ آل عمران) وفي سورة الأنفال (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ﴿10﴾ الأنفال). فرب العالمين عندما قال (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) بهذا القرآن لما قال تطمئن قلوبكم يعني يتكلم عن القلب المطمئن وينبغي أن يكون قلب المؤمن مطمئناً لأن اطمئنان قلب المؤمن هو هدف من أهداف هذا القرآن الكريم (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴿27﴾ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ﴿28﴾ الفجر) من حيث أن هذه النفس والقرآن الكريم يطلق كلمة النفس على القلب والقلب على النفس أحياناً وهذا كلامٌ آخر تحدثنا عنه سابقاً والآن العلم الحديث يثبت أن التفكير يبدأ بالقلب وليس بالدماغ. كان سابقاً يقولون كل كلمة قلب يعني دماغ لا، الآن القلب القلب والدماغ الدماغ والنفس النفس. فرب العالمين يقول (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) قدّم اطمئنان القلوب يعني عليكم أن تجتهدوا لكي تطمئن قلوبكم بهذا القرآن الكريم. لما يقول (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) يجب أن تتعامل مع القرآن تعاملاً علمياً بفهمٍ وتدبر لكي يستطيع هذا القرآن بفهمك هذا أن يُدخِل الطمأنينة على قلبك ونفسك إذاً هما قضيتان قضية أن القرآن مشحون بقوةٍ جدلية بحيث يستطيع أن يُطمئِن أي قلبٍ أو أي نفسٍ متزعزعة، وعلى نفسك أو قلبك أو عقلك أن يكون مطمئناً إذن هما قضيتان قضية أن هذا القرآن كيف تتعامل معه تعاملاً تستل منه قدرته على الطمأنينة، القضية الثانية عليك أن ترعى قلبك أو نفسك أو عقلك لكي يطمئن من تعامله ذلك مع القرآن الكريم .
إذاً فهمنا الفرق بين ثلاثة آلاف من الملائكة مسومين ومنزلين ومردفين وفهمنا الفرق بين إلا بشرى لكم وبشرى بدون لكم ننتقل إلى أيضاً جزء آخر في نفس الآية. يقول بآية آل عمران (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) بالأنفال نفس الآية ولكن قال (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) لماذا هناك قلوبكم أولاً وهنا قلوبكم ثانياً بالأخير؟ أقول لك جداً طبيعي أولئك صحابة وعايشين مع النبي صلى الله عليه وسلم وشافوا معجزات فقلوبهم مطمئنة لكن القلوب متعلقة بالمدد متى يأتي المدد؟ هم واثقون مائة بالمائة أن المدد آتٍ فينتظرون المدد فإذاً مشكلتهم بالمدد أما الاطمئنان هو مطمئن بالله ناس صحابة شاف الوحي وشاف النبي صلى الله عليه وسلم إذاً قدّم القلوب لأنهم كانوا في غاية الرعب في غاية الخوف (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) الذي يستغيث في غاية الخوف فإذاً صار التركيز أين؟ التركيز على اطمئنان القلب من الخوف لأنهم كانوا خائفين، ولكنهم في البداية واثقين أن الله سيبعث المدد. لنا جميعاً نحن الذي ما فيها لكم إلا بشرى للجميع نحن في الحقيقة مشكلتنا المدد كيف سيأتي المدد؟ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم معجزات نحن الآن ما في معجزات فمشكلتنا أين؟ لو أصابك كرب في العام الماضي أو قبل سنتين في مدينة اعتدى عليها جيش غازي جيش سيمسح فيها الأرض وكلهم سيموتون وهذا عرضوها فيلم قبل أيام عرضوها فيلم فهؤلاء على غفلة وإذا المدينة تمتلئ بعناكب كل عنكبوت كأنه جرذ يمسك بقدم هذا الجندي الغازي ويلدغه بثواني يصرعه ومؤلف عليه أفلام وصور وشواهد هذا (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) بالمدد. المدد هو المشكلة نحن لا لم نألف أن تأتينا هذه الخوارق والمعجزات والكرامات هذه لم نراها، فهذه مشكلتنا إما قلوبنا فليس فيها مشكلة. زمن الصحابة لا المدد عندهم كثير كل يوم بدر وأحد وغيرها الخ لكن المشكلة أين؟ أن قلوبنا خائفة نحن 300 شخص وليس لدينا سلاح وجئنا نقاتل جيش مكة كله إذاً صار التركيز في بدر على القلوب الخائفة لكي تطمئن والتركيز بعد بدر إلى يوم القيامة على المدد يعني مصدقين مكذبين يمكن يأتينا مدد واقرأ التاريخ كله الإنساني بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا اليوم يعني عبد الله عزام يحكي لنا عن الأفغان أنه مرة جيش سوفييتي أباد قرية كاملة هذا الجيش كان في نهر على هذه القرية نزل هذا الجيش يستحم في النهر وإذا بجميع الجنود يصرعون بحشرة من الماء تلدغهم فيموتون وصوّرها في كتابه الذي كلكم قرأتموه ربما. وخذ كل مظلوم في الأرض من أي أمة من أي شعب من أي دين إذا جيش عرمرم وقاسي وعاتي وظالم على ناس آمنين بسطاء واعتدى عليهم اعتداء صارخاً تتبعهم رب العالمين ماذا سيفعل بهم ولهذا (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) القلوب هي المشكلة نحن (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) المشكلة بالمدد به بالمدد الذي سوف يأتي ولا نعرف كيف. وفعلاً لو تتبعت كل العالم في إفريقيا صار مثلاً أيام الاستعمار قبل شهر في قناة الجزيرة عرضوا أفلاماً كيف استعمر الغربيون أفريقيا وكيف قطعوا أيديهم وحرقوهم بالنيران وثم هؤلاء نفسهم ماتوا مرة جيش كامل طال عليه أفاعي وكان جيش إنجليزي كأنه في أحد المعارك مع الأفارقة واعتدوا على قرى كبيرة أبادوهم طلعت أفاعي قتلت الجنود بالكامل هذه من قواعد الله (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) حينئذٍ (قُلُوبُكُمْ بِهِ) للقلب الخائف (بِهِ قُلُوبُكُمْ) لمن ما عرف المدد يعني هو مشكلته المدد كيف يأتي المدد هو ليس خائفاً فهو ميت ميت لكن المدد كيف يأتي إذاً هذا الفرق بين (قُلُوبُكُمْ بِهِ) و (بِهِ قُلُوبُكُمْ).
*ما الفرق بين الخاتمتين(وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) - (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)؟(د.أحمد الكبيسى)
في سورة آل عمران في زمن بدر قال (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) صحابة وأصحاب بدر وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وواثقون من أن النصر من عند الله عندهم قضية رأوها بأعينهم (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) الناصر العزيز الحكيم في مثل هذه الحالة رأوه مرات كثيرة (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) الألف واللام بالعهد الذهني يعني مسلم بأن الله عزيز حكيم يعني شفناه كم مرة بالنسبة لنا نحن الذين لم نرى قال في سورة الأنفال (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) هذا ليس عبثاً لماذا هناك قال العزيز الحكيم وهنا قال إن الله؟ لماذا أكد بـ إن؟ قال لك إذا كنتم لا ترون فرب العالمين يؤكد لكم هذا لا تشك لا تكون متردد إذا كنت ضعيفاً أحسن الاستغاثة فإن الله عزيز حكيم وأؤكد لك يا عبدي أن الله سينصرك كما في الحديث القدسي عن المظلوم (لأنصرنك ولو بعد حين) (اتقوا دعوة المظلوم) هو من الذي يستغيث؟ المظلوم. فرب العالمين لما قال هناك العزيز الحكيم لأن هذا معروف لديهم هنا بعد خمسة عشر قرن ومائة قرن قال أؤكد لكم بأني أنا الرحمن الرحيم أنا العزيز الحكيم عندما أنصر الضعيف صاحب الحق على القوي الظالم والبغي هذا هو من قوانين هذا البشر كما سنذكر في الآية القادمة أن هذا البغي هو من قانون البشر. أول بغي وقع من ابني آدم على أخيه الآخر وإلى يوم القيامة مرة أمريكان يقتلون العراق وأفغانستان مرة فرس يذبحون العرب مرة الروس يذبحون الناس كل من له قوة وسلطان يدعوه هذا إلى البغي على الآخرين. حتى العشائر حتى العوائل حتى أفراد الأسرة الواحدة اليوم كلمتني امرأة أبوهم مات وعندهم أموال كثيرة هم ثلاث أخوة وأربع بنات وأمهم موجودة وأخوهم لم يرضى أن يقسم الميراث لأن الميراث كثير ولا يريد أن يعطيهم قال لهم أنا لن أقسم الميراث الذي يعجبه يعجبه والذي ما يعجبه يطلع أنا لن أقسم الميراث لم يقبل أخوهم هذا أرعبهم وعنده أخوات متزوجات وأخوان متزوجين محتاجين ولا يعطيهم لأنه هو قوي فالبغي مرتع مبتغيه وخيم وهذا البغي من قوانين هذه الأرض. ولهذا رب العالمين عز وجل جعلها قاعة امتحان كبيرة وما أقصرها من قاعة، غمض وفتح وإذا أنت بين يدي الملائكة (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ﴿83﴾ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ ﴿84﴾ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ﴿85﴾ الواقعة) إذاً هذا الفرق بين آيتين آل عمران والأنفال.
