التدبر

١٠١ {ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله} من خصه الله بنعمة من النعم يحتاج الناس إليها، فمن تمام شكر هذه النعمة أن يعود بها على عباد الله، وأن يقضي بها حاجاتهم؛ لتعليل الله النهي عن الامتناع عن الكتابة بتذكير الكاتب بقوله: {كما علمه الله}، ومع هذا فـ"من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته" (البخاري ح(2442)، مسلم ح(2580)، أبو داود ح(4893)، الترمذي ح(1426).)(علق د. عبدالوهاب الطريري على هذه الرسالة فقال: أولًا: عندما يكون المرء متشبعًا بمعنى من المعاني؛ فإنه يستنطقه من الدلالات الجلية والدقيقة، ولتشبع الشيخ السعدي بمعاني بذل الخير لم يتجاوز هذه الآية حتى جلاها هذا الجلاء الرائع. ثانيًا: كانت حياة الشيخ تطبيقًا لهذا المعنى؛ فقد عاش يكتب كما علمه الله، ويعلم كما علمه الله، في تناغم جميل بين فقهه وحياته، فرحمه الله، وأثابكم على إبراز ذخائره.). الوقفة كاملة
١٠٢ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ (آل عمران: ٧٩) من جعل العلم والدعوة وسيلةً لتحقيق غاياته الشخصية؛ فقد انحرف عن طريق الأنبياء! الوقفة كاملة
١٠٣ الفرار الوحيد الذي يفعله الشجعان هو الفرار عن المعصية لاتخجل عندما تعرض عليك معصية أن تهرب .. اهرب من جحيم المعاصي إلى رضوان الله الوقفة كاملة
١٠٤ وُصِفت أعمال الخير بالصالحات لأن بها تصلح أحوال العبد وأمور دينه ودنياه وحياته الدنيوية والأخروية، ويزول بها عنه فساد الأحوال، فيكون بذلك من الصالحين الذين يصلحون لمجاورة الرحمن في جنته" الوقفة كاملة
١٠٥ إنما حَسُنَ طولُ العمر و نفع؛ ليحصل التذكر والاستدراك، واغتنام الفرص، والتوبة النصوح، كما قال تعالى: (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ)، فمن لم يُورِّثه التعمير وطول البقاء إصلاحَ معائبه، واغتنامَ بقية أنفاسه، فيعمل على حياة قلبه، وحصول النعيم المقيم، وإلا؛ فلا خير له في حياته. الوقفة كاملة
١٠٦ "تدبر هذه الآية كاملة: (ا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) حيث جعل جزاءهم عظيما مقابل البراءة من أقرب الناس إليهم، إذ لا تفعل ذلك إلا النفوس المؤمنة القوية: (أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ) فكان العطاء سخيًا وافرًا، توج ذلك برضوانه عليهم، وبأن جعلهم من حزبه المقربين، عوضًا عن تركهم لتحزبات الجاهلية بالباطل: (أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). " الوقفة كاملة
١٠٧ [بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ] وصفهم الله بالعباد أولا ثم الشجاعة والجسارة بالمواجهة فبهؤلاء يكون تحرير الأقصى أما "بطولات الكلام" فبحياتها لم ترد حقاً مسلوباً ! الوقفة كاملة
١٠٨ {قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} وأنا متى فعلنا ذلك أعقبنا ذلك من الله النصر والتأييد وصرف كيد العدو وشرهم مع حيازة رضوان الله وثوابه [الجصاص] الوقفة كاملة
١٠٩ ﴿ولم يجعلْ لهُ عوجًا﴾ . من أقامَ القرآن زالت الإعوجاجات من حياته، وبقدر حظّك من القرآن بقدر إبتعاد الإعوجَاجات عن حياتِك. الوقفة كاملة
١١٠ "قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين" . من طابت صلاته طابت حياته، عبادات المرء تؤثر في حياته وبعد مماته... الوقفة كاملة

تذكر واعتبار

١٠١ أردت أن أكتب اليوم في موضوع منتشر ويؤثر على مجتمعاتنا، فلم أجد موضوع خير من “كسر الخواطر” لطرقه والكتابة فيه. وذلك لكثرة حدوثه بين الناس وبشكل شبه يومي في حياتهم العادية لا سيما في بلادنا الإسلامية، وهو يجلب الحزن للآخرين، إما بقول أو فعل، أو حتى لغة الجسد وتعابير الوجه. وما منا من أحد إلا وقد مر بشخص تسبب له في الحزن أو الألم المعنوي، فإياكم وإياكم وكسر الخواطر وحقن الأذى، فإن القلوب تُدمِي بالكلمات الجارحة والنفوس تكسرها المواقف القاسية. وكم من الناس أدمت قلوبهم بكلمات جارحة من قريب أو عزيز، ولكم يخسر الإنسان من أصدقاء ومحبين بكلمات قلائل تضيع بها عشرة السنين وتذهب بها مودة الأحبة. تلك المودة التي أتت بعد سنين من العطاء والبر، فتراها تذهب بسهولة لكلمة جارحة أو موقف مؤلم. والإنسان بشر من لحم ودم، وله قلب ينبض بالمشاعر المختلفة التي قد تتبدل من الحب والود والعطف إلى البغض والمقت والكراهية. هذه المشاعر التي تختلف باختلاف أحوال الناس وتتولد وتتضح مع مرور الوقت والأحداث، حين يُظهر الزمن معادن الناس ومشاعرهم الحقيقية نحو الأخرين. ولما كان ديننا الحنيف ينهى عن إيذاء الناس كان حريا بنا نحن كأمة مسلمة أن نحرص على تجنب كل ما يحزن الغير ونتخير الكلمات اللطيفة عند تخطابنا مع الناس. ومع ذلك نجد أن هذا الجانب مهمل من كثير من الناس، ولا يعتبرون الكلمات الجارحة ذنب أو شيء معيب يجب تجنبه. بل وربما نجد الأمر حتى من رواد المساجد ومن يهتمون بأمور الدين. فقد نسي هؤلاء أو تناسوا أن التخلق بخلق النبي ﷺ جزء لا يتجزأ من الدين، ونحن مأمورون به من كبيرنا إلى صغيرنا. فقد قال تعالى واصفاً أخلاقه ﷺ: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[1]. وأمرنا باتباعه في قوله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ)[2]. وكان ﷺ حليماً، ورحيماً بأمته، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: (إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق). وجاء في الحديث الشريف: (قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين قال: إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة)[3]. ولم نسمع عنه ﷺ أنه نهر شخصا، أو آذي كبيرا أو صغيرا بقول أو فعل، بل كان ودودا لطيفاً مع الجميع حتى مع نسائه، فلم يضرب واحدة منهم أو يكسر بخاطرها، وكانت أخلاقه كريمة حتى مع غير المسلمين، فقد روى أنس بن مالك – رضي الله عنه: (أن غلاما يهوديا كان يخدم النبي ﷺ، فمرض، فأتاه النبي ﷺ يعوده، فقعد عند رأسه، فقال له: أسلم. فنظر إلى أبيه وهو عند رأسه، فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي ﷺ من عنده وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار)[4]، فهو أمير المؤمنين وقائدهم، ومع ذلك لم يتكبر أو يأنف من زيارة صبي في مرضه، ناهيك عن أن يكون الصبي يهوديا، ولم يؤذيه أو يلعنه أو يقل له أنت من أهل النار، ولم يقلل من شأنه أو شأن أبيه أو يحقره، بل زاره في مرضه ودعاه للإسلام وفرح بنطقه الشهادة وجبر بخاطره وخاطر أبيه، فيا له من طيبٍ، رقيق القلب وكريم كرمٌ يفوق التصور. أين نحن من هذه الأخلاق العالية الرفيعة؟! هل تواضع أحدنا وزار مريض يصغرنا بسنوات؟ هل فرحنا للغير بخير حدث له؟! هل طببنا يوما على رجل عجوز أو أم مكلومة أو فقير معدم أو ضعيف مهان؟ا هل نسينا الألقاب وتواضعنا للخلق وجبرنا خواطرهم بكلمات طيبة ووجه مبتسم؟! للأسف لا نرى هذا في مجتمعاتنا إلا ما ندر، وما ذلك إلا لانتشار الكبر والعنصرية بين الناس وسيطرة الطبقية في مجتمعاتنا. فالكبر هو آفة هذا العصر، وهو تلك الخصلة الذميمة التي حذر منها نبينا الكريم وبين أن صاحبها لا يدخل الجنة والعياذ بالله، فقد قال ﷺ: (لا يدخل الجنة رجل في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار رجل في قلبه مثقال ذرة من إيمان)[5]، وهو أكثر سبب يؤدي لكسر الخواطر. ولا شك أن الإنسان أحياناً تضطره الظروف للتراجع عن مساعدة الغير ومواجهتهم بالصد، ولكن لا يمنع ذلك من أن يكون الصد بتلطف ودون تجريح أو إيذاء بالكلمة أو الفعل أو حتى نبرة الصوت ولغة الجسد. فهذه لغات يفهمها البشر جميعاً ويتواصلون بها بين بعضهم البعض، ويمكن للإنسان أن يؤذي بها غيره أكثر حتى من بطش اليد وضرب النعال، وبالتبرير الصادق المبسط بكلمات طيبة ولينة يفهم الغير ويقدرون ظروف الإنسان ويعذرونه دون أن يتأذوا. فهلا يحاسب كل منا على ما تتفوه به شفاهه، ولينتبه الإنسان إلى أن الكلمة التي تخرج من فمه لا يمكن أن تعود إليه، بل تبقى في الخارج، يدور صداها في رؤوس السامعين ويتكرر أذاها كلما دار ذكرها. كسر الخواطر من منظور مقاصد القرآن الكريم كسر الخواطر فيه إيلام للآخرين وإيذاء معنوي لهم، وهو يتعارض مع مقصد تهذيب الأخلاق، وأذى الآخرين محرم بالكتاب والسنة يتناقض مع ومقصد التشريع. كسر الخواطر ينشر الحقد والكراهية بين الناس ويتناقض مع صلاح الأحوال الفردية والجماعية، كما أنها قد تؤدي إلى إنتشار الجرائم في المجتمع مما يتناقض مع مقصد التشريع والأحكام الإسلامية. كسر الخواطر يؤدي إلى تفكك المجتمع ويتناقض مع مقصد سياسة الأمة. كسر الخواطر كثيرا ما يؤدي إلى الشجار الذي قد يصل إلى إزهاق الأرواح وضياع الدين والمال والأبناء، مما يناقض المقصد العام للشريعة وذلك بحفظ الضروريات الخمس، وهي النفس والمال والدين والعقل والنسل. التوصيات المُقترحة على الإنسان تجنب جرح الناس وإيذاءهم بقدر الإمكان، سواء باللسان أو اليد أو حتى النظرات والتعابير، وذلك لقوله ﷺ: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فليقل خيرا أو ليسكت)[6]. وفي هذا توجيه مبتكر يقلل من فرص الجدال ومداخل الشجار بين الناس، ولنذكر الأثر القائل: (كما تدين تدان)[7]. فهو كثيرا ما يحدث في أرض الواقع، فكما يعامل المرء الناس يعاملونه. ولا يحب الناس من يقسو أو يشتد عليهم في المعاملة واللفظ. علينا بطيب القول ومعاملة الناس بخلق حسن وإحسان عشرتهم وتخير الكلمات الطيبة عند مخاطبتهم، كما وصانا النبي ﷺ في قوله: (اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن)[8]. وقال تعالى: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ)[9]. فطيب الكلم من خير ما يتحلى به المرء ويرفع قدره عند الله وعند الناس ويكسبه السعادة ومحبة الآخرين. الصبر على أذى الناس وعدم التسرع في اتخاذ الأحكام والإعراض عن الجاهلين، فكثيرا ما ينتج عن التسرع في الحكم على الناس الندم والخسارة. يجب احترام الآخرين والرفق بهم ورحمتهم خاصة الصغار والضعاف والفقراء والأيتام والعجزة. ويجب التلطف بكبار السن، فهم بحاجة للعون والصبر، ولا ننسى أن جميلهم على أعناقنا ما حيينا، وكذا الإحسان للأهل والنساء والجيران والضيوف والمسلمين عموماً. يجب الاعتذار إذا صدر منا ما سبب الأذى للآخرين وطلب السماح والعفو منهم، ولنتذكر أن حقوق العباد لا تسقط إلا بعفوهم، فتطييب خواطرهم في الدنيا أسهل بكثير من عذاب النار في الآخرة، والعياذ بالله. ويمكن تحقيق ذلك بفعل أشياء بسيطة وسهلة مثل الهدية والزيارة والبر وبذل المال والكرم والإطعام ونحوه، فالإنسان ينسى ويغفر بهذه الأشياء البسيطة، ومعظم الخلق تكفيهم الكلمة الطيبة والابتسامة وطلاقة الوجه، وفي كل هذا صدقات وجمع للحسنات وخير كثير. كما أن فيه نشرا للمحبة والوئام بين الناس، فقد روى أبو ذر الغفاري عن النبي ﷺ قال: (تبسمك في وجه أخيك صدقة وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلالة لك صدقة وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة)[10]. نسأل الله أن يرزقنا حسن الخلق ولين الجانب ويجعلنا مصدراً لإسعاد الناس وتطييب خواطرهم، لا لإحزانهم وإيلامهم، وأن يجعلنا هداة مهتدين، محبوبين منه ومن خلقه ومقبولين في الدنيا والآخرة. اقرأ المزيد في: إياكم وكسر الخواطر! - إسلام أون لاين https://islamonline.net/130667 الوقفة كاملة