*لِمَ عبّر الله تعالى عن الثقة والأمان بقوله (ولتطمئن قلوبكم)؟(ورتل القرآن ترتيلاً)
في هذه الكلمة من الدلالة ما يقصر غيرها من الكلمات عن التعبير. فسكون القلب يعني عدم اضطراب نبضات القلب الناجم عن الخوف والهلع وإذا كان القلب طبيعياً بنبضاته فهذا يعني أن الإنسان في حال أمن وكأنه خارج إطار الحرب بل هو في دار سلام وأمن.
الوقفة كاملة
|
| ١٠٣ |
آية (130) :
معركة أُحد - التي أخذت ستين آية، نجد أن الحق تكلم عنها هنا فقال: { وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ } و { إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ } , وقوله: { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ } ، وبعد ذلك يترك الغزوة في حرارتها ويأتينا بأشياء يضعها هنا، ثم يأتي ليكمل الغزوة. لو أن هذه لقطة من الغزوة وتنتهي ثم يأتي موضوع آخر، لما شغلنا أنفسنا، إنما الغزوة ستأتي فيها ستون آية، فكيف ينهي الكلام في الغزوة ولا يعطينا إلا استهلال الغزوة، وبعد ذلك ينصب القرآن على معانٍ بعيدة عن الغزوة؟ فما الذي يجعله - سبحانه - يترك أمر الغزوة ليقول:{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَسَارِعُواْ إِلَىا مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَالضَّرَّآءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىا مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَـائِكَ جَزَآؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ * هَـاذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَِ }[آل عمران: 130-138]
لماذا لم يعطنا الحق إلا استهلال الغزوة وبعد ذلك انصب على قضايا أولها قضية الربا، ما العلاقة بين هذه القضايا وتلك الغزوة؟. وأقول: رحم الله صاحب الظلال الوارفة الشيخ سيد قطب فقد استطاع أن يستخلص من هذه النقلة مبادئ إيمانية عقدية لو أن المسلمين في جميع بقاع الأرض جعلوها نصب أعينهم لما كان لأي دولة من دول الكفر غلب علينا.
ونريد أن نفهم هذه اللقطات، ولماذا استهلت بمسألة الربا؟ لأن الذي كان سبباً في الهزيمة أو عدم النصر في معركة أُحد أنهم طمعوا في الغنيمة. والغنيمة مال زائد، والربا فيه طمع في مال زائد.
والقرآن حين يعالج هنا قضية حدثية، والأحداث أغيار تمر وتنتهي، فهو سبحانه يريد أن يستبقي عطاء الحدث ليشيع في غير زمان الحدث، وإلا فالحدث قد يمر بعظاته وعبره وينتهي ولا تكون له فائدة. والنفس حين تمر بالأحداث تكون ملكاتها متفتحة؛ لأن الحدث - كما قال المغفور له الشيخ سيد قطب - يكون ساخناً، فحين يستغل القرآن الحدث قبل أن يبرد فإن القضية التي تتعرض لها الموعظة تتمكن من النفس البشرية. وهو سبحانه لم يرد أن تمر أحداث أُحد بما فيها من العبر والعظات إلا ويستغلها القرآن الكريم ليثبت بها قضايا إيمانية تشيع في غير أزمنة الحدث من الحروب وغيرها لتنتظم أيضاً وقت السلام. فآية الربا هنا كأنما سقطت وسط النصوص التي تتعرض لغزوة أحد.
والسطحيون قد يقولون: ما الذي جعل القرآن ينتقل من الكلام عن أُحد إلى أن يتكلم في الربا مرة ثانية بعد أن تكلم عنه أولاً؟
ونقول: إن القرآن لا يؤرخ الأحداث، وإنما يُريد أن يستغل أحداثاً ليبسط ويوضح ما فيها من المعاني التي تجعل الحدث له عرض وله طول وله عمق؛ لأن كل حدث في الكون يأخذ من الزمن قدر الحدث، والحدث له طول هو قدر من الزمن، يكون ساعة أو ساعتين أو ليلة مثلا، هذا هو طول الحدث.