١٠٢ قد نعجز جميعنا عن وصف ذلك الألم الناتج من كسر الخواطر، فالروح حين تُصاب لا تُجبر، والوجع حين يُغرس قد يمتد لسنوات، فكسر الخواطر يفوق كسر الجسد لأنه يهدم النفوس ويعطب القلوب، ويترك إصابةً مستديمة، كسر الخواطر هو الأذى الذي لا تملك له علاج، ولا أدوات دفاع، ولا حتى وسائل تحصين، هو الكسر اللامرئي الذي يغتال الروح ويهشمها، ويترك ندوبه فيها، بعض الأشخاص حين يتعرض لهذا الألم يدَّعي اللامبالاة ويهاجم من كسروه، أما البعض الآخر يلتزم الصمت، ولكن في كلتا الحالتين ألمٌ يتسع ويكبر ويتشعب في الروح، أنا لا أعتقد أننا نمتلك الوقت والجهد لتحمُّل تلك المشاعر الدميمة والتي تهدد الجانب الآمن فينا، فكل شخص على وجه الأرض يحمل في داخله ثقلًا ما، فلماذا نساهم في زيادة تلك الأثقال، لماذا نضاعف تلك الهموم، لماذا نعتدي بتلك القوة البشعة على غيرنا، المكان والمكانة والجرأة لا تمنحنا الحق في التجاوز على الآخرين سواء بالفعل أو بالقول، ولكن للأسف كسر الخواطر أصبح نمط حياة في الكثير من أيامنا، فهناك من يقذف بكلماته وآرائه ويمضي دون التفكير بالحريق الذي خلَّفَه وراءه، هناك من لم يدرك بعد أن الانتقاد والتحطيم وبعض المزاح كسر خاطر، هناك من لم يعرف بعد أن الأمومة والأبوة لا تمنح الحق في كسر الخاطر، هناك من لا يفهم أن الإدارة والسلطة لا تجيز كسر الخاطر، هناك من لا يعي أن الصداقة والأخوة والزواج مسميات لا تبيح كسر الخاطر، في عالمنا الواسع لابد أن نستوعب بأن الكلمة والنظرة ونبرة الصوت ولغة الجسد كلها أدوات فعَّالة في نمو العلاقات، في إذابة الحواجز، في احترام المشاعر، ولكن إن تلوَّث التواصل بشيءٍ من الوجع حتمًا ستتفكك كل تلك العلاقات الإنسانية، لن يستطيع أحد التجاوز بسهولة لأن الظروف تستهلك طاقة الإنسان، والكفاح في الحياة عبث بقدرته على احتمال المزيد من الأثقال، اللطف قاعدة ثابتة للاستمرار وللصحة النفسية، ولنمو المجتمع بطريقة سوية، وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى ذلك في كتابه الكريم حين خاطب نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في آيته الكريمة: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) وأيضًا قال الرسول الكريم في حديثه الشريف: (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ) تلك وصايا الله، وتلك اتجاهات ديننا العظيم، وتلك الإنسانية التي تعلو وتسمو بجبر الخواطر لا بكسرها، فكم من عليلٍ تهشمت حياته من كلمة قاتمة، وكم من مبدع فقد ثقته بنفسه بسبب الناس، الروح البشرية تهوى اللين والرفق واللطف، انتقوا الكلمات والعبارات، أدركوا الخطوط الحمراء، لا تتجاوزوا أبواب الروح باستهتار، لا تكدروا القلوب، فالخواطر لا تجبر بعد كسرها ولو استنفذنا لها علاجات الأرض الوقفة كاملة
١٠٣ تأثير ضعف الثقة بالنفس على انتقاد الآخرين يدفع ضعف الثقة بالنفس الزوج إلى التركيز على عيوب زوجته كآلية دفاعية لتعويض شعوره بالنقص. حيث يؤدي ذلك إلى تضخيم الأخطاء وتفاقم المشكلات، مما يؤثر سلبًا على العلاقة الزوجية. اضطرابات الشخصية وميل بعض الأزواج للنقد المستمر تزيد اضطرابات الشخصية، مثل النرجسية والوسواس القهري، والنقد المستمر رغبة الزوج في الهيمنة على العلاقة الزوجية. مما يؤثر سلبًا على التوازن العاطفي والعلاقة الزوجية. التجارب السابقة والسلوك المكتسب في التعامل مع الزوجة تؤثر التجارب السابقة على سلوك الزوج، حيث تؤدي البيئة العائلية أو العلاقات السابقة إلى الإعتماد على النقد كأسلوب تواصل بين الزوج وزوجته. استخدام الانتقاد للتعبير عن الإحباط أو الغضب يلجأ بعض الأزواج للنقد للتعبير عن إحباطاتهم، مما يخلق جواً من التوتر، ذلك الذي يرثؤ على نفسية الزوجة بشكل سلبي. الوقفة كاملة
١٠٤ دينيحكم الزوج الذي يفضح زوجته؟ الإفتاء توضح الأحد 12/سبتمبر/2021 - 06:00 ص printer طباعة شارك حكم الزوج الذي يفضح زوجتهحكم الزوج الذي يفضح زوجته شيماء جمال حكم الزوج الذي يفضح زوجته .. من الأشياء السيئة جداً بالنسبة للزوجة عندما تجد زوجها الذى من المفترض أنه مصدر الأمان بالنسبة لها يتحدث مع الناس عنها، فيزيد الجفاء فيما بينهما ويجعل الخرس الزوجي يزيد بصورة كبيرة. حكم الزوج الذي يفضح زوجته.. لا يجوز للزوج أن ينعت أو يصف زوجته، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (لا تُباشِرِ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَنْعَتَها لِزَوْجِها كَأنَّهُ يَنْظُرُ إلَيْها)، وفي هذا الحديث بيان بأن الأخلاق الخاصة بالأزواج تكون مذمومة. وقد جاء في صحيح الإمام مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم قال: (إنَّ مِن أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَومَ القِيَامَةِ، الرَّجُلَ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ، وَتُفْضِي إِلَيْهِ، ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا)، وذلك يدل على أنّ إفشاء ونشر أسرار الجِماع بين الزوجين أمر منهي عنه. إفشاء أسرار بيت الزوجية أسوأ شعور هو أن تجد الزوجة حياتها مشاع، وتجلس بين الناس وهي تعرف أنهم يعرفون عنها أدق تفاصيل حياتها، هذا يعطيها إحساس أنها عارية أمامهم، وتنعدم الثقة في زوجها، حيث إنها تعلم أنه يقوم بنقل كل ما يدور فى البيت، بالاضافة أنه يخلق بين الأولاد الوسواس والقلق، بأن كل ما يجلسون معهم يعلم حياتهم. وقال الشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية إن إفشاء الزوج أسرار بيته في الحقيقة؛ آفة، ودائما كنا نعيب على الزوجة التى تخرج أسرار بيتها، لأن المرأة من طبيعتها انها خفيفة الكلام، ولا تصون سرا إنما العجيب أن تجد ذلك من الرجل. وأشار أمين الفتوى إلى أن هناك نساء عاقلات جدا، أعقل من الرجال فى هذا الأمر بدليل هذه المرأة التى يفشى زوجها السر، فلابد للرجل والمرأة أن يصون كلا منهما الآخر، فبيت الزوجية أشبه بالمكان الآمن الذى تأمن فيه المرأة على نفسها مع زوجها، والرجل على نفسه مع زوجته. وأوضح أمين الفتوى أن كلا من الزوج والزوجة له سر مع الآخر ولا ينبغي للرجل أن يفشي سر امرأته ولا ينبغي للمرأة أن تفشي هي سر بيتها لأنها ستحاسب أمام الله وهو سيحاسب أيضا. التحدث بما وقع بين الزوجين أكدت دار الإفتاء انه من الأسس المتينة التي تقوم عليها الحياة الزوجية رعاية الأسرار وحفظها، فالخصوصية بين الزوجين تتطلب عدم إذاعة المشاكل التي تقع بينهما، فذلك أدعى إلى حلّها وعدم الخوض فيها، وإن بدر من أحد الزوجين سراً من أسرارهما تنكشف حياتهما للآخرين، وتتعاظم المشاكل بينهما، مما قد يصل بهما إلى الفراق، ولذلك فمن الجدير بكلا الزوجين رعاية أسرار الطرف الآخر وصيانتهما؛ تحقيقاً للمودة والسكينة بينهما. وأشارت دار الإفتاء المصرية من خلال موقعها الإلكتروني إلى أن إفشاء سر العلاقة الحميمة بين الزوجين حال الجماع أو ما يتصل بذلك من أمور شخصية تتعلق بهما حرام شرعًا، وذلك استنادا للحديث الشريف عن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنْ أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إِلَى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا» أخرجه مسلم في "صحيحه". حكم طلب الطلاق من الزوج البخيل؟ الإفتاء تجيب حكم كثرة حلف الزوج على زوجته.. الإفتاء ترد وأوضحت أنه على كل واحد من الزوجين أن يحافظ على أسرار بيته ولا يبديها،خاصة اذا ترتب إفشاء سر العلاقة الحميمة بين الزوجين ضرر على الزوجين، وقد ورد عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ _صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «لا ضَرَرَ وَلا ضِرَارَ» أخرجه الإمام مالك في "الموطأ". وعن أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رضي الله عنها أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَالرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ قُعُودٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: «لَعَلَّ رَجُلًا يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ، وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا» فَأَرَمَّ الْقَوْمُ، فَقُلْتُ: إِي وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ، وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ، قَالَ: «فَلَا تَفْعَلُوا، فَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانِ لَقِيَ شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ» أخرجه أحمد في "مسنده". ونوهت الى أنه على الزوجين أن يتفهما ذلك، وأن يوضح كل من الزوجين الصورة للآخر بالحسنى والكلم الطيب، وأن يستعينا في هذا التفهم بالصبر والصلاة والدعاء في الصلوات والخلوات؛ قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 153]. قال الإمام النووي في "شرحه على صحيح مسلم" (10/ 8): [فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَحْرِيمُ إِفْشَاءِ الرَّجُلِ مَا يَجْرِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ مِنْ أُمُورِ الِاسْتِمْتَاعِ وَوَصْفِ تَفَاصِيلِ ذَلِكَ وَمَا يَجْرِي مِنَ الْمَرْأَةِ فِيهِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ وَنَحْوِهِ] اهـ. الزوج الذي يهين زوجته حكم إهانة الزوج لزوجته.. لا يجوز للرجل أن يهين زوجته أو يضربها، لأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال عن الزوج الذي يضرب زوجته ويهينها (إنهم ليسوا بخياركم) كما أن المرأة ليست خادمة في بيت الرجل، فهي كالرجل، والنساء شقائق الرجال، فيجب على من يهينون زوجاتهم أن يتنزهوا عن لغة العبودية والتسلط، فالمرأة ليست خادمة لزوجها ولكنها شريكة معه، وهي عماد أساسي في البيت ، وهذه مشكلة عند بعض الرجال بأنهم يعتقدون أنفسهم لا مثيل لهم ويفعلون ما يحلو لهم فيهينون زوجاتهم، إلا أن هذا أسلوب خطأ وليس له علاقة بالإسلام، فقال رسول الله ((خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي))، فكان صلى الله عليه وسلم يعامل الناس بالرفق واللين كما أن معاملة الرجل للمرأة لست معاملة فرض وقوة، بل هي مسألة رحمة ومودة فالراحمون يرحمهم الرحمن. كيفية التعامل مع الزوج الذي يهين زوجته قبل أن نطلب من الزوجة أن تحترم زوجها وأن لا يعلو صوتها عليه، على الزوج أيضًا أن يتعامل معها بصوت منخفض لأن المرأة على دين زوجها، كذلك إذا رفع الرجل صوته على زوجته فعليها ألا يعلو صوتها عليه لأن الأصل فى المرأة الاستكانة والحياء، فيجب أن يعامل كل واحد منهم الآخر برفق ولين كما أنه لا يوجد تفرقة بين الرجل والمرأة فى المعاملة فعلى كل واحد منهما أن يحترم الآخر. الوقفة كاملة
١٠٥ بسم الله الرحمن الرحيم عند جرح مشاعر من تحب* الجروووووووووح :- من السهل جداً .. جرح مشاعر الآخرين .. ومن الصعب ..جداً .. مدواتها .. ببساطة .. لأن الجروح .. تتر ك ندوب .. يصعب إزالتها .. _______________ عندما يقوم البعض بجرح مشاعر الآخرين ..*غير متعمدين*.. يسهل على المجروج . . التغاضي وتمرير الجرح .. كخدش بسيط لا يحتاج علاج .. وهذا النوع من جرح المشاعر .. لا يحتاج بتاتاً لعلاج .. وعادة لا يترك أثر أو ندب .. وعندما يقوم البعض .. بجرح مشاعر الآخرين ..*بإصرار وتعمد ..سواء في هيئة جادة .. أو في صورة مزاح .. ويكون الجرح مقصود بوضوح .. يصعب على المجروج التجاوز عنه .. والسبب في ذلك .. هو أن الجروح مؤلمة .. وتؤلم أكثر في بدايتها .. وعلى الرغم من إمكانية علاجها .. إلا أنها تأخذ وقتاً طويلاً حتى تبرأ .. فعلى الجرح أن يلتئم باستخدام علاج ما .. ___________________ وفي أكثر الحالات بعد أن يبرأ الجرح .. يترك ندبا أو أثراً .. هكذا هي مشاعرنا .. إذا*جاء الجرح من شخص بعيد*.. قد .. يلتئم الجرح بسرعة أكبر .. ويترك ندباً غير منظور .. ويستطيع الشخص نسيان الجرح وندبه .. ولكن إذا*جاء الجرح .. من شخص عزيز أو قريب أو رفيق او حبيب*. . قد يسبب الجرح نزفاً .. عن طريقه يُفقد الكثير من الدم .. الذي يمثل فقدان الكثير من الود والقرب والمعزة للجارح .. تاركاً وراءه ندبا كبيراً باقياً .. __________________ ويخسر الأثنين في هذه العملية .. الجارح .. والمجروح .. الجارح*لا يدرك مدى خسارته .. إلا بعد مرور بعض من الوقت . . وعند محاولة مداوة الجرح .. يكون الوقت قد .. فات .. والمجروح*.. يخسر .. لأنه فقد الثقة في التعامل مع الجارح .. كما في السابق .. لأنه يخاف المزيد من الجراح .. وعندما يتعمد .. القريب العزيز الحبيب .. الجرح .. ويتحمل منه المجروح الجرح .. لا يعني ذلك أن المجروح ضعيف الشخصية .. أو قليل الحيلة والكبرياء .. بل يعني .. أن الجارح له معزة .. وثيقة في نفس المجروح .. في اعتقادي أن المجروح سيضمد جرحه .. بطريقة واحدة .. هي*الابتعاد عن الجارح*.. لمدة مؤقتة أو دائمة .. وأن الجارح سيفكر .. لماذا ابتعد الآخر عنه ..؟ وبعد إدراك السبب . . إما يكون قد تخلص من المجروح نهائيا .. أو ندم على فقدان عزيز لديه لن يعود .. وعلى هذا فخسارتهم هم الاثنين .. تكون كبيرة .. _____________________ في رأيي .. جرح المشاعر .. ليس بالأمر السهل .. لن*يقبل أي انسان*.. له عزة نفس وكرامة وكبرياء .. على نفسه . . كثرة المهانة . . حتى ولو جاءت من أغلى حبيب .. شخصياً .. مشاعري .. غالية جداً وثمينة لدي .. أحاول جاهدا .. بسببها عدم جرح مشاعر الآخرين .. لأنني أضع نفسي مكانهم .. ومتى ما أحسست ان أحدهم .. جرحني في مشاعري .. وتحملت منه مافيه الكفاية .. سوف ارحل صامتا الوقفة كاملة
١٠٦ [7/6, 10:44 PM] A,H????♥️.: ????*ثمرات طلب العلم الشرعيّ* ????*العلم أفضلُ الثلاثة في المنفعة* *قـال رســول الله ﷺ :* *إِذَا مَـاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِـنْ ثَلاَثَةٍ،* *▪إِلاَّ مِنْ صَـدَقَةٍ جَارِيَةٍ،* *▪أَوْ عِـلْمٍ يُنْتَـفَعُ بِهِ،* *▪أَوْ وَلَدٍ صَـالِحٍ يَدْعُـو لَهُ .* *رواه مـسلم * *قـال العـلامة ابن عثيمين - رحمه الله :*وأفضل هذه الثلاثة العلم الذي ينتفع به؛ وأضرب لكم مثلًا، بل أمثالًا كثيرة :أبو هريرة رضي الله عنه من أفقه الصحابة بعد الرسول ﷺ، يسقط أحيانا على الأرض من شدة الجوع، ومع ذلك أكثر المسلمين الآن لا يقرؤون إلا رواياته فهو من أكثر الذين نقلوا لنا أحاديث رسول الله ﷺ وهي صدقة جارية.* *ائتوني بأكبر غني كان يتصدَّق في عهد أبي هريرة -رضي الله عنه- هل بقيت صدقاته الآن ؟! الجواب : لا.* *الإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمهما الله- كل منهما يدرسنا وهو في قبره؛ لأن كتبه بين أيدينا، لو نظرت إلى أكبر خليفة وأكبر تاجر في عهد ابن تيمية -رحمه الله- هل وصل خيرهم إلينا اليوم؟! أبدًا*:*إذًا العلم أنفع الثلاثة*) شرح رياض الصالحين4 / 568 ????*قال ابن الجوزي رحمه الله( من أحب أن يكون للأنبياء وارثًا وفي مزارعهم حارثًا فليتعلم العلم النافع وهو علم الدين ففي الحديث : { العلماء ورثة الأنبياء } وليحضر مجالس العلماء فإنها رياض الجنة ، *ومن أحب أن يعلم ما نصيبه من عناية الله فلينظر ما نصيبه من الفقه في دين الله ففي الحديث*: { *من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين} ،ومن سأل عن طريق تبلغه الجنة فليمش إلىٰ مجلس العلم ففي الحديث : { من سلك طريقًا يلتمس فيها علمًا سلك الله به طريقًا إلىٰ الجنة* } ، *ومن أحب ألا ينقطع عمله بعد موته فلينشر العلم بالتدوين والتعليم ففي الحديث : { إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له* } التذكرة في الوعظ ٥٥/١ ????*قال العلامة عبد الرحمٰن السعدي رحمه الله* : ( *إذا انقطعت الأعمال بالموت، وطويت صحيفة العبد، فأهل العلم حسناتهم تتزايد كلما انْتُفِع بإرشادهم، واهْتُدِيَ بأقوالهم وأفعالهم،فحقيق بالعاقل الموفق أن ينفق فيه نفائس أوقاته، وجواهر عمره، وأن يعده ليوم فقره وفَاقَتِهِ* " ) الفتاوى السعدية (١١٣/١) ????*النجاة من الفتن*.. *قال الإمام مقبل الوادعي ـ رحمه اللّٰه ـ :(نحن في زمن الفتن ولا ينقذنا من الفتن إلا اللّٰـه سبحانه وتعالى ثم العلم النافع*) المصدر:قمع المعاند ٢\٣٧٠ ????*قال العلامة الفقيه محمد بن عبد اللطيف رحمه الله"واعلموا أنّه لا يُنجي عند اختلاف الناس وكثرة الفتن إلا البَصِيرَة؛وليس كُل من انتسب إلى العلم ،وتَزيَّا بزيّه ،يُسأل و يُستفتَى و تأمَنُونَهُ على دِينكُم ...*ولا تأخدوا عَمَّن هَبَّ ودَبَّ* ، *وحرم الفقه و البصيرة ،فإنَّكُم مسؤولُون عن ذلك يوم القيامة*" اﻫـ . انظر : الدرر السنية٨٤/٨ ????*قال الشيخ ابن باز رحمه الله:" فإن القلوب الخالية من العلوم النافعة تتقبل كل شيء، ويعلق بها كل باطل، إلاّ من رحم الله* "مجموع فتاويه (١٢٠/٨). ????*قال الشيخ ربيع بن هادي المدخلي - حفظه اللّه*-: "*والملائكة تضع أجنحتها رضًا لطالب العلم ، الملائكة ما تضع أجنحتها لا للملوك و لا للتجار ، و لا لطلاب الدنيا ، و لا لغيرهم ، و لا حتى للعُبَّاد ، و لا للصالحين ، حتى للمجاهدين ما تضع أجنحتها ، بل تضع أجنحتها لطالب العلم ، هذا تكريم من اللّه - تبارك و تعالى - لطلاب العلم ، و تشجيع لهم ، و لا نستبعد ذلك ، فإن للملائكة بأمر اللّه عناية للمؤمنين*". مرحبا يا طالب العلم(117) ????*قال الحافظ ابن الجوزي رحمه الله : اعلم أن أول تلبيس إبليس على الناس صدُّهم عن العلم ، لأن العلم نور ، فإذا أطفأ مصابيحهم خبّطهم في الظلام كيف شاء».* تلبيس إبليس (1/389) [7/7, 12:20 AM] A,H????♥️.: [7/7, 12:19 AM] A,H????♥️.: ومن منكرات الأفراح: إحياء ليلة الفرح بالغناء والرقص، وأصوات الموسيقى. • وهذا والله، من البلاء والشقاء أن تبدأ أوَّل ليلة في الحياة الزوجيَّة بمعصية الله عزَّ وجلَّ، ومخالفة أمر رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم؛ وماذا يتوقَّع لزواجٍ كانت أوَّل لياليه محادَّة لله ولرسوله صلَّى الله عليه وسلَّم؟! •ولقد أقسم ابن مسعود رضي الله عنه: بالله الَّذي لا إله إلاَّ هو ثلاث مرَّات: أنَّ لَهْو الحديث المذْكور في قوله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} أنَّه هو الغناء. • فإنَّ الذي أباحه الإسلام في الزَّواج: هو الضَّرب بالدف للنِّساء فقط، مع الغناء المعتاد الحسَن الَّذي ليس فيه دعوة إلى محرَّم، ولا مدْح لمحرَّم، ولا مصاحبة لآلات اللَّهو المحرَّمة؛ كما ذكر العلماء: أن الدف أيام العرس جائز أو سنة إذا كان في ذلك إعلان النكاح، ولكن بشروط: •أن يكون الضرب بالدف. •ألا يصحبه محرم كالغناء الهابط المثير للشهوة، فإن هذا ممنوع سواء كان معه دف أم لا، وسواء في أيام العرس أم لا. •ألا يحصل بذلك فتنة كظهور الأصوات للرجال، فإن حصل بذلك فتنة كان ممنوعًا. •ألا يكون في ذلك أذية على أحد، فإن كان فيه أذية كان ممنوعًا؛ وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المصلين أن يجهر بعضهم على بعض في القراءة لما في ذلك التشويش والإيذاء فكيف بأصوات الدفوف والغناء؟! قال الشيخ ابن باز رحمه الله: (الغناء في العرس، والدّفّ في العرس أمرٌ جائز؛ بل مستحبٌّ إذا كان لا يُفضي إلى شر، لكن بين النساء خاصَّة في وقت من الليل، ثمَّ ينتهي بغير سهَر أو مكبر صوت، بل بالأغاني المعتادة التي بها مدْح للعروس، ومدْح للزَّوج بالحق أو أهل العروس، أو ما أشبه ذلك من الكلِمات التي ليس فيها شر، ويكون بين النِّساء خاصَّة ليس معهنَّ أحد من الرجال، ويكون بغير مكبِّر، هذا لا بأس به، كالعادة المتَّبعة في عهد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم، وعهد الصحابة، وأمَّا التفاخر بالمطْرِبات، وبالأموال الجزيلة للمطْربات، فهذا منكَرٌ لا يَجوز، وهكذا بالمكبِّرات؛ لأنَّه يحصل به إيذاء للناس). 6- ومن منكرات الأفراح: التَّصوير. • وكم حصل بهذا المنكر من فضائح ومفاسد؟! وكم تهدَّمت به أسر، وتفرَّق به من أزْواج؟! فقد تنتقِل هذه الصُّور إلى أيادي خبيثة ممن يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فيستخدِمونَها في أغراضهم الدنيئة ويستغلُّونها للتشفِّي من بعض من يكرهونَهم، وقد ينشرونَها عبر شبكات التواصل. 7- ومن منكرات الأفراح: اختلاط الرجال بالنساء. • حيث انتشر في مجتمعاتنا وأفراحنا ظاهرة دخول الزَّوج على النساء؛ فيشاهد النِّساء ويشاهدْنه وكلٌّ في أبهى زينته، وفي ذلك من الفتنة ما لا يَخفى على عاقل. [7/7, 12:20 AM] A,H????♥️.: فما أجملَ أن تكون أفراحنا في الدنيا متفقة مع الشّرع لتكون مُمهِّدة لأفراحنا في الآخرة، يوم أن يلقى المؤمنون المتقون ربَّهُم جل جلاله فيجازيهم أحسن الجزاء على صبرهم على طاعته، وبعدهم عن معصيته، وامتثالهم لأوامره. نسأل الله العظيم أن ييسر لشبابنا سُبُل وأسباب الزواج. وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين [7/7, 12:30 AM] A,H????♥️.: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: اتَّقُوا اللهَ تعالَى وأطِيعُوهُ، وأنقِذُوا أنفُسكُم، واستبْرِئُوا لدينِكُم، واجْتنبِوا ما تشابهَ عليكُم، واعلموا أن المعاصِي حِمَى اللَّهِ، ومنْ يرْتع حوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أنْ يقعَ فيهِ، فدع ما يُريبك إلى ما لا يُريبك. وإن من حُسنِ إسلامِ المرءِ تركهُ ما لا يعنيهِ، {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ}. معاشر المؤمنين الكرام: يُجمعُ العارفون أن تعلُقَ القلبِ بالله جلَّ وعلا، هو سِرُّ سعادةِ العبدِ في الدنيا والأخرى. وأنَّ قوة الارتباطَ بالخالق العظيمِ تبارك وتعالى، يَغمرُ القلبَ أُنسًا وطُمأنينةً، ويسكُبُ في النفسِ راحةً وسكينةً. وأن وقفةً تأملٍ وتفكر! في محرابِ العظمةِ، تزيدُ الإيمانَ واليقينَ، وتقوي المحبةَ والخشيةَ، وتزيد الرجاءَ والمراقبةَ. اللهُ، يا أعذبَ الألفاظِ في لغتي. ويا أَجَلَّ حرُوفٍ فِي مَعَانيها. اللهُ يا أروعَ الأسماءِ كم سعُدَت. نفسي وفاضَ سروريِ حينَ أرويها. اللهُ يا عِطرَ هذا الكونَ يا مددًا. يَفِيضُ لُطفًا وإحسَانًا وتنزِيها. اسمٌ تسمّى به الباري فكان كمَا. أرادَ يَعْبِقُ إجلالًا وتألِيها. فربنا العظيم تبارك وتعالى: أحاطَ بكلِّ شيءٍ عِلما، ووسعِ كلَّ شيءٍ رحمةً وحِلمَا، وقهرَ كلَّ مخلوقٍ عِزةً وحُكما، {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا}. سبحانهُ وبحمدهِ: ذلَّ لجبروتهِ العظماءُ، ووجِلَّ من خشيته الأقويَاءُ، وقامت بقدرته كل الاشياء، {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ}. جلَّ في عُلاه: لا تُدركهُ الأبصارُ، ولا تُغيرهُ الأعْصَارُ، ولا تتوهمُه الأفكارُ، وكلَّ شيءٍ عندهُ بمقدار. سبحانهُ وبحمدهِ: تواضعَ كلُّ شيءٍ لعظمته، وذلَّ كُلُّ شيءٍ لعزتِه، وخضعَ كلُّ شيءٍ لهيبتهِ، واستسلَمَ كُلُّ شيءٍ لمشيئته، {وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ}. تباركَ ربنا وتعالى: تنزَّه عن الشركاء والأنداد، وتقدَّسَ عن الأشباهِ والأضدادِ، وتعالى عن الزوجةِ والأولاد، وجلَّ عن الشركاء والأنداد. {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}. جلَّ جلاله: مَن تكلمَ سمعَه، ومن سكَتَ علِمَه، ومن تابَ قبِلَهُ ورحمَه، {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ}. عزّ ربنا وجلَّ: خزائنهُ ملئَا. ويمينهُ بالخير سحّاءَ. ولا يتعَاظَمُهُ عطاَءُ. يُنفقُ كيفَ يشاء، ولا يُعجِزهُ شيءٌ في الأرض ولا في السماء. تباركَ ربنا وتقدس: تسبحُ لهُ السماواتُ وأملاكُهُا، والنجُومُ وأفلاكُهَا، والأرضُ وفِجَاجُها، والبِحارُ وأمواجُها، والجبالُ وأحجارها، والأشجارُ وثِمارُها، {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}. معاشر المؤمنين الكرام: حين يتأمَّلُ المؤمنُ آياتِ المحبةِ في كتاب اللهِ جلَّ وعلا، فإنه سيجدُ أمرًا عجبًا. فاللهُ جلَّ جلالهُ يُحِبُّ المؤمنين، ويُحِبُّ المحسنين، ويُحِبُّ المتقين، ويُحِبُّ الصابرين، ويُحِبُّ المتوكلين، ويُحِبُّ المقسِطين، ويُحِبُّ التوابين ويُحِبُّ المتطهرين، ويُحِبُّ الذين يقاتلون في سبيله صفًا كأنهم بنيانٌ مرصوص. إذن فعلاقَةُ اللهِ تبارك وتعالى بعبادةِ المؤمِنينَ عَلاقةٌ مُميزةٌ، تَفِيضُ رحمةً ووُدًا، ورأفةً ولُطفًا. محبَّةُ اللهِ تبارك وتعالى لعبده المؤمن، هي رُوح الحياة، فمن حُرِمَها فهو من جُملةِ الأمواتِ، وهي نُور البصيرة، فمن فَاتتهُ تاهَ في بِحارِ الظُلمَاتِ، وهي شِفَاء النفوس، فمن فَقدَهُا حَلَّتْ به الآفَاتُ، وهي أُنس القلوب، فمن لم يَظفرْ بهِا تَقطعتْ نفْسُهُ حَسراتٌ. وواللهِ وبالله وتالله إنَّ إكْرامَ اللهِ تعالى لعبدِهِ المؤمِن بأنْ يجعلَ قلبهُ عامِرًا بحُبِّ اللهِ تعالى، والله إنَّ ذلكَ لأمرٌ عظيمٌ، جدُّ عظيم. فكيفَ إذا تَفضَلَ الغني الكريمُ على عبدهِ فأحبَّهُ. تنبَّه يا رعاك الله: فاللهُ. الله العليُ العظيم، الكبير المتعال، الغني الحميد، العزيزُ القدير، مَالِكُ الأمْلاك، ومسيرُ الأفْلاك، ربُّ كُلِّ شيءٍ ومَلِيكهُ. هذا الإلهُ العظِيمُ الجلِيلُ، يَتفضَلُ على عَبيدهِ فيُحِبَّهُم. واللهِ إنَّهُ لأمرٌ جَلَلٌ كُبَّارٌ، لا يُحِيطُ بوصفِهِ بَيانٌ، ولا يُعَبِرُ عنهُ أبلَغُ لِسَانٍ. ثم تأمَّل فهناك المزيد: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا}، فهو برحمتهِ وفضلِهِ سبحانه ليس (يُحِبُّهُمْ) فقط، بل إنه يحبهم ويُحبِّبَهُم إلى أوليائِهِ، ويضعُ لهم القبول. وهم إنما (يُحِبُّونَهُ) هِدايةً منهُ وفضْلًا. فالفضلُ في الحالين لهُ سُبحانَهُ وبحمدِه. {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}. وكونهم (يُحِبُّونَهُ) سُبحانَهُ فلا غَرابَةَ، فالمُحسِنُ يُحَبَّ بداهةً وطَبعًا، كيفَ لا وهو الذي خَلقَ ورَزقَ، وهو الذي هَدى ووَفقَ، وهو الذي أَعانَ ويسَّر، وهو الذي يتفضلُ فيَتقبلُ، وهو الذي يُثيبُ ويَشكُرْ، ثمَّ مِسكُ الخِتَامِ وتَاجُ العَطاءِ يتكرم ف (يُحِبُّهُمْ)، جاء في حديثٍ قُدسيٍ صحيحٍ: "وما يزالُ عبدِي يتقربُ إليَّ بالنوافلِ حتى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، ويدَهُ الَّتي يَبْطِش بِهَا، ورِجلَهُ الَّتِي يمْشِي بِهَا، ولَئِن سأَلنِي لأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَّنه"، وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي ﷺ قال: "إنَّ اللهَ تعالى إذا أحبَّ عبدًا دعا جبريل، فقال: إني أُحِبُّ فلانًا فأحبِبهُ، فيُحِبهُ جبريلُ، ثم يُنادِي جبريلُ في السماء، فيقول: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، قالَ ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ". اللهم فإنا نسألك حُبكَ وحُبَّ من يُحبُّك وحُبَّ العملِ الذي يقربنا إلى حُبِّك، اللهم اجعل حُبَّك أحبَّ إلينا من كُلِّ شيء. واملأ به قلوبنا وصدورنا وكل ذرةٍ من كياننا. بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم - بسم الله الرحمن الرحيم: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُون لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم}. اتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصاقين، وكونوا من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب}. معاشر المؤمنين الكرام: حبُّ الله تعالى هو لبُّ الدين، وروح العبادة، وأصلُ الإيمان. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: *العبادةُ هي كمالُ المحبة مع كمال الذل، ولا تَعبُدَ إلا ممن يُحبُّ أعظمَ الحب*. وفي الحديث الصحيح: "ثلاثٌ من كنَّ فيه وجدَ بهنَّ حلاوةَ الإيمان، أولها: أن يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحبَّ إليه مما سواهما". فدلّ ذلك على أنّ الإيمان الحق لا يكتمل إلا بالحب، وأن الحلاوةَ لا تُعطى إلا لمن أحبَّ. ثم إن كلُّ محبةٍ في الدنيا قد تُذلُّك إلا محبة الله فإنها تُعزك وترفعك. كما أنَّ كلَّ محبةٍ فستفارقها أو تُفارقك. إلا محبةُ المولى جل وعلا فهي معك إلى ما لا نهاية. وكلُّ محبةٍ تنتهي بالموت، إلا محبتهُ سبحانه، فإنها تتضاعفُ بعد الموت. فلا إله إلا الله!! ربٌّ هذه صفاته وكرمه!. أفلا يُحبَّ. جاء أعرابيٌّ إلى النبي ﷺ يسأله متى الساعة؟ فقال له ﷺ: "وماذا أعددتَ لها؟". قال: ما أعددتُ لها كثيرَ صلاةٍ ولا صيامٍ، إلا أني أحبُّ اللهَ ورسولَه. فقال ﷺ: "فأنت مع من أحببتَ". قال الصحابة: فما فرحنا بعد الإسلام بشيءٍ كفرحِنا بها. فحبُّ اللهِ تعالى أيها الكرام: هو الحبُّ الخَالِصُ النَّافعُ، فليسَ هناكَ من يُحبُّ لذاتِه إلا اللهُ، وكلُّ ما سِوى اللهِ، فلا يُحبُّ إلا للهِ، فيا حسرتا على من ضيَّعَ أيامَه في الحبِّ الحرامِ، ويا أسفى على من نثرَ أشواقَه في أبياتِ الغرامِ، ويا خسارةَ من أصابَه بسببِ حبُّ المَخلوقينَ الجُنونُ والهُيامُ، ويا بؤسًا وتعسا لمن خرج من الدنيا وما ذاقَ حُبَّ ذي الجلالِ والإكرامِ. فانزلْ يا رعاك الله إلى منازلِ محبةِ العظيمِ، وهيا لتذوقَ طعمَ أنعم النَّعيمِ، قَالَ مَالكُ بنُ دِينارٍ رحمَه اللهُ: مَساكينُ أهلُ الدُّنيا، خَرجوا مِنها وما ذَاقوا أَطيبَ ما فيها، قِيل له: وما أطيبُ ما فيها، قَالَ: مَعرفةُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ومحبتُهُ. فيا من تريد سعادة الدنيا وفوز الآخرة، اعلم أن حبَّ الله جل وعلا هو أصل كل سعادة وفوز، وإنّ من أعظم ثمراتِ حبِّ الله تعالى لعبده: حفظهُ وولايته، وتوفيقهُ وهدايته، وحمايتهُ ونصرته. قال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون}. وفي الحديث القدسي الصحيح: "من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب". ومن ثمرات حبِّ الله جلّ وعلا لعبده: ما جاء في صحيح البخاري، قال ﷺ: "إذا أحبَّ اللهُ عبدًا نادى جبريل: إنّ اللهَ يحبُّ فلانًا فأحبه، فيُحبه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إنَّ اللهَ يحبُّ فلانًا فأحبوه، فيحبهُ أهلُ السماء، ثم يوضعُ له القبول في الأرض". فتراهُ محبوبًا مُوقّرًا، حتى في قلوب من لا يعرفونه، لأنّ اللهَ وضعَ له القَبول. ومن ثمرات حبِّ الله جلّ وعلا لعبده: نجاتهُ يوم القيامة بإذن الله: في الحديث الصحيح: قال رسول الله ﷺ: "المرءُ مع من أحبّ"، فما أعظمها من بشارةٍ للمحبين. ومن ثمرات حبِّ الله جلَّ وعلا لعبده: تسديدهُ وإعانته، فلا يقعُ منه إلا ما يُرضي الله، في الحديث القدسي الصحيح: "ولا يزالُ عبدي يتقربُ إليّ بالنوافل حتى أحبّه، فإذا أحببته: كنت سمعهُ الذي يسمع به، وبصرهُ الذي يُبصر به، ويدهُ التي يبطشُ بها، ورجلهُ التي يمشي بها". ومن ثمرات محبة الله تعالى لعبده: استجابةُ الدعاء جاء في تتمةِ الحديث السابق: "وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه". ومن ثمرات حبِّ الله جل وعلا لعبده: أن يُحسنَ له الخاتمة، ففي الحديث الصحيح، قال عليه الصلاة والسلام: "إذا أحبَّ اللهُ عَبدًا عسَّلَه. قالوا: ما عسَّلَه يا رسولَ اللهِ؟ قال: يُوفِّقُ لهُ عملًا صالحًا بين يدَي أجلِه حتَّى يرضَى عنهُ مَن حولَه". وهكذا يا عباد الله: فإذا أحبك الله: أحبك أهل السماء، ووضع لك القبول في الأرض، وأحبتك القلوب. إذا أحبك الله، قبل عملك ولو كان قليلًا، وبارك في وقتك ولو كان قصيرًا، ونفع بك ولو كنت ضعيفًا. إذا أحبك الله: حماك من الفتن، ووقاك من الزلل، وسترك في الدنيا والآخرة. إذا أحبك الله: كنت في حفظه، ونُصرته، وتأييده، ومنتهى أمانه وبره، وخير دنياه وأخراه. إذا أحبّك الله: وفقك وسددك، وأعانك وثبّتك، وجعل لك لسان صدقٍ في الآخرين، وختم لك بخاتمة السعادة، وبعثك على خير حال. وسهّل لك سبيل الجنة. الا فليكن حبُّ الله تعالى أعظمَ ما يطلَبه المسلم في حياته، وأغلى ما يسعى إليه فإذا أحبك الله: فلا يضرك ما فاتك بعد ذلك. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ ألَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُون نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيم}. ويا بن آدم عش. وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين الوقفة كاملة
١٠٧ التفسير: إن الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات يدلهم ربهم إلى طريق الجنة ويوفقهم إلى العمل الموصل إليه؛ بسبب إيمانهم، ثم يثيبهم بدخول الجنة وإحلال رضوانه عليهم، تجري من تحتهم الأنهار في جنات النعيم. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم تجري من تحتهم الأنهار - تفسير السعدي فلما ذكر عقابهم ذكر ثواب المطيعين فقال‏ :ـيقول تعالى ‏{‏إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ‏}‏ أي‏:‏ جمعوا بين الإيمان، والقيام بموجبه ومقتضاه من الأعمال الصالحة، المشتملة على أعمال القلوب وأعمال الجوارح، على وجه الإخلاص والمتابعة‏.‏‏{‏يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ‏}‏ أي‏:‏ بسبب ما معهم من الإيمان، يثيبهم الله أعظم الثواب، وهو الهداية، فيعلمهم ما ينفعهم، ويمن عليهم بالأعمال الناشئة عن الهداية، ويهديهم للنظر في آياته، ويهديهم في هذه الدار إلى الصراط المستقيم وفي الصراط المستقيم، وفي دار الجزاء إلى الصراط الموصل إلى جنات النعيم،‏.‏ ولهذا قال‏:‏ ‏{‏تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ‏}‏ الجارية على الدوام ‏{‏فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ‏}‏ أضافها الله إلى النعيم، لاشتمالها على النعيم التام، نعيم القلب بالفرح والسرور، والبهجة والحبور، ورؤية الرحمن وسماع كلامه، والاغتباط برضاه وقربه، ولقاء الأحبة والإخوان، والتمتع بالاجتماع بهم، وسماع الأصوات المطربات، والنغمات المشجيات، والمناظر المفرحات‏.‏ ونعيم البدن بأنواع المآكل والمشارب، والمناكح ونحو ذلك، مما لا تعلمه النفوس، ولا خطر ببال أحد، أو قدر أن يصفه الواصفون‏???????? الوقفة كاملة
١٠٨ "قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ" • قبل عقود طويلة وفي بدايات معرفتي لأهل الخير والعلم والدعوة عرفت رجلا صالحا فاعلا في أبواب كثيرة من أبواب الخير يعلم ويدعو ويربي ويساعد الناس ذهبت إليه كما يذهب الناس ولقيته وتحدثت إليه لم تطل حالة الوحشة المعتادة مع المعارف الجدد فقد ولجت إلى عالمه المشرع الأبواب بل قل عالمه الذي لا يعرف الأبواب ودهشت من نفسي بعد؛ أني حدثته ذات مرة عن بعض معاناتي التي لم أكن أبوح بها إلا لأقرب قريب. وأتساءل الآن عن السر الذي دفعني للحديث مع غريب في مقياس الزمن عن مشاكلي وهمومي لماذا ننساب بسرعة للتواصل مع هذه الشخصيات ونشعر بالأمن في عالمها؟ لقد مرت بعدها سنوات طويلة عرفنا خلقا كثيرا من الأخيار والصالحين والدعاة والمربين والعلماء وانتفعنا بهم وفي كل اللحظات تبقى سياجات تفصلنا عنهم سياجات على ضفتنا أو ضفتهم حزام من الوحشة نطوق به أنفسنا أو يطوقون به أنفسهم.. وعودة إلى صاحبنا نتلمس السر هناك وأراه والله أعلم أنه كان رجلا يشبهنا مثلنا مثل مشاعرنا وآلامنا وأشواقنا لم يكن يصطنع مشاعر تليق بمكانته الدعوية أو الاجتماعية بل يتشبث بهذا الشبه بنا ربما يمسك به عفوا من غير كلفة لكنه ظل كذلك رافضا لأي خيوط تنسج حوله كبرنا...ونسينا درس الداعية الذي يشبهنا وتوهمنا أن يجب أن تكون مختلفين ولو لم يكن الاختلاف مبررا ولا حاجيا وتأثرنا بصور آخرين لهم عالم خاص واستهوتنا رمزيتهم الاجتماعية وشرعنا في بناء الحيطان حول حياتنا وقلنا بلسان حالنا لسنا سوى هذا الصورة الذي ترونها في المسجد والدرس والمنبر لكن الحقيقة لم تكن كذلك كما علمنا الداعية الذي يشبهنا لقد نسينا أن أهم أسرار تأثيرنا في الناس أننا نشبههم أننا مثلهم لنا أطماع وأشواق وأننا نتعثر ونخفق ونثور ونغضب ونكون حمقى في مواضع كثيرة ونحزن ونبكي كالأطفال ونضعف وننهار ليس هذا عيبا بل هو سرنا للتفاعل معا للتقارب والتراحم والأنس التميز ينتزعنا يلقي بنا خلف أسوار الحياة امتن الله على أمة محمد بقوله سبحانه (لَقَدۡ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ إِذۡ بَعَثَ فِیهِمۡ رَسُولࣰا مِّنۡ أَنفُسِهِمۡ......) وقال تعالى: (قُلۡ إِنَّمَاۤ أَنَا۠ بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ یُوحَىٰۤ إِلَیَّ....) قال عبد الله بن عباس: علَّم اللهُ رسولَه التواضعَ لئلا يزهو على خلقه، فأمره أن يُقِرَّ فيقول: إني آدمي مثلكم، إلا أني خُصِصْت بالوحي. نفقد ذواتنا حين نمتاز عن الخلق وليس حين نشبههم كما نحب الذي يشبهوننا يحب الناس من يشبههم الشبه معنى عميق هو الصدق نفسه الداعية الذي يشبهنا أبقى على روحه مثلنا لأنه لم يتطلع يوما أن يكون غيرنا... البشر في مدار واحد في الحياة يلتقطون الذبذبات من نفس المدار حين تغير المدار ينقطع الاتصال.... (إنما أنا بشر مثلكم) الكفاح للحفاظ على هذا التماثل رحلة صعبة لا يطيقها إلا داعية يشبهنا. وليس في التاريخ قصة نجح إنسان رغم كل أسباب العظمة في الاحتفاظ بها كقصة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. سيرته تختصر المعنى الذي أردت بيانه. حياته المفتوحة للعالم بكل تفاصيلها كانت مقصودة لترسيخ معنى (إنما أنا بشر مثلكم) لا شيء خلف الحيطان والستر الوقفة كاملة
١٠٩ "؟كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ" أحب أن أفتتح بعض الموضوعات بالكلام عن أحداث طفولتي المبكرة ليس لكونها ذات اختصاص عن قصص الناس لكن لأن النفس في بداياتها الأولى أقرب إلى الفطرة والبداهة النفسية وأسبق من خدوش التشوه وصدمات التغيير ولأنني أكثر التصاقا بنفسي من كل النفوس فأطيق الحديث عنها من الداخل دون حاجة لعلم النفس . جعلني معلم التربية الفنية ذات حصة عريفا وهو باق معنا جالسا في الصف لكنه كان مشغولا أو مهموما لست أذكر سبب فعله الآن. وبينما أطوف في الصف والأطفال قابعون في كراسيهم لا ينبسون بشفة ولم أجد أحدا يمكن أن أقيمه للعقاب فنظرت إلى أحدهم وهو صامت كالصخر فقلت هذا مشاغب. ولبؤس الفرية فالذي اخترته كان في مقدمة الفصل والمعلم يراه فدهش المعلم لبغي الطفولة هذا ونهرني بأنه طالب مؤدب ولم يفعل شيئا. وأرسل إلي بعض أساتذتي في الجامعة بحثا يريد تحكيمه لأحد طلاب الدكتوراه وقبل سنوات كنت في مكان هذا الطالب أشعر بالامتعاض من ملاحظات الأساتذة وأضيق ذرعا من تكلف الملاحظات ووجهات النظر التي تعطل إنجاز دراستي لكنني هذه المرة وجدت في قراءتي تنمرا خفيا على بحث هذا المسكين ورغبة جارفة بإظهار عورات بحثه. بين الطفولة والكهولة أحداث كثيرة تناوبت الجلوس فيها بين الطالب والمطلوب شاركت مرات في مقاعد المقابلة الشخصية ممتحنا بالكسر وممتحنا بالفتح لكنني كنت منكسرا في الثانية دون الأولى. وفي مداولة الأيام عظات وعبر فبعد عقود نسيت معها رهبة المقابلات وآلام المختبرين ولظروف وظيفية تستلزم إجراء مقابلة شخصية حتمية وجدت نفسي من جديد أمام لجنة تقابلني ربما اختبرت بعض أعضائها يوما في المكانة عنف يثور في النفس ويخرج أسوأ ما فيها يحتاج للكبح والترويض وأعظم مروِّضاته قول الله تبارك وتعالى: (كَذَ ٰ⁠لِكَ كُنتُم مِّن قَبۡلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَیۡكُمۡ فَتَبَیَّنُوۤا۟ۚ) وقوله تعالى: "وَتِلۡكَ ٱلۡأَیَّامُ نُدَاوِلُهَا بَیۡنَ ٱلنَّاسِ" الوقفة كاملة