والأحداث التي يجريها الله لها طول يحدده عمر الحدث الزمني، ولها عرض يعطيها الاتساع، فبعد أن كانت خطاً مستقيماً صارت مساحة، ويجعلها الحق شاملة لأشياء كثيرة، فهو لا يريد للحدث أن يسير كخط مستقيم، بل يريده طريقا واسعاً له مساحة وله عرض. هذا العرض يعطيه رقعة مساحية تأخذ كثيراً من الأشياء، وهذا أيضا قد ينتهي مع الحدث، لذلك يريد الله أن يعطي للحدث بعداً ثالثاً وهو العمق في التاريخ فيعطي عطاءه، كما نستفيد نحن الآن من عطاء حدث هو غزوة أُحد.
إذن فالحدث له حجم أيضاً، وهذا ما يجعل الناس تقف لتقول: إن صلة الرحم تطيل العمر، والعمر له حد زمني محدد وهو الخط المستقيم له، فهناك واحد يزيد من عرض عمره، فبدلاً من أن ينفع الناس في مجال صغير فهو يعمل وينفع في مجال أوسع، إذن فهو يعطي لعمره مساحة.
وهناك إنسان آخر يريد أن يكون أقوى في العمر، فماذا يعمل؟ إنه يعطي لعمره عمقاً، فبدلاً من أن يعمل لمجرد حياته وينتهي عمره مهما كانت رقعته واسعة، فهو يزيد من عمله الصالح ويترك أثراً من علم أو خير يستمر من بعد حياته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ".
ولذلك يقول الحق:{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }[إبراهيم: 24-25]هي كلمة طيبة قيلت، لكنّها مثل الشجرة الطيبة؛ لأنها ترسخ في أذن من يسمعها فتصير حركة خاضعة للكلمة، وكلما فعل السامع لهذه الكلمة فعلاً ناتجاً من تأثير هذه الكلمة فإن بعض الثواب يعود إلى من قال هذه الكلمة حتى ولو كان قد مات.فكأن قائل هذه الكلمة ما زال يعيش، وكأن عمره قد طال بكلمته الطيبة, إذن فأعمال الخير التي تحدث من الإنسان ليس معناها أنها تطيل العمر؛ لأن العمر محدود بأجل، ولكنْ هناك إنسان يعطي عمره عرضاً، وآخر يعطيه عمقاً ويظل العطاء منه موصولاً إلى أن تقوم الساعة، فكأنه أعطى لنفسه عمراً خالداً. ويقولون: والذكر للإنسان عمر ثان.
والحق سبحانه وتعالى يوضح الدروس المستفادة من غزوة أُحد، إن أول مخالفة كانت سبباً ليس في الهزيمة، ولكن دعنا نقل: " في عدم إتمام النصر " ، لأنهم بدأوا منتصرين، ولم يتم النصر لأنه قد حدثت مخالفة، ودوافع هذه المخالفة انهم ساعة رأوا الغنائم، اندفعوا إليها، إذن فدوافعها هي طلب المال من غير وجه مشروع؛ لأن النبي قال لهم: " انضحوا عنا الخيل ولا نؤتين من قبلكم، الزموا أماكنكم إن كانت النوبة لنا أو علينا، وإن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم " وبهذا صارت مبارحة المكان أمراً غير مشروع، فتطلع النفس إلى شيء في غير ما أمر به رسول الله يعتبر أمراً غير مشروع والتطلع هنا كان للمال، وهكذا الربا.
وأراد الحق أن تكون سخونة الحدث، والأثر الذي نشأ من الحدث في أن المسلمين لم يتم نصرهم، وتعبوا، وكان مصدر التعب أن قليلاً منهم أحبوا المال الزائد من غير وجهه المشروع. فأراد - سبحانه - أن يكون ذلك مدخلا لبيان الأثر السيء للتعامل بالربا.
إذن فهذه مناسبة في أننا نجد آية الربا هنا وهي توضح الآثار السيئة للطمع في المال الزائد عن طريق غير مشروع، والقرآن فيه الكثير من المواقف التي توضح آثاراً تبدو في ظاهرها غير مترابطة، ولكن النظرة العميقة تؤكد الترابط.
الوقفة كاملة
|
| ١٠٤ |
* ما الفرق بين يا أيها النبي ويا أيها الرسول؟
الرسول من الرسالة التبليغ حتى لو لم يكن نبياً (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) مريم) الرسول معه رسالة تبيلغ والنبي أعم قد يكون رسولاً وقد يكون لنفسه ليس مكلفاً بتبليغ دعوة إلى الآخرين. كلمة النبي أعم وكل رسول نبي وليس كل نبي رسول. قد يكون ليس مكلفاً بالتبليغ مثل يعقوب عليه السلام غير مكلف بالتبليغ هو نبي وإسحق نبي، المكلف بالرسالة والتبليغ هو رسول وغير المكلف هو نبي والنبي قد يكون رسولاً وقد يكون غير رسول. لما في القرآن يقول يا أيها الرسول ينظر فيها إلى جانب التبليغ (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ (67) المائدة) فالنبي أعم وقد يكون رسولاً فقد يستعمل في جانب الرسالة والدعوة والتبليغ وقد يستعمل في جانب آخر في الجانب الشخصي في غير التبليغ مثال: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ (67) المائدة) (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ (41) المائدة) النبي عامة (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ (65) الأنفال) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى (70) الأنبياء) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ (73) التوبة) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ (28) الأحزاب) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ (1) التحريم) هذا شيء شخصي بينه وبين أزواجه. إذن النبي عامة. القرآن يستخدم يا أيها الرسول إذا كان يتكلم في أمر الرسالة والتبليغ والنبي عامة.
*ما الفرق بين رضوان ومرضاة؟
الرضوان هو الرضى (الرضوان مصدر) ولم يستعمل في القرآن كلمة الرضوان إلا رضى من الله تعالى أما المرضاة فتأتي من الله ومن غيره والرضوان هو أعظم الرضى وأكبره فخصّه بالله سبحانه وتعالى أما مرضاة فليست مختصة بالله تعالى وإنما تأتي لله تعالى ولغيره (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ (207) البقرة) (تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ (1) التحريم) أما الرضوان فهو لله تعالى فقط، خاص بالله تعالى. والرضوان أعلى من الجنة وفي الأثر أنكم لتحتاجون إلى علمائكم في الجنة كما تحتاجون إليهم في الدنيا، فقالوا كيف يا رسول الله؟ قال يطُلّ الله تعالى على عباده أصحاب الجنة فيقول سلوني، فيحارون ماذا يسألونه وكل شيء موجود فينظر بعضهم إلى بعض فيذهبون إلى علمائهم يقولون ما نسأل ربنا؟ فيقول العلماء سلوه الرضى.
الوقفة كاملة
|
| ١٠٥ |
*(وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى)*
اختلف المفسرون في معنى كلمة الآخرة فمنهم من قال انها ما هو غير الدنيا بمعنى الدار الآخرة. وقسم قال انها كل ما يستقبل من الحياة على العموم كما جاء في قوله تعالى (فاذا جاء وعد الآخرة ...) الآخرة هنا ليست في القيامة.
الآخرة في سورة الضحى جاءت مقابل الاولى ولم تأت مقابل الدنيا فلم يقل وللآخرة خير لك من الدنيا. ومعنى الآية ان ما يأتي خير لك ايها الرسول مما مضى اي من الآن فصاعداً فيما يستقبل من عمرك هو خير لك من الاولى وأكد ذلك باللام في كلمة وللآخرة. وقد حصل هذا بالفعل فكل ما استقبل من حياته خير له مما حصل .
*لماذا لم يقل خير لك من الدنيا؟
لأنه لو قالها لما صحت إلا في الآخرة فكأنما حصر الخير في الآخرة فقط ونفى حصول الخير فيما يستقبل من حياته وهذه الآية توكيد لما سبقها في قوله تعالى (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى).
*لماذا قال تعالى (لك) ولم يقل وللآخرة خير من الاولى؟
هذه السورة وسورة الشرح هما خاصتان بالرسول وهو المخاطب المباشر بهما ولو قال تعالى وللآخرة خير من الاولى لما صح هذا القول لانه سيكون عاما للناس جميعا وهذا ما لا يحصل وعندها ستفيد الاطلاق ولا يصح على عمومه لان بعض الناس آخرتهم شر لهم من اولاهم ولا يصح هذا الكلام على اطلاقه انما لا بد من ان يخصص المعنى وهو للرسول الكريم بالذات ولهذا قال تعالى (وللآخرة خير لك من الاولى) .