١١٠ "وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا" نشر المجريات واللهو ولو كان مباحا عبر الحسابات الشخصية ومشاركته المكثفة مع الأقارب والمعارف نوع من إشغال الناس عن طاعة ربهم واستنزاف من أوقاتهم وتشتيت لتركيزهم وكل هذا يبعدهم عن طاعة الله والتزود من الحسنات فكم من حالة وسنابة ومقطع اقتحمت من عزم على التلاوة أو الذكر فأنسته ما عزم عليه. وكل هذا -ومن دون قصد- هو في حقيقته صد خفي عن سبيل الله وقطع لطريق السائرين إلى ربهم. هب أنه أعجبك هذا القصيد أو النشيد أو النكات أو الغرائب.. ما الداعي لاختلاس أوقات الطاعة الممكنة بمشاركتها مع الآخرين. الوقفة كاملة

أسرار بلاغية

١٠١ *فى الآية الأولى من سورة التغابن هى الوحيدة من آيات التسبيح فى بدايات السور التى لم تختم ب(العزيز الحكيم) فما دلالة ذلك؟ كل السور التي تبدأ بالتسبيح يكون فيها العزيز الحكيم هذان الإسمان الكريمان أو شبيهان بهما إما في الآية أو في السورة، كل سورة تبدأ بالتسبيح إما يقول العزيز الحكيم أو نحو هذا أو السورة لا تخلو من هذين الإسمين العزيز الحكيم إلا آية واحدة في سورة التغابن ختمت بقوله تعالى (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) التغابن) وختم السورة بقوله (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) التغابن)، لماذا؟ التسبيح هو التنزيه عن كل نقص والتقص يظهر عادة إذا كان شخص ليس عنده مسؤولية لا يظهر عليه نقص لكن إذا كان حاكماً أو عزيزاً أو حاكماً يظهر عليه نقص إذا كان عزيزاً وانتهت عزته إلى الحكم فالعزة تسبق الحكم أو الحكمة فإذن ربنا سبحانه وتعالى في هذين الأمرين الذين يظهر فيهما العيب على الآخرين هو ينزه عن كل نقص في عزته وحكمه وحكمته ولذلك كل السور التي تبدأ بالتسبيح الآية نفسها يقول (العزيز الحكيم) أو ما في هذا المعنى وهو آية واحدة (له الملك) وهذه عزة ومنتهى العزة أن يكون له الملك إذن له الملك في معنى من المعاني هو العزيز الحكيم له الملك (وله الحمد) من الحكمة فإذن تصبح بمعنى العزيز الحكيم وقد أنهى السورة بقوله تعالى (عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) التغابن). *(سبّح لله) بصيغة الماضي وفي بعض السور (يسبح) بصيغة المضارع فهل هذا مقصود بذاته؟(د.فاضل السامرائى) نلاحظ أنه كل سورة تبدأ بـ (سبّح) بالفعل الماصي لا بد أن يجري فيها ذكر للقتال في كل القرآن أي سورة تبدأ بـ (سبّح) فيها ذكر للقتال والمبدوءة بـ (يسبح) ليس فيها ذكر للقتال أبداً. سورة الصف (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1) إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ (4)) كل التي تبدأ بـ (سبّح) لا بد أن يجري فيها ذكر القتال. هذه الآية في سورة الحديد (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (10)) ليس هنالك سورة في القرآن تبدأ بـ (سبح) إلا ويجري فيها ذكر للقتال وليس هنالك سورة في القرآن تبدأ بـ (يسبح) إلا لم يذكر فيها القتال. هذا توجيه للناس في الحاضر والمستقبل أن يتركوا القتال، أن لا يقاتلوا، الذي جرى جرى في تاريخ البشرية والله تعالى حكيم فعل ما فعل ودعا الناس يفعلون ما يشاؤون، هو التوجيه للخلق، للعقلاء، للناس، للمسلمين أنه في الحال والاستقبال عليهم أن يتركوا القتال ويعيشوا حياتهم، ينصرفوا إلى التعاون وما هو أنفع وما هو أجدى وما هو خير. هو توجيه لما يقول (يسبح) المضارع يدل على الحال والاستقبال لم يذكر القتال وكأنما هو توجيه - والله أعلم - للخلق في حاضرهم ومستقبلهم أن يتركوا القتال، أن لا يتقاتلوا فيما بينهم، أن يتفاهموا، أن يتحاوروا، أن يتحادثوا، أن تكون صدورهم رحبة، هذا أنفع لهم من القتال، الماضي ماضي ذهب لكن (يسبح) كأنه توجيه لعباده. الرابط بين القتال والتسبيح: التنزيه عما لا يليق والقتال لا يليق كما قالت الملائكة (قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (30) البقرة). * ما دلالة ما دلالة تكرار (ما) في قوله تعالى (يسَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ (1)) في سورة التغابن؟(د.فاضل السامرائى) توجد ظاهرة في آيات التسبيح في القرآن كله. إذا كرّر (ما) فالكلام بعدها يكون على أهل الأرض. وإذا لم يكرر (ما) فالكلام ليس على أهل الآرض وإنما على شيء آخر. في سورة الحشر قال تعالى (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (1)) بتكرار (ما) وجاء بعدها الكلام عن أهل الأرض. وكذلك في سورة الصفّ وفي سورة الجمعة وفي سورة التغابن (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1) هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2)). بينما في آية أخرى في سورة الحديد ليس الكلام بعدها عن أهل الأرض وإنما هو عن الله تعالى. وكذلك في سورة النور(41) و(42). هذه قاعدة عامة في القرآن والتعبير القرآني مقصود قصداً فنياً. وهذا في مقام التسبيح ولم أتحقق من هذه القاعدة في غير مقام. *لماذا قدم السموات على الأرض؟(د.فاضل السامرائى) أولاً من الذين كان يسبح سابقاً أهل السماء أو أهل الأرض؟ أهل السماء لأن أهل الأرض لم يكونوا موجودين أصلاً، قبل أن خلق آدم فبدأ بمن هو أسبق تسبيحاً، بمن هو أدوم تسبيحاً (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ (20) الأنبياء) (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ (38) فصلت) فبدأ بأهل السماء لأنهم أسبق في التسبيح قبل خلق آدم ولأنهم أدوم تسبيحاً، أدوم في هذه العبادة. * في الجمعة (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)) عندما يبدأ بـ سبح دائماً تنتهي بقوله العزيز الحكيم، ولما يأتي بصيغة الفعل المضارع (يسبح لله) تغيرت فصارت (الملك القدوس) في سورة الجمعة وفي التغابن (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)) تغيرت نهاية الاية ، ما الفرق ؟(د.فاضل السامرائى) ربنا يقول في آيات عدة في سور (سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) التسبيح هو التنزيه، هل المستضعف هو الذي يحتاج إلى التنزيه أو العزيز؟، الحكيم من الحُكم هو الذي يحتاج إلى التنزيه والحكيم من الحكمة أم الخالي من الحكمة والحكم؟ إذن التسبيح أولى بالعزيز وبالحكيم بمعنييها الحكمة والحكم. في الجمعة (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (1)) ما هو القدوس؟ القدوس هو البالغ في التنزيه، في النزاهة وهو الكامل في صفاته كلها، هذا القدوس، البالغ في النزاهة. هذا المبالغة مع الكمال في الصفات الأخرى. المَلِك يحتاج إلى التنزيه أكثر، كلما علت منزلته يحتاج إلى تنزيه، العزيز ليس بالضرورة أن يكون ملكاً. ليس كل عزيز ملك، إذن الملك هو أعلى الأعزة وهو حتى يكون في تمام الثناء يحتاج أن يكون في أعلى التنزيه. لما ذكر الملِك ذكر القدوس. لما لم يذكر الملك لا يذكر القدوس ، في التغابن قال (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)) له الملك يعني ملِك وعزيز له الملك. * المُلك يقتضي أن يكون مالكاً أو ملكاً؟ ملِك. المِلك بكسر الميم للتملك، المِلك للمالك والمُلك للحاكم (أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ (51) الزخرف) هو ليس مالكاً لها وإنما ملِك الآية (يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)) قال بعدها (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2)) الذي فعل هذا على شيء قدير أم لا؟ قال (وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3) التغابن) أليس هذا ملكاً؟ إذن هو ملِك. (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ) يناسب له الحمد. (وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ) يناسب له الحمد. إذن الخالِق والحق وله الحمد وهو على كل شيء قدير، خلقه إذن هو على كل شيء قدير ، قدرة ومُلك وحمد وما إلى ذلك. بعدها (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4)) الذي له المُلك ألا ينبغي أن يعلم ما في ملكه؟ إذن (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، لما هو خلقهما وهم ملكهما ينبغي أن يعلم ما فيهما, لأنه ذكر أنه خلقهما إذن ينبغي أن يعلم ما فيهما. ذكر أنه هو الذي خلقنا (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (2)) إذن ينبغي أن يعرف ما نُسِرّ وما نُعلِن هذه كلها ينبغي أن يسبحه ما في السموات وما في الأرض، متناسبة مع تمام السورة. الوقفة كاملة
١٠٢ آية124-126 د.أحمد الكبيسى : فى آل عمران تقول الآية (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ ﴿124﴾ آل عمران) آية أخرى (بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴿125﴾ آل عمران) وفي آية الأنفال (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴿9﴾ الأنفال) إذاً هي نفس القضية ملائكة نازلين من السماء مرة منزلين مرة مسومين مرة مردفين هذا أولاً في هذه الآيتين أشياء كثيرة. الخلاف الثاني هي نفس الموضوع مرة يقول (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴿126﴾ آل عمران) في آية الأنفال لم يقل (لكم) (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴿10﴾ الأنفال) ليش مرة بشرى لكم ومرة بشرى مطلقة؟ هذا خلاف ثاني، ثالثاً مرة قال (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) في الأنفال وفي آل عمران قال (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) ما في عبث ليش قال به قلوبكم ومرة قال قلوبكم به؟ هذا رسم للمعنى الهائل أخيراً مرة قال (إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) في آل عمران وفي الأنفال قال (مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) معنى آخر تماماً. نبدأ بها واحدة واحدة لنعرف كيف أن القرآن الكريم ليس فيه عبث تقديم تأخير ماضي مضارع اسم فاعل زائد حرف نقص حرف تزيل كلمة من مكان وتتركها في مكان آخر فيها رسم آخر معنى آخر وعلى أصحاب الذوق اللغوي بهذا الكلام المعجز أن يستنبطوا منه هذه الصور العظيمة المعجزة وهي جزء من كلٍ لا حصر له ولن تنتهي عجائبه إلى يوم القيامة. إلى أن تقوم الساعة هناك من سوف يفتح الله عليه بمقاييس عصره وعلوم عصره وحاجات عصره أن يكتشف في هذا الكتاب العزيز باباً من أبوب الإعجاز لم يخطر على بال الذين سبقوا. نبدأ واحدة واحدة طبعاً الملائكة الذين نزلوا في بدر تعرفونهم أول مرة لما أنزلهم الله تعالى وحاربوا مع المسلمين أنزلهم فهم منزَلين. لما قال مسومين هل تعرفون بأن الملائكة السماء الذين اشتركوا في بدر لهم علامات تعرفهم جميع الملائكة بأنها هؤلاء هم الملائكة البدريون كالبدريين من البشر أنتم تعرفون أن الذين اشتركوا في بدر رب العالمين كرمهم تكريماً (اعملوا ما شئتم لقد غفرت لكم) وكل التاريخ تاريخ الصحابة فلان ابن فلان وهو من البدريين تاج وسام مسومين كما أن الذين قاتلوا في بدر وسِموا بأنهم بدريون فإن الملائكة الذين اشتركوا في بدرٍ أيضاً يسمون في السماء الملائكة البدريون ومعروفون عند كل الملائكة بوسام أو لون أو إشارة أن هذا من الخمسة آلاف ملك الذي نزل يقاتلون مع المسلمين في بدر الكبرى التي غيرت تاريخ العالم كله. كان ممكن في تلك المعركة الكبرى التي غيرت تاريخ العالم كله كان ممكن في تلك المعركة أن ينتهي الإسلام لو انتصر المشركون وهم كثرة كاثرة والمسلمون قلة (إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ ﴿26﴾ الأنفال) نزل ملائكة. لاحظ حينئذٍ إذاً كلمة منزَلين لما أنزلوا فهم لم ينزلوا من أنفسهم الله أنزلهم قال أنزلوا فقد جاءوا مأمورين ويقودهم جبريل، هذا أمر. الأمر الآخر كونهم مسومين بهم علامات عنده علامة يعرف بها أنه هذا بدري، ثالثاً مردفين طبعاً الألفين الآخرين هؤلاء رديف فأنت عندما تقاتل تقاتل بالجيش الأصلي بالجيش الرئيسي لما المعركة تشتد تبعث مدد يعني ألف ألفين هذا يسمونه رديف الرديف الذي يأتي بعدك لكي يساعدك. الله يتكلم في آية الأنفال لما قال مردفين لأنه بعثهم بعد ما اشتدت المعركة تحتاج إلى مدد بعث الله مدداً آخر فرب العالمين بالأنفال يتكلم على ألف من الملائكة هؤلاء الذين آتوا في الآخر جاءوا رديف أي جاءوا مدداً هكذا هو الفرق بين منزلين ومسومين ومردفين الخ. المسألة الثانية بآل عمران انظر إلى النص الدقيق لما الله قال سيبعث معكم خمسة آلاف (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ) يا أهل بدر. في الأنفال نفس الموضوع قال (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى) ما في لكم ليس هذا عبثاً لم ينتبه أحد أنا أقرأ التفاسير لم ينتبه أحد في حين أنت إذا أخذت قاعدة أنه لا يوجد في القرآن حشو ولا كلمة ولا حرف ولا كسرة ولا ضمة أنت ابحث لماذا هذه ميت-بتسكين الياء- وليش هذه ميت-بكسر الياء-؟ لماذا هذه يخرج وليش هذه مخرج؟ وهكذا لماذا هذه (اسْلُكْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴿32﴾ القصص) ولماذا هذه (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴿12﴾ النمل)؟ نفس الشيء تقول لا هذه صورة ثانية نفس الشيء لماذا في آية يا أهل بدر (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ) هذا في آل عمران قصة بدر كاملة لما تكلم رب العالمين عنها وفي الأنفال (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) إلى أن قال (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى) وكيف تعرف أنت الفرق؟ اقرأ الآية شوف ظروفها ونسقها تسلسلها كيف جاءت قبلها الأحداث تصل بسهولة مع توفيق الله عز وجل إلى اكتشاف هذا الذوق الحسي الإعجازي اللغوي العالي. هناك رب العالمين يتكلم أن محمد صلى الله عليه وسلم يكلمهم محمد يقول لجماعته لما خافوا وكذا طبعاً كانوا خائفين وهذا من حقهم ثلاثمائة واحد يعني ناس راحوا حتى يعترضون قافلة أبو سفيان فيها كم بعير وكم حصان وأخذوا أموالنا هؤلاء جماعة أبو سفيان أخذوا أموال المسلمين في مكة قالوا خذوا هذه مكانها غنيمة شوية حنطة شوية شعير شوية سمن لا يوجد شيء فراحوا يأتون بها فلما ذهبوا ليأتون بها وإذا كل أمم الشرك أمامهم كل مكة جاءتهم فقالوا ماذا نفعل الآن؟ حتى قال صلى الله عليه وسلم نرجع؟ حتى النبي قال ما رأيكم؟ ماذا تقولون نرجع إلى مكة ولا نقاتل؟ فكلهم موجودون فلما الله أخبره هذا الذي سوف يحصل (إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ ﴿124﴾ بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴿125﴾ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ ﴿126﴾ آل عمران) فقط أنتم يا أهل بدر. بهذا العسر بهذا الخوف وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر ويظنون بالله الظنون الخ قال لا أنا سأنزل عليكم ملائكة هذا خاص بكم يا أهل بدر لن يتكرر مع غيركم إلا أنتم فقط في هذه الصورة وهذه الحالة وهذه العلنية علناً فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يكلمهم. إذاً هذه البشارة الأولى التي في آل عمران آية 126 الكلام خاص لأهل بدر فقط لظروفهم الخاصة. الآية الثانية رب العالمين تكلم من ناحية ثانية تكلم عنهم ليس لكونهم قلة لا، تكلم عنهم في الظاهر أن هؤلاء أهل بدر جلسوا يستغيثون استغاثة يعني أحسن استغاثة بالله فرب العالمين تكلم عن موقفه مع كل من يستغيث به فآية الأنفال ليست خطاباً لأهل بدر خطاب لكن لكل من يقع في مصيبة في ضنك في شدة في كرب إذا أحسن الاستغاثة. لو تقرأون التاريخ الإنساني كله من آدم إلى يومنا هذا قصص رواها التاريخ عجائب، واحد في بحر وكان سيغرق فاستغاث استغاثة يا الله وإذا هذا المركب يوصله بأمان إلى البر، كان مرة أحد الناس ذاهب إلى خراسان من العراق وبالطريق جاءه قطاع طرق كالعادة وأخذوا بضاعته ولكنهم كانوا مصرين على قتله فقال لهم دعوني أصلي ركعتين فصلى ركعتين وهم كانوا خمسة ويبدو أنه في السجود استغاث بالله استغاثة في غاية الروعة وأثناء سجوده وقد أطال السجود سمع أقدام فرس جامح يغير، طبعاً الفرس إذا جاء من بعيد يركض فالأرض تهتز وهو ساجد شعر بأن الأرض تهتز وفعلاً ما أن سلّم إلا فارس وصل وما أن وصل الفارس حتى قطع رؤوس الأربعة بضربة واحدة قتلهم جميعاً طبعاً هذا الرجل لا يعرف هذا الفارس من هو، فهذا الفارس يحدث هذا الرجل الذي أحسن الاستغاثة قال له يا فلان يا عبد الله والله عندما استغثت بالله تجاوبت أصداء استغاثتك بالسماء فكلنا كنا نتنافس من الذي ينزل لكي يلبي هذه الاستغاثة. وطبعاً كل واحد منكم فليسمعني الآن فليتذكر حياته السابقة هل وقع في يوم من الأيام في شدة عظيمة مرض أو أحد أولاده أو عدو أو غرق أو طائرة تعطلت أو سيارة في صحراء وقع بشدة وجلس بينه وبين نفسه في ساعة من ساعات الصفاء مع الله لا يوجد أحد ودعا الله وبكى واستغاث بالله وكيف جاء الغيث والغوث من حيث لا يشعر هذه الاستغاثة تجاوبت أصداؤها في السماء فبعث الله بها الفرج. رب العالمين يقول صح محمد معكم نعم وقال لكم هذا الكلام نحن بلّغناه هذا لكن في جانب آخر هذا جانب محمد صلى الله عليه وسلم، في جانب آخر وهو أنكم أنتم استغثتم استغاثات كل واحد جالس مع نفسه يا أرحم الراحمين يا مغيث الغائثين يا مجيب يا أرحم الراحمين من القلب والأعماق كل واحد يتذكر مع أهله وهو جاء بدون سلاح أصلاً ما عندهم سلاح كل واحد معه عصى جاؤوا لكي يأسروا قافلة فهم لم يخرجوا لحرب فوجدوا أنفسهم في ورطة كبيرة هذه الاستغاثة جحفلت الملائكة (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ﴿9﴾ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى ﴿10﴾ الأنفال) لم يقل لكم، هذه عامة. الأولى لكم يا أهل بدر خصيصا ًلن تتكرر فقط لكم أما هذه فهي لكل من يستغيث إلى يوم القيامة فآية الأنفال بشرى لكل من يستغيث بالله عند الشدة ولو تقرأون كتب الفرج بعد الشدة في كتب تاريخية كالأبشيهي وغيره وكثير من الكتب وكتب لإبن القيم وغيره كتب عن الفرج بعد الشدة قصص عجيبة يأتي الفرج من حيث لا يمكن أن تعرف أبداً ولهذا إذا أحسنت الاستغاثة عند الشدة ولهذا الدعاء هذا يا الله (لو أن أولكم وآخركم وأنسكم وجنكم جاءوني على صعيدٍ واحد وسألني كل واحد منكم المسألة كلها فأعطيت كل واحد منكم ما سأل ما نقص ذلك من ملكي إلا كما ينقص المخيط تغمسه في البحر) ما الذي يخرج من البحر المخيط؟ عليك بالاستغاثة إذا وقعت في شدة يا الله والله العظيم لو أن كل جيوش الأرض معك لا تنقذك كما تنقذك الاستغاثة إذا أحسنتها وتوسلت بعملك مع الله. فهؤلاء الثلاثة الذين انسد عليهم الغار يا ما ناس تاهوا في الصحراء الذي شاهد منكم مسلسل عمر بن عبدالعزيز طبعاً أكثر من مرة يصاب الناس بكرب ويأتيهم مدد واحد إنسان فقط أنجدهم واختفى وهو ملك من الملائكة هذه (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى) ما قال (لكم) هذه عامة. هناك في الأولى العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب هنا عموم السبب وعموم اللفظ ولذلك (لكم) هذه حذفها من سورة الأنفال افهمها أنها لك وليست فقط لأهل بدر أنت تستطيع أن تكون بدرياً إذا أحسنت الاستغاثة إذا وقع بك كرب. في قوله تعالى (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ ﴿126﴾ آل عمران) وفي سورة الأنفال (وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ﴿10﴾ الأنفال). فرب العالمين عندما قال (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) بهذا القرآن لما قال تطمئن قلوبكم يعني يتكلم عن القلب المطمئن وينبغي أن يكون قلب المؤمن مطمئناً لأن اطمئنان قلب المؤمن هو هدف من أهداف هذا القرآن الكريم (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ﴿27﴾ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً ﴿28﴾ الفجر) من حيث أن هذه النفس والقرآن الكريم يطلق كلمة النفس على القلب والقلب على النفس أحياناً وهذا كلامٌ آخر تحدثنا عنه سابقاً والآن العلم الحديث يثبت أن التفكير يبدأ بالقلب وليس بالدماغ. كان سابقاً يقولون كل كلمة قلب يعني دماغ لا، الآن القلب القلب والدماغ الدماغ والنفس النفس. فرب العالمين يقول (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) قدّم اطمئنان القلوب يعني عليكم أن تجتهدوا لكي تطمئن قلوبكم بهذا القرآن الكريم. لما يقول (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) يجب أن تتعامل مع القرآن تعاملاً علمياً بفهمٍ وتدبر لكي يستطيع هذا القرآن بفهمك هذا أن يُدخِل الطمأنينة على قلبك ونفسك إذاً هما قضيتان قضية أن القرآن مشحون بقوةٍ جدلية بحيث يستطيع أن يُطمئِن أي قلبٍ أو أي نفسٍ متزعزعة، وعلى نفسك أو قلبك أو عقلك أن يكون مطمئناً إذن هما قضيتان قضية أن هذا القرآن كيف تتعامل معه تعاملاً تستل منه قدرته على الطمأنينة، القضية الثانية عليك أن ترعى قلبك أو نفسك أو عقلك لكي يطمئن من تعامله ذلك مع القرآن الكريم . إذاً فهمنا الفرق بين ثلاثة آلاف من الملائكة مسومين ومنزلين ومردفين وفهمنا الفرق بين إلا بشرى لكم وبشرى بدون لكم ننتقل إلى أيضاً جزء آخر في نفس الآية. يقول بآية آل عمران (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) بالأنفال نفس الآية ولكن قال (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) لماذا هناك قلوبكم أولاً وهنا قلوبكم ثانياً بالأخير؟ أقول لك جداً طبيعي أولئك صحابة وعايشين مع النبي صلى الله عليه وسلم وشافوا معجزات فقلوبهم مطمئنة لكن القلوب متعلقة بالمدد متى يأتي المدد؟ هم واثقون مائة بالمائة أن المدد آتٍ فينتظرون المدد فإذاً مشكلتهم بالمدد أما الاطمئنان هو مطمئن بالله ناس صحابة شاف الوحي وشاف النبي صلى الله عليه وسلم إذاً قدّم القلوب لأنهم كانوا في غاية الرعب في غاية الخوف (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ) الذي يستغيث في غاية الخوف فإذاً صار التركيز أين؟ التركيز على اطمئنان القلب من الخوف لأنهم كانوا خائفين، ولكنهم في البداية واثقين أن الله سيبعث المدد. لنا جميعاً نحن الذي ما فيها لكم إلا بشرى للجميع نحن في الحقيقة مشكلتنا المدد كيف سيأتي المدد؟ في زمن النبي صلى الله عليه وسلم معجزات نحن الآن ما في معجزات فمشكلتنا أين؟ لو أصابك كرب في العام الماضي أو قبل سنتين في مدينة اعتدى عليها جيش غازي جيش سيمسح فيها الأرض وكلهم سيموتون وهذا عرضوها فيلم قبل أيام عرضوها فيلم فهؤلاء على غفلة وإذا المدينة تمتلئ بعناكب كل عنكبوت كأنه جرذ يمسك بقدم هذا الجندي الغازي ويلدغه بثواني يصرعه ومؤلف عليه أفلام وصور وشواهد هذا (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) بالمدد. المدد هو المشكلة نحن لا لم نألف أن تأتينا هذه الخوارق والمعجزات والكرامات هذه لم نراها، فهذه مشكلتنا إما قلوبنا فليس فيها مشكلة. زمن الصحابة لا المدد عندهم كثير كل يوم بدر وأحد وغيرها الخ لكن المشكلة أين؟ أن قلوبنا خائفة نحن 300 شخص وليس لدينا سلاح وجئنا نقاتل جيش مكة كله إذاً صار التركيز في بدر على القلوب الخائفة لكي تطمئن والتركيز بعد بدر إلى يوم القيامة على المدد يعني مصدقين مكذبين يمكن يأتينا مدد واقرأ التاريخ كله الإنساني بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا اليوم يعني عبد الله عزام يحكي لنا عن الأفغان أنه مرة جيش سوفييتي أباد قرية كاملة هذا الجيش كان في نهر على هذه القرية نزل هذا الجيش يستحم في النهر وإذا بجميع الجنود يصرعون بحشرة من الماء تلدغهم فيموتون وصوّرها في كتابه الذي كلكم قرأتموه ربما. وخذ كل مظلوم في الأرض من أي أمة من أي شعب من أي دين إذا جيش عرمرم وقاسي وعاتي وظالم على ناس آمنين بسطاء واعتدى عليهم اعتداء صارخاً تتبعهم رب العالمين ماذا سيفعل بهم ولهذا (وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ) القلوب هي المشكلة نحن (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) المشكلة بالمدد به بالمدد الذي سوف يأتي ولا نعرف كيف. وفعلاً لو تتبعت كل العالم في إفريقيا صار مثلاً أيام الاستعمار قبل شهر في قناة الجزيرة عرضوا أفلاماً كيف استعمر الغربيون أفريقيا وكيف قطعوا أيديهم وحرقوهم بالنيران وثم هؤلاء نفسهم ماتوا مرة جيش كامل طال عليه أفاعي وكان جيش إنجليزي كأنه في أحد المعارك مع الأفارقة واعتدوا على قرى كبيرة أبادوهم طلعت أفاعي قتلت الجنود بالكامل هذه من قواعد الله (وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ) حينئذٍ (قُلُوبُكُمْ بِهِ) للقلب الخائف (بِهِ قُلُوبُكُمْ) لمن ما عرف المدد يعني هو مشكلته المدد كيف يأتي المدد هو ليس خائفاً فهو ميت ميت لكن المدد كيف يأتي إذاً هذا الفرق بين (قُلُوبُكُمْ بِهِ) و (بِهِ قُلُوبُكُمْ). *ما الفرق بين الخاتمتين(وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) - (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)؟