*(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)*
*ما هي علاقة هذه الآية بما سبقها من الآيات؟
سوف دالة على الاستقبال وقد سبق ان قال تعالى وللآخرة خير لك من الاولى وهي تدل ايضا على الاستقبال وجاء ايضاً باللام في (ولسوف) واكده بنفس التوكيد باللام في (وللآخرة)
الوقفة كاملة
|
| ١٠٦ |
آية (176-178):
*ما الفرق بين خواتيم الآيات في سورة آل عمران (وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئًا وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (178))؟(د.فاضل السامرائى)
نقرأ الآيات ونوضح سبب الاختيار. (وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176)) ذكر أن هؤلاء يعجلون في الكفر، يسارعون في الكفر فربنا هددهم يريد الله أن لا يجعل لهم حظاً في الآخرة لا في الآخرين فإذن ذكر العذاب العظيم وهو أشد العذاب. إنما الآية الأخرى (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئًا وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177)) الذي يشتري بضاعة يطلب الربح فإذا خسر يتألم، إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان يعني تركوا الإيمان واشتروا الكفر خسروا والخاسر يتألم فله عذاب أليم. (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (178)) هؤلاء أملى لهم من المال والرزق والسعة يملي لهم ما هو خير لهم في ظاهره ما يفخرون به وما هو يعتزون به وقد يستطيلون على خلق الله، هذا المستطيل يُهان فجاء بصفة ضد ما كان يصنع في حياته الدنيا، كان يعتز ويفخر فيهان. العذاب متحقق في الثلاثة لكن كل واحدة تناسب ما قيل فيه ومن قيل فيه.
*ما اللمسة البيانية فى قوله تعالى(وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) آل عمران)؟ (ورتل القرآن ترتيلاً)
انظر إلى هذه الاستعارة التمثيلية لحال أهل الكفر والنفاق والتي قوّاها تعدية المسارعة بـ (في) عوضاً عن (إلى) فقال تعالى (يسارعون في الكفر) ولم يقل إلى الكفر. وبيان ذلك أنه شبّه حال حرصهم وجدّهم في تكفير الناس وإدخال الشك على المؤمنين بحال الطالب المسارع إلى تحصيل شيء يخشى أن يفوته. فأفادت يسارعون في الكفر أنهم لم يكتفوا بالكفر بل توغلوا في أعماقه.
الوقفة كاملة
|
| ١٠٧ |
*ما الفرق بين (فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ (49) آل عمران)و(فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي (110) المائدة)؟
يقول تعالى (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ (49) آل عمران) ومرة قال (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي (110) المائدة) فيها ومرة قال فيه كهيئة الطير عندنا طير وعندنا هيئة الطير. الطير كالحمامة العصفور خلقة الله يعني سيدنا عيسى وطبعاً سيدنا عيسى عليه السلام كل نبي بطل في شيء سيدنا يوسف بطل في العفة، سيدنا أيوب بطل في الصبر، سيدنا موسى بطل في العزم، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بطل في الأخلاق، سيدنا عيسى بطل المعجزات، طبعاً إذا استثنينا القرآن الكريم ومعجزات سيدنا موسى ما في نبي مثله هو معجزة ووجوده معجزة حياته معجزة وهو لم يمت فسيدنا عيسى طبعاً ليس فناناً تشكيلياً هل ممكن أنه يصنع من الطين كما نراها مصنوعة في الأسواق في الأنتيكات فعلاً يصنعون هذه الطيور كتماثيل الصقور كأنها صقور حية فرب العالمين يقول له اعمل الطير بالطين أي كلام كهيئة وليس هيئة كهيئة الطير فأنا سأعمل لك إياها بعد ما عملته أنت بيدك أعمله طير بالضبط فأنت بالهيئة تنفخ في الطير تنفخ في أي شيء يطير فمرة قال تنفخ فيها في هذا الذي يشبه هيئة الطير أنت لم تخلقه ولم تصنعه فأنت لست فناناً ولا نحاتاً ولا مثّالاً وإنما تعمل بالطين كهيئة الطير فرب العالمين أصلح الهيئة وعملها طير ونفخ فيها فإذا كان الضمير يعود على الهيئة هذا فيه إعجاز، إعجازياً إعجاز هذه الهيئة الملخبطة التي عملها سيدنا عيسى عجنها عجيناً نفخ فيها وصارت طيراً ولما رب العالمين يصحح هذه الهيئة التي صنعها سيدنا عيسى بشكل إعجازي (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى (17) الأنفال) النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حصى ورماها ورمى كل واحدة بعين هل النبي أوصلها؟ لا لكن الله هو الذي رمى. أنت عجنت لكن الله هو الذي صلحها لك مرتين مرة سواها كالهيئة ومرة سواها طير فأنت إن كان هيئة تنفخ فيها وتصبح طيراً وإذا كان طيراً تنفخ فيه وكل واحد منهما له إعجازه الخاص فأنت في معجزتين في هذه الحالة، إذاً في النفخ في الهيئة والنفخ في نفسك.