(د.أحمد الكبيسى) في سورة آل عمران في زمن بدر قال (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) صحابة وأصحاب بدر وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وواثقون من أن النصر من عند الله عندهم قضية رأوها بأعينهم (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) الناصر العزيز الحكيم في مثل هذه الحالة رأوه مرات كثيرة (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) الألف واللام بالعهد الذهني يعني مسلم بأن الله عزيز حكيم يعني شفناه كم مرة بالنسبة لنا نحن الذين لم نرى قال في سورة الأنفال (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) هذا ليس عبثاً لماذا هناك قال العزيز الحكيم وهنا قال إن الله؟ لماذا أكد بـ إن؟ قال لك إذا كنتم لا ترون فرب العالمين يؤكد لكم هذا لا تشك لا تكون متردد إذا كنت ضعيفاً أحسن الاستغاثة فإن الله عزيز حكيم وأؤكد لك يا عبدي أن الله سينصرك كما في الحديث القدسي عن المظلوم (لأنصرنك ولو بعد حين) (اتقوا دعوة المظلوم) هو من الذي يستغيث؟ المظلوم. فرب العالمين لما قال هناك العزيز الحكيم لأن هذا معروف لديهم هنا بعد خمسة عشر قرن ومائة قرن قال أؤكد لكم بأني أنا الرحمن الرحيم أنا العزيز الحكيم عندما أنصر الضعيف صاحب الحق على القوي الظالم والبغي هذا هو من قوانين هذا البشر كما سنذكر في الآية القادمة أن هذا البغي هو من قانون البشر. أول بغي وقع من ابني آدم على أخيه الآخر وإلى يوم القيامة مرة أمريكان يقتلون العراق وأفغانستان مرة فرس يذبحون العرب مرة الروس يذبحون الناس كل من له قوة وسلطان يدعوه هذا إلى البغي على الآخرين. حتى العشائر حتى العوائل حتى أفراد الأسرة الواحدة اليوم كلمتني امرأة أبوهم مات وعندهم أموال كثيرة هم ثلاث أخوة وأربع بنات وأمهم موجودة وأخوهم لم يرضى أن يقسم الميراث لأن الميراث كثير ولا يريد أن يعطيهم قال لهم أنا لن أقسم الميراث الذي يعجبه يعجبه والذي ما يعجبه يطلع أنا لن أقسم الميراث لم يقبل أخوهم هذا أرعبهم وعنده أخوات متزوجات وأخوان متزوجين محتاجين ولا يعطيهم لأنه هو قوي فالبغي مرتع مبتغيه وخيم وهذا البغي من قوانين هذه الأرض. ولهذا رب العالمين عز وجل جعلها قاعة امتحان كبيرة وما أقصرها من قاعة، غمض وفتح وإذا أنت بين يدي الملائكة (فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ﴿83﴾ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ ﴿84﴾ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ﴿85﴾ الواقعة) إذاً هذا الفرق بين آيتين آل عمران والأنفال. *لِمَ عبّر الله تعالى عن الثقة والأمان بقوله (ولتطمئن قلوبكم)؟(ورتل القرآن ترتيلاً) في هذه الكلمة من الدلالة ما يقصر غيرها من الكلمات عن التعبير. فسكون القلب يعني عدم اضطراب نبضات القلب الناجم عن الخوف والهلع وإذا كان القلب طبيعياً بنبضاته فهذا يعني أن الإنسان في حال أمن وكأنه خارج إطار الحرب بل هو في دار سلام وأمن. الوقفة كاملة
١٠٣ آية (130) : معركة أُحد - التي أخذت ستين آية، نجد أن الحق تكلم عنها هنا فقال: { وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ } و { إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ } , وقوله: { وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ } ، وبعد ذلك يترك الغزوة في حرارتها ويأتينا بأشياء يضعها هنا، ثم يأتي ليكمل الغزوة. لو أن هذه لقطة من الغزوة وتنتهي ثم يأتي موضوع آخر، لما شغلنا أنفسنا، إنما الغزوة ستأتي فيها ستون آية، فكيف ينهي الكلام في الغزوة ولا يعطينا إلا استهلال الغزوة، وبعد ذلك ينصب القرآن على معانٍ بعيدة عن الغزوة؟ فما الذي يجعله - سبحانه - يترك أمر الغزوة ليقول:{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَسَارِعُواْ إِلَىا مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّآءِ وَالضَّرَّآءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىا مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَـائِكَ جَزَآؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ * قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ * هَـاذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَِ }[آل عمران: 130-138] لماذا لم يعطنا الحق إلا استهلال الغزوة وبعد ذلك انصب على قضايا أولها قضية الربا، ما العلاقة بين هذه القضايا وتلك الغزوة؟. وأقول: رحم الله صاحب الظلال الوارفة الشيخ سيد قطب فقد استطاع أن يستخلص من هذه النقلة مبادئ إيمانية عقدية لو أن المسلمين في جميع بقاع الأرض جعلوها نصب أعينهم لما كان لأي دولة من دول الكفر غلب علينا. ونريد أن نفهم هذه اللقطات، ولماذا استهلت بمسألة الربا؟ لأن الذي كان سبباً في الهزيمة أو عدم النصر في معركة أُحد أنهم طمعوا في الغنيمة. والغنيمة مال زائد، والربا فيه طمع في مال زائد. والقرآن حين يعالج هنا قضية حدثية، والأحداث أغيار تمر وتنتهي، فهو سبحانه يريد أن يستبقي عطاء الحدث ليشيع في غير زمان الحدث، وإلا فالحدث قد يمر بعظاته وعبره وينتهي ولا تكون له فائدة. والنفس حين تمر بالأحداث تكون ملكاتها متفتحة؛ لأن الحدث - كما قال المغفور له الشيخ سيد قطب - يكون ساخناً، فحين يستغل القرآن الحدث قبل أن يبرد فإن القضية التي تتعرض لها الموعظة تتمكن من النفس البشرية. وهو سبحانه لم يرد أن تمر أحداث أُحد بما فيها من العبر والعظات إلا ويستغلها القرآن الكريم ليثبت بها قضايا إيمانية تشيع في غير أزمنة الحدث من الحروب وغيرها لتنتظم أيضاً وقت السلام. فآية الربا هنا كأنما سقطت وسط النصوص التي تتعرض لغزوة أحد. والسطحيون قد يقولون: ما الذي جعل القرآن ينتقل من الكلام عن أُحد إلى أن يتكلم في الربا مرة ثانية بعد أن تكلم عنه أولاً؟ ونقول: إن القرآن لا يؤرخ الأحداث، وإنما يُريد أن يستغل أحداثاً ليبسط ويوضح ما فيها من المعاني التي تجعل الحدث له عرض وله طول وله عمق؛ لأن كل حدث في الكون يأخذ من الزمن قدر الحدث، والحدث له طول هو قدر من الزمن، يكون ساعة أو ساعتين أو ليلة مثلا، هذا هو طول الحدث. والأحداث التي يجريها الله لها طول يحدده عمر الحدث الزمني، ولها عرض يعطيها الاتساع، فبعد أن كانت خطاً مستقيماً صارت مساحة، ويجعلها الحق شاملة لأشياء كثيرة، فهو لا يريد للحدث أن يسير كخط مستقيم، بل يريده طريقا واسعاً له مساحة وله عرض. هذا العرض يعطيه رقعة مساحية تأخذ كثيراً من الأشياء، وهذا أيضا قد ينتهي مع الحدث، لذلك يريد الله أن يعطي للحدث بعداً ثالثاً وهو العمق في التاريخ فيعطي عطاءه، كما نستفيد نحن الآن من عطاء حدث هو غزوة أُحد. إذن فالحدث له حجم أيضاً، وهذا ما يجعل الناس تقف لتقول: إن صلة الرحم تطيل العمر، والعمر له حد زمني محدد وهو الخط المستقيم له، فهناك واحد يزيد من عرض عمره، فبدلاً من أن ينفع الناس في مجال صغير فهو يعمل وينفع في مجال أوسع، إذن فهو يعطي لعمره مساحة. وهناك إنسان آخر يريد أن يكون أقوى في العمر، فماذا يعمل؟ إنه يعطي لعمره عمقاً، فبدلاً من أن يعمل لمجرد حياته وينتهي عمره مهما كانت رقعته واسعة، فهو يزيد من عمله الصالح ويترك أثراً من علم أو خير يستمر من بعد حياته كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له ". ولذلك يقول الحق:{ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَآءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ }[إبراهيم: 24-25]هي كلمة طيبة قيلت، لكنّها مثل الشجرة الطيبة؛ لأنها ترسخ في أذن من يسمعها فتصير حركة خاضعة للكلمة، وكلما فعل السامع لهذه الكلمة فعلاً ناتجاً من تأثير هذه الكلمة فإن بعض الثواب يعود إلى من قال هذه الكلمة حتى ولو كان قد مات.فكأن قائل هذه الكلمة ما زال يعيش، وكأن عمره قد طال بكلمته الطيبة, إذن فأعمال الخير التي تحدث من الإنسان ليس معناها أنها تطيل العمر؛ لأن العمر محدود بأجل، ولكنْ هناك إنسان يعطي عمره عرضاً، وآخر يعطيه عمقاً ويظل العطاء منه موصولاً إلى أن تقوم الساعة، فكأنه أعطى لنفسه عمراً خالداً. ويقولون: والذكر للإنسان عمر ثان. والحق سبحانه وتعالى يوضح الدروس المستفادة من غزوة أُحد، إن أول مخالفة كانت سبباً ليس في الهزيمة، ولكن دعنا نقل: " في عدم إتمام النصر " ، لأنهم بدأوا منتصرين، ولم يتم النصر لأنه قد حدثت مخالفة، ودوافع هذه المخالفة انهم ساعة رأوا الغنائم، اندفعوا إليها، إذن فدوافعها هي طلب المال من غير وجه مشروع؛ لأن النبي قال لهم: " انضحوا عنا الخيل ولا نؤتين من قبلكم، الزموا أماكنكم إن كانت النوبة لنا أو علينا، وإن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم " وبهذا صارت مبارحة المكان أمراً غير مشروع، فتطلع النفس إلى شيء في غير ما أمر به رسول الله يعتبر أمراً غير مشروع والتطلع هنا كان للمال، وهكذا الربا. وأراد الحق أن تكون سخونة الحدث، والأثر الذي نشأ من الحدث في أن المسلمين لم يتم نصرهم، وتعبوا، وكان مصدر التعب أن قليلاً منهم أحبوا المال الزائد من غير وجهه المشروع. فأراد - سبحانه - أن يكون ذلك مدخلا لبيان الأثر السيء للتعامل بالربا. إذن فهذه مناسبة في أننا نجد آية الربا هنا وهي توضح الآثار السيئة للطمع في المال الزائد عن طريق غير مشروع، والقرآن فيه الكثير من المواقف التي توضح آثاراً تبدو في ظاهرها غير مترابطة، ولكن النظرة العميقة تؤكد الترابط. الوقفة كاملة
١٠٤ * ما الفرق بين يا أيها النبي ويا أيها الرسول؟ الرسول من الرسالة التبليغ حتى لو لم يكن نبياً (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا (19) مريم) الرسول معه رسالة تبيلغ والنبي أعم قد يكون رسولاً وقد يكون لنفسه ليس مكلفاً بتبليغ دعوة إلى الآخرين. كلمة النبي أعم وكل رسول نبي وليس كل نبي رسول. قد يكون ليس مكلفاً بالتبليغ مثل يعقوب عليه السلام غير مكلف بالتبليغ هو نبي وإسحق نبي، المكلف بالرسالة والتبليغ هو رسول وغير المكلف هو نبي والنبي قد يكون رسولاً وقد يكون غير رسول. لما في القرآن يقول يا أيها الرسول ينظر فيها إلى جانب التبليغ (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ (67) المائدة) فالنبي أعم وقد يكون رسولاً فقد يستعمل في جانب الرسالة والدعوة والتبليغ وقد يستعمل في جانب آخر في الجانب الشخصي في غير التبليغ مثال: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ (67) المائدة) (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ (41) المائدة) النبي عامة (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ (65) الأنفال) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّمَن فِي أَيْدِيكُم مِّنَ الأَسْرَى (70) الأنبياء) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ (73) التوبة) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ (28) الأحزاب) (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ (1) التحريم) هذا شيء شخصي بينه وبين أزواجه. إذن النبي عامة. القرآن يستخدم يا أيها الرسول إذا كان يتكلم في أمر الرسالة والتبليغ والنبي عامة. *ما الفرق بين رضوان ومرضاة؟ الرضوان هو الرضى (الرضوان مصدر) ولم يستعمل في القرآن كلمة الرضوان إلا رضى من الله تعالى أما المرضاة فتأتي من الله ومن غيره والرضوان هو أعظم الرضى وأكبره فخصّه بالله سبحانه وتعالى أما مرضاة فليست مختصة بالله تعالى وإنما تأتي لله تعالى ولغيره (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ (207) البقرة) (تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ (1) التحريم) أما الرضوان فهو لله تعالى فقط، خاص بالله تعالى. والرضوان أعلى من الجنة وفي الأثر أنكم لتحتاجون إلى علمائكم في الجنة كما تحتاجون إليهم في الدنيا، فقالوا كيف يا رسول الله؟ قال يطُلّ الله تعالى على عباده أصحاب الجنة فيقول سلوني، فيحارون ماذا يسألونه وكل شيء موجود فينظر بعضهم إلى بعض فيذهبون إلى علمائهم يقولون ما نسأل ربنا؟ فيقول العلماء سلوه الرضى. الوقفة كاملة