هذا القرآن من إعجازه إذا أحببته إذا أنت تعودت على التنقيب فيه هو يعطيك نفسه فنحن نقول لا كبير فنحن نقول جزء وناس قبلنا قالوا جزء وسيأتي بعدنا إلى يوم القيامة جزء ويوم القيامة سوف نكتشف أننا كنا نسبح على الشاطيء لم ندخل العمق وعمق القرآن لا يدركه إلا نبي.
الوقفة كاملة
|
| ١٠٨ |
قوله تعالى : " وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) " طه : 39 .
إن كلام الله لا يماثله كلام ؛ فهو أبلغ من أن يباري , و اسمي من أن يجاري , هل نعم أمعنا النظر في هذه الآية العظيمة ؟ : " وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي " أيكون المراد : أحببتك ؟ أم : جعلت الناس يحبونك ؟ أم : أنزلت القبول لك في الأرض ؟
وأقول : ما تفكرت في القرآن الكريم , وتدبرت آياته , إلا رثيت لحال مترجمي معانيه إلى اللغات الأخرى ؛ لأنهم لا يملكون إلا أن ينقلوا إليها معنى واحدا فقط , وآيات الله في كثير من الأحايين تدل على أكثر من معنى , ألم يختلف المفسرون في المراد بهذه الآية ؟
قال ابن عطية - رحمه الله - :
" ... ثم أخبر تعالى موسى أنه ألقي عليه محبة منه , فقال بعض الناس : أراد محبة آسية ؛ لأنها كانت من الله , وكانت سبب حياته , وقالت فرقه : أراد القبول الذي يضعه الله في الأرض لخيار عباده ,وكان حظ موسى منه في غاية الوفر , وقالت فرقه : أعطاه جمالا يحبه به من رآه , وقالت فرقة : أعطاه ملاحة العينين ..... ".
وأقول : تدبروا قوله : " وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي " , تجدوا أنه استعمل الإلقاء , ونكر المحبة , و خصصها بكونها منه عز وجل , فلم يقل : ( وأحببتك ), ولا : ( جعلت الناس يحبونك ) , ولا : ( ألقيت عليك المحبة ) ؛ وذلك - والله اعلم - ليشمل كل الصور المتوقعة , وهذا من إعجاز كلام الله - جل جلاله - , قال أبو حيان التوحيدى - تجاوز الله عنه - : " و سمعت ابن سمعون الصوفي يقول : ما يقف البشر على بعد غور قول الله تعالى لكليمه : " وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) " , فإن في هاتين الكلمتين ماله ما لا يبلغ كهنه , ولا ينال آخره , ولو أن أرق الناس لسانا , وألطفهم بيانا , أراد أن يتوسط حقيقة هذا القول , لم يستطع , و عاد حسيرا , ونكص بهيرا , وبقى عاجزا .
ثم قال : اللهم حبب بعضنا إلى بعض , واجمع شملنا إلى رضاك عنّا , مع إحسانك إلينا , إنك أهل ذلك , والجواد به " .
ونقل أبو حيان أنه قيل : " إذا أحب الله عبدا ألقي مودته على الماء , فلم يشرب منه أحد إلا أحبه , وإذا أبغض الله عبدا القي بغضه على الماء , فلم يشرب منه أحد إلا أبغضه " الصداقه والصديقين : 212 .
وجماع الأمر كله ما رواه الإمام البخاري - رحمه الله - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : " إذا أحب الله العبد نادي جبريل : إن الله يحب فلانا فأحببه , فيحبه جبريل , فينادي جبريل في أهل السماء : إن الله يحب فلانا فأحبوه , فيحبه أهل السماء , ثم يوضع له القبول في الأرض " .
الوقفة كاملة
|
| ١٠٩ |
قوله تعالى:﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِين﴾[الجمعة: 11].