١٠٥ *(وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى)* اختلف المفسرون في معنى كلمة الآخرة فمنهم من قال انها ما هو غير الدنيا بمعنى الدار الآخرة. وقسم قال انها كل ما يستقبل من الحياة على العموم كما جاء في قوله تعالى (فاذا جاء وعد الآخرة ...) الآخرة هنا ليست في القيامة. الآخرة في سورة الضحى جاءت مقابل الاولى ولم تأت مقابل الدنيا فلم يقل وللآخرة خير لك من الدنيا. ومعنى الآية ان ما يأتي خير لك ايها الرسول مما مضى اي من الآن فصاعداً فيما يستقبل من عمرك هو خير لك من الاولى وأكد ذلك باللام في كلمة وللآخرة. وقد حصل هذا بالفعل فكل ما استقبل من حياته  خير له مما حصل . *لماذا لم يقل خير لك من الدنيا؟ لأنه لو قالها لما صحت إلا في الآخرة فكأنما حصر الخير في الآخرة فقط ونفى حصول الخير فيما يستقبل من حياته  وهذه الآية توكيد لما سبقها في قوله تعالى (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى). *لماذا قال تعالى (لك) ولم يقل وللآخرة خير من الاولى؟ هذه السورة وسورة الشرح هما خاصتان بالرسول  وهو المخاطب المباشر بهما ولو قال تعالى وللآخرة خير من الاولى لما صح هذا القول لانه سيكون عاما للناس جميعا وهذا ما لا يحصل وعندها ستفيد الاطلاق ولا يصح على عمومه لان بعض الناس آخرتهم شر لهم من اولاهم ولا يصح هذا الكلام على اطلاقه انما لا بد من ان يخصص المعنى وهو للرسول الكريم  بالذات ولهذا قال تعالى (وللآخرة خير لك من الاولى) . *(وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)* *ما هي علاقة هذه الآية بما سبقها من الآيات؟ سوف دالة على الاستقبال وقد سبق ان قال تعالى وللآخرة خير لك من الاولى وهي تدل ايضا على الاستقبال وجاء ايضاً باللام في (ولسوف) واكده بنفس التوكيد باللام في (وللآخرة) الوقفة كاملة
١٠٦ آية (176-178): *ما الفرق بين خواتيم الآيات في سورة آل عمران (وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئًا وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177) وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (178))؟(د.فاضل السامرائى) نقرأ الآيات ونوضح سبب الاختيار. (وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176)) ذكر أن هؤلاء يعجلون في الكفر، يسارعون في الكفر فربنا هددهم يريد الله أن لا يجعل لهم حظاً في الآخرة لا في الآخرين فإذن ذكر العذاب العظيم وهو أشد العذاب. إنما الآية الأخرى (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئًا وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177)) الذي يشتري بضاعة يطلب الربح فإذا خسر يتألم، إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان يعني تركوا الإيمان واشتروا الكفر خسروا والخاسر يتألم فله عذاب أليم. (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (178)) هؤلاء أملى لهم من المال والرزق والسعة يملي لهم ما هو خير لهم في ظاهره ما يفخرون به وما هو يعتزون به وقد يستطيلون على خلق الله، هذا المستطيل يُهان فجاء بصفة ضد ما كان يصنع في حياته الدنيا، كان يعتز ويفخر فيهان. العذاب متحقق في الثلاثة لكن كل واحدة تناسب ما قيل فيه ومن قيل فيه. *ما اللمسة البيانية فى قوله تعالى(وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176) آل عمران)؟ (ورتل القرآن ترتيلاً) انظر إلى هذه الاستعارة التمثيلية لحال أهل الكفر والنفاق والتي قوّاها تعدية المسارعة بـ (في) عوضاً عن (إلى) فقال تعالى (يسارعون في الكفر) ولم يقل إلى الكفر. وبيان ذلك أنه شبّه حال حرصهم وجدّهم في تكفير الناس وإدخال الشك على المؤمنين بحال الطالب المسارع إلى تحصيل شيء يخشى أن يفوته. فأفادت يسارعون في الكفر أنهم لم يكتفوا بالكفر بل توغلوا في أعماقه. الوقفة كاملة
١٠٧ *ما الفرق بين (فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ (49) آل عمران)و(فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي (110) المائدة)؟ يقول تعالى (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ (49) آل عمران) ومرة قال (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي (110) المائدة) فيها ومرة قال فيه كهيئة الطير عندنا طير وعندنا هيئة الطير. الطير كالحمامة العصفور خلقة الله يعني سيدنا عيسى وطبعاً سيدنا عيسى عليه السلام كل نبي بطل في شيء سيدنا يوسف بطل في العفة، سيدنا أيوب بطل في الصبر، سيدنا موسى بطل في العزم، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بطل في الأخلاق، سيدنا عيسى بطل المعجزات، طبعاً إذا استثنينا القرآن الكريم ومعجزات سيدنا موسى ما في نبي مثله هو معجزة ووجوده معجزة حياته معجزة وهو لم يمت فسيدنا عيسى طبعاً ليس فناناً تشكيلياً هل ممكن أنه يصنع من الطين كما نراها مصنوعة في الأسواق في الأنتيكات فعلاً يصنعون هذه الطيور كتماثيل الصقور كأنها صقور حية فرب العالمين يقول له اعمل الطير بالطين أي كلام كهيئة وليس هيئة كهيئة الطير فأنا سأعمل لك إياها بعد ما عملته أنت بيدك أعمله طير بالضبط فأنت بالهيئة تنفخ في الطير تنفخ في أي شيء يطير فمرة قال تنفخ فيها في هذا الذي يشبه هيئة الطير أنت لم تخلقه ولم تصنعه فأنت لست فناناً ولا نحاتاً ولا مثّالاً وإنما تعمل بالطين كهيئة الطير فرب العالمين أصلح الهيئة وعملها طير ونفخ فيها فإذا كان الضمير يعود على الهيئة هذا فيه إعجاز، إعجازياً إعجاز هذه الهيئة الملخبطة التي عملها سيدنا عيسى عجنها عجيناً نفخ فيها وصارت طيراً ولما رب العالمين يصحح هذه الهيئة التي صنعها سيدنا عيسى بشكل إعجازي (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى (17) الأنفال) النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حصى ورماها ورمى كل واحدة بعين هل النبي أوصلها؟ لا لكن الله هو الذي رمى. أنت عجنت لكن الله هو الذي صلحها لك مرتين مرة سواها كالهيئة ومرة سواها طير فأنت إن كان هيئة تنفخ فيها وتصبح طيراً وإذا كان طيراً تنفخ فيه وكل واحد منهما له إعجازه الخاص فأنت في معجزتين في هذه الحالة، إذاً في النفخ في الهيئة والنفخ في نفسك. هذا القرآن من إعجازه إذا أحببته إذا أنت تعودت على التنقيب فيه هو يعطيك نفسه فنحن نقول لا كبير فنحن نقول جزء وناس قبلنا قالوا جزء وسيأتي بعدنا إلى يوم القيامة جزء ويوم القيامة سوف نكتشف أننا كنا نسبح على الشاطيء لم ندخل العمق وعمق القرآن لا يدركه إلا نبي. الوقفة كاملة
١٠٨ قوله تعالى : " وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) " طه : 39 . إن كلام الله لا يماثله كلام ؛ فهو أبلغ من أن يباري , و اسمي من أن يجاري , هل نعم أمعنا النظر في هذه الآية العظيمة ؟ : " وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي " أيكون المراد : أحببتك ؟ أم : جعلت الناس يحبونك ؟ أم : أنزلت القبول لك في الأرض ؟ وأقول : ما تفكرت في القرآن الكريم , وتدبرت آياته , إلا رثيت لحال مترجمي معانيه إلى اللغات الأخرى ؛ لأنهم لا يملكون إلا أن ينقلوا إليها معنى واحدا فقط , وآيات الله في كثير من الأحايين تدل على أكثر من معنى , ألم يختلف المفسرون في المراد بهذه الآية ؟ قال ابن عطية - رحمه الله - : " ... ثم أخبر تعالى موسى أنه ألقي عليه محبة منه , فقال بعض الناس : أراد محبة آسية ؛ لأنها كانت من الله , وكانت سبب حياته , وقالت فرقه : أراد القبول الذي يضعه الله في الأرض لخيار عباده ,وكان حظ موسى منه في غاية الوفر , وقالت فرقه : أعطاه جمالا يحبه به من رآه , وقالت فرقة : أعطاه ملاحة العينين ..... ". وأقول : تدبروا قوله : " وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي " , تجدوا أنه استعمل الإلقاء , ونكر المحبة , و خصصها بكونها منه عز وجل , فلم يقل : ( وأحببتك ), ولا : ( جعلت الناس يحبونك ) , ولا : ( ألقيت عليك المحبة ) ؛ وذلك - والله اعلم - ليشمل كل الصور المتوقعة , وهذا من إعجاز كلام الله - جل جلاله - , قال أبو حيان التوحيدى - تجاوز الله عنه - : " و سمعت ابن سمعون الصوفي يقول : ما يقف البشر على بعد غور قول الله تعالى لكليمه : " وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) " , فإن في هاتين الكلمتين ماله ما لا يبلغ كهنه , ولا ينال آخره , ولو أن أرق الناس لسانا , وألطفهم بيانا , أراد أن يتوسط حقيقة هذا القول , لم يستطع , و عاد حسيرا , ونكص بهيرا , وبقى عاجزا . ثم قال : اللهم حبب بعضنا إلى بعض , واجمع شملنا إلى رضاك عنّا , مع إحسانك إلينا , إنك أهل ذلك , والجواد به " . ونقل أبو حيان أنه قيل : " إذا أحب الله عبدا ألقي مودته على الماء , فلم يشرب منه أحد إلا أحبه , وإذا أبغض الله عبدا القي بغضه على الماء , فلم يشرب منه أحد إلا أبغضه " الصداقه والصديقين : 212 . وجماع الأمر كله ما رواه الإمام البخاري - رحمه الله - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال : " إذا أحب الله العبد نادي جبريل : إن الله يحب فلانا فأحببه , فيحبه جبريل , فينادي جبريل في أهل السماء : إن الله يحب فلانا فأحبوه , فيحبه أهل السماء , ثم يوضع له القبول في الأرض " . الوقفة كاملة
١٠٩ قوله تعالى:﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِين﴾[الجمعة: 11]. جاء التعبير بـ﴿ إِذَا ﴾ الشرطية الدالة على تحقق الوقوع؛ لأن الشرط وجزاءه قد وقعا قبل نزول الآية, حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلميخطب بأصحابه خطبتي الجمعة بعد صلاتها, إذ جاءت تجارة من الشام, فأنصرف كثير من الصحابة – رضوان الله عليهم- نحوها, وتركوا الرسول صلى الله عليه وسلم مع قليل من أصحابه. فنزلت الآية, فهي إخبار عما سبق. وههنا وقفة يسيرة مع قوله: ﴿انْفَضُّوا إِلَيْهَا ﴾, فالأصل في الضمير أن يعود على أقرب مذكور, وهنا الضمير الذي جر بـ(إلى) كان الأصل فيه أن يعود على اللهو, فيقال(انفضوا إليه)؛ لأنه الأقرب, ولكنه عاد مؤنثاً إلى التجارة, وإن كانت أبعد, فقال: ﴿انْفَضُّوا إِلَيْهَا ﴾. وللعلماء في تعليل ذلك أقوال, منها: أن التجارة أجذب للقلوب, وأشغل لها عن طاعة الله من اللهو, وأن المشتغلين بالتجارة أكثر عدداً من المشتغلين باللهو, أو لأنها أكثر نفعاً من اللهو, فهي أصل, وهو تبع لها, وكذلك إذا وقع النهي عن الانشغال بالتجارة – وهي مباحة- عن ذكر الله فالتحذير من الانشغال باللهو – وهو غير مباح – يكون من باب (الأولى), وليس العكس كذلك, ثم إن التجارة كانت سبباً في انفضاض الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهو يخطب يوم الجمعة, وبسببهم نزلت الآية, فناسب تقديم ما كان سبباً على ما جاء تبعاً, وهو ضرب الطبول, أو اللهو. والذي أراه أن الضمير يمكن أن يرجع إلى التجارة واللهو معاً, لكن لم يعد مذكراً لتدخل التجارة أيضاً, ولو عاد مذكراً لاقتصر على اللهو, ولم يغلب المذكر على المؤنث – كما هي عادة العرب-؛ لأن اللهو غير عاقل. والله أعلم. وتحسن الإشارة هنا إلى أن لتكرار حرف الجر﴿مِنَ ﴾ في قوله: ﴿مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ﴾فائدة, هي قطع إمكان الظن بأن ما عند الله خير من التجارة واللهو مجتمعين فقط, فبتكرار حرف الجر دلت الآية على أن ما عند الله من الرزق والثواب خير من اللهو, وخير من التجارة, منفردين, أو مجتمعين. والله أعلم. الوقفة كاملة
١١٠ قوله تعالى : فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ] المائدة : ۱۳] إن (ما ) في قوله : وفيما نقضهم که زائدة، وجاءت زيادتها لإفادة الحصر، فكأنه قال : ما لعناهم إلا بسبب نقضهم میثاقهم. وتأمل قوله : ويحرفون الكلم عن مواضعه و تجده بيانا لقسوة قلوبهم؛ لأنه لا قسوة أشد من الافتراء على الله وتغيير وحيه والتعبير بالفعل المضارع او يحرفونه يدل على استمرارهم في التحريف، لكن جاء التعبير عن تصيير قلوبهم إلى القسوة قبله، وعن النسيان بعده ، جاء بالماضي: وجعلنا ونسوا ؛ لأنهما قد حصلا، فلا يتجددان، فإذا حصلت القسوة والنسيان فلا يزولان إلا مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية : مرقق ومذكر وتدبر قوله : ( ولا تزال تطلع على خائنة منهم فهو من البلاغة بمنزلة لا يمكن أن يبلغها فصیح بليغ مفوه؛ فهو عبر بالفعل المضارع وتزاله الذي يدل على التجدد والاستمرار، ثم أدخل عليه (لا) التي تدل على أن الخيانة سجني فيهم وطبع، فصارت جزءا من مقومات حياتهم، كالطعام والشراب لهم ولغيرهم، فالمعنى : إن الله ما لعن اليهود إلا بسبب نقضهم الميثاق الذي أخذ عليهم منذ عهد رسول الله موسى ، وصير قلوبهم قاسية لا تشعر بذنب، ولا يردعها زاجر، يبدلون کلام الله، ويمتهنون الرذائل، حتى صار من طبعهم امتهان الخيانة دون خوف ولا وجل. والله أكبر ، ما أبلغ كلامه!!! الوقفة كاملة


إظهار النتائج من 101 إلى 110 من إجمالي 314 نتيجة.