جاء التعبير بـ﴿ إِذَا ﴾ الشرطية الدالة على تحقق الوقوع؛ لأن الشرط وجزاءه قد وقعا قبل نزول الآية, حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلميخطب بأصحابه خطبتي الجمعة بعد صلاتها, إذ جاءت تجارة من الشام, فأنصرف كثير من الصحابة – رضوان الله عليهم- نحوها, وتركوا الرسول صلى الله عليه وسلم مع قليل من أصحابه. فنزلت الآية, فهي إخبار عما سبق.
وههنا وقفة يسيرة مع قوله: ﴿انْفَضُّوا إِلَيْهَا ﴾, فالأصل في الضمير أن يعود على أقرب مذكور, وهنا الضمير الذي جر بـ(إلى) كان الأصل فيه أن يعود على اللهو, فيقال(انفضوا إليه)؛ لأنه الأقرب, ولكنه عاد مؤنثاً إلى التجارة, وإن كانت أبعد, فقال: ﴿انْفَضُّوا إِلَيْهَا ﴾.
وللعلماء في تعليل ذلك أقوال, منها: أن التجارة أجذب للقلوب, وأشغل لها عن طاعة الله من اللهو, وأن المشتغلين بالتجارة أكثر عدداً من المشتغلين باللهو, أو لأنها أكثر نفعاً من اللهو, فهي أصل, وهو تبع لها, وكذلك إذا وقع النهي عن الانشغال بالتجارة – وهي مباحة- عن ذكر الله فالتحذير من الانشغال باللهو – وهو غير مباح – يكون من باب (الأولى), وليس العكس كذلك, ثم إن التجارة كانت سبباً في انفضاض الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو يخطب يوم الجمعة, وبسببهم نزلت الآية, فناسب تقديم ما كان سبباً على ما جاء تبعاً, وهو ضرب الطبول, أو اللهو.
والذي أراه أن الضمير يمكن أن يرجع إلى التجارة واللهو معاً, لكن لم يعد مذكراً لتدخل التجارة أيضاً, ولو عاد مذكراً لاقتصر على اللهو, ولم يغلب المذكر على المؤنث – كما هي عادة العرب-؛ لأن اللهو غير عاقل. والله أعلم.
وتحسن الإشارة هنا إلى أن لتكرار حرف الجر﴿مِنَ ﴾ في قوله: ﴿مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ﴾فائدة, هي قطع إمكان الظن بأن ما عند الله خير من التجارة واللهو مجتمعين فقط, فبتكرار حرف الجر دلت الآية على أن ما عند الله من الرزق والثواب خير من اللهو, وخير من التجارة, منفردين, أو مجتمعين. والله أعلم.
الوقفة كاملة
|
| ١١٠ |
قوله تعالى : فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ] المائدة : ۱۳]
إن (ما ) في قوله : وفيما نقضهم که زائدة، وجاءت زيادتها لإفادة الحصر، فكأنه قال : ما لعناهم إلا بسبب نقضهم میثاقهم.
وتأمل قوله : ويحرفون الكلم عن مواضعه و تجده بيانا لقسوة قلوبهم؛ لأنه لا قسوة أشد من الافتراء على الله وتغيير وحيه والتعبير بالفعل المضارع او يحرفونه يدل على استمرارهم في التحريف، لكن جاء التعبير عن تصيير قلوبهم إلى القسوة قبله، وعن النسيان بعده ، جاء بالماضي: وجعلنا ونسوا ؛ لأنهما قد حصلا، فلا يتجددان، فإذا حصلت القسوة والنسيان فلا يزولان إلا مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية :
مرقق ومذكر
وتدبر قوله : ( ولا تزال تطلع على خائنة منهم فهو من البلاغة بمنزلة لا يمكن أن يبلغها فصیح بليغ مفوه؛ فهو عبر بالفعل المضارع
وتزاله الذي يدل على التجدد والاستمرار، ثم أدخل عليه (لا) التي تدل على أن الخيانة سجني فيهم وطبع، فصارت جزءا من مقومات حياتهم، كالطعام والشراب لهم ولغيرهم، فالمعنى : إن الله ما لعن اليهود إلا بسبب نقضهم الميثاق الذي أخذ عليهم منذ عهد رسول الله موسى ، وصير قلوبهم قاسية لا تشعر بذنب، ولا يردعها زاجر، يبدلون کلام الله، ويمتهنون الرذائل، حتى صار من طبعهم امتهان الخيانة دون خوف ولا وجل.
والله أكبر ، ما أبلغ كلامه!!!
الوقفة كاملة